محمود عبد الفتاح: توجهت لأبحث عن شقة فى ديوان المظالم و«لبسونى قضية»
«الظابط فى ديوان المظالم قال لى ما تكتبش بسم الله الرحمن الرحيم فى أول الشكوى، سألته ليه؟.. فرد عليا بأنها كلها بتتقطع وتترمى فى الزبالة، قلت: ده الريس اللى عامل الديوان وقال للناس تيجى هنا.. قال لى: الريس يقول زى ما هو عايز».. . بتلك العبارات روى «محمود عبدالفتاح»، المتهم الأول الحاصل على البراءة فى قضية إهانة موكب الرئيس مرسى، قصته للوطن، وحكى عن مأساته فى أكثر من 25 يوماً اعتصم فيها أمام القصر الجمهورى بحثاً عن شقة تخيل أن الرئيس سيوفرها له ولأمثاله من معدومى الدخل، بناء على برنامج الرئيس الانتخابى، وخطاباته بعد الفوز.[Image_2]
«محمود»، 51 سنة، من مدينة الإسكندرية، تحمل ملامحه علامات الفقر والحاجة، ينظر دائماً إلى الأرض وهو يتحدث، أهانه الضباط والجنود، وحتى الموظفون المدنيون فى سجن طرة -وقت أن كان محبوساً على ذمة القضية- الجميع اعتبروه مجرماً وعاقبوه مقدماً قبل تقديمه للمحاكمة، وهو ما أكده فى حواره لـ«الوطن»، مشيرا إلى أنه خسر عمله الوحيد، «عامل معمار» أو «فاعل» بلغة أولاد البلد؛ لأن المقاولين الذين كان يعمل معهم قالوا له بعد الإفراج عنه: «مش هينفع نشغلك معانا تانى.. مش عاوزين مشاكل.. ودول مش أى حد»، وأغلقوا أبوابهم وهواتفهم فى وجهه، دون عمل يوفر له وزوجته ونجلتيه الشابتين أقل مستلزمات الحياة.
يقول محمود: «أنا ما أذنبتش عشان اتحبس ويتقطع عيشى، حتى شقتى اللى مأجرها من لواء على المعاش مش عارف أدفع إيجارها.. ومش هى دى الحرية اللى كان بيقول عليها الريس قبل ما ينجح فى الانتخابات.. أنا انتخبت شفيق ورفضت كرتونة سمنة ودقيق وسكر وزيت وقت الانتخابات، رغم أننى كنت محتاجاً لكل حاجة فيهم.
وأضاف أنه كان يتخيل أن الرئيس -كما قال فور فوزه- رئيس لكل المصريين، وأنه خادم للشعب و«أجير» عند المواطنين، فقرر التوجه لقصر الرئاسة لتقديم مظلمته إليه لعله يحل له إحدى أزماته.
وأوضح محمود أنه عندما سمع بأمر ديوان المظالم كتب شكوى وقدمها وطلب خلالها توفير شقة بأى مساحة وفى أى مكان ترحمه من 300 جنيه شهرياً قيمة إيجار شقته بمنطقة (عبدالقادر) ويعيش فيها مع زوجته «نجلاء»، ونجلتيه «شيماء»، 19 سنة، و«أسماء»، 17 سنة، وأكد أنه لم يطلب «تكييف» ولا «شاليه» ولا أياً من وسائل الرفاهية، لكنه فوجئ بمعاملة سيئة من المسئولين عن الديوان، والحراسة الموجودة عند القصر، فقرر الاعتصام أمام القصر خاصة بعد تأكيد أحد الضباط له بأن تلك المظالم لا حل لها وأن مصيرها صناديق القمامة، وأنه يوم الواقعة، تظاهر كالمئات غيره أمام القصر، ورفع حذاءه مع جميع الموجودين ولم يلق أى شئ تجاه الموكب، لكنه كان فقط يعبر عن غضبه بشأن أحداث سيناء التى راح فيها عدد من الجنود على الحدود فى رفح، وهو ما زاد من غضب واستياء الجميع.
يكمل: «لقيت الضباط جايين وخدونى أنا والثلاثة المتهمين اللى كانوا معايا، واللى أنا ما أعرفهمش أصلا غير فى الاعتصام، وقالنا تعالوا عاوزينكوا بس دقيقة واحدة وارجعوا تانى.. خدونا على غرفة الحرس فى القصر من جوه، عملولنا محضر، وخدونا منها على معسكر السلام للأمن المركزى، وبعدها رحنا النيابة، ومنها على طرة، وهناك أول ما دخلنا قابلنا موظف دقنه طايلة نصف بطنه، وكان عارف احنا جايين فى القضية دى، طلب منى أقلع الشبشب.. خده وضربنا بيه على وجوهنا، ودماغنا، ونزل العساكر فينا ضرب بمواسير بلاستيك وكنا هنموت فى إيديهم».
ووجه محمود رسالة للدكتور «محمد مرسى» قال فيها: «يا ريس اتق الله فى الغلابة اللى ما يعرفوش قروض ولا سياسة ولا بيلبسوا بدل ويعملوا بتوع حقوق إنسان.. الناس اللى مش لاقيين رغيف العيش الحاف.. وكان مفروض تعفى عنا لإننا ما عملناش حاجة بس عشان القضاء نزيه وشريف طلعنا براءة.. وأنا بناتى الاتنين ما دخلوش مدارس زى ولادك لأنى مش قادر أصرف عليهم».
وقال عزب مخلوف محامى المتهم لـ «الوطن» إن الإخوان المسلمين والتيارات الإسلامية هم أول من رفعوا الأحذية فى وجه مبارك وكان فى سدة الحكم، ومنهم صفوت حجازى والبلتاجى، فى ميدان التحرير، وبعدها تم رفع الأحذية فى وجه مبارك فى المحاكمة، ولم يقم مبارك بمقاضاتهم، ولم تحرك النيابة دعوى ضد أحد منهم.