"فرانس برس": أزمات دول "الربيع العربي" تكشف فشل العالم في إرساء الأسس السياسية
يقول رئيس الاتحاد البرلماني الدولي إن الأزمة في العراق والنزاعات من أجل الديموقراطية في دول الربيع العربي كشفت فشل جهود الأسرة الدولية في المساعدة على إرساء الأسس السياسية.
وقال أندرس جونسون، في مقابلة مع "فرانس برس"، إن "كل الأطراف الفاعلة الكبرى أخطأت مرات عدة عندما اعتبرت أن الانتخابات تشكل ذروة العملية الديموقراطية بدلا من بدايتها". ويضم الاتحاد البرلماني الدولي الذي يترأسه جونسون 164 برلمانا ويسعى إلى تحسين التمثيل النيابي الديموقراطي في مختلف أنحاء العالم.
ومن المقرر أن يتقاعد "جونسون" السويدي الجنسية الثلاثاء بعد 16 عاما على توليه هذا المنصب.
وصرح "جونسون": "لقد شهدت ذلك مرات عدة"، مضيفا أن الأسرة الدولية تنفق مليارات الدولارات لتمهيد الطريق لتنظيم انتخابات حرة لكنها تفشل في مساعدة البرلمانات الجديدة على تثبيت أسسها.
وأضاف "جونسون": "هناك ميل لاعتبار الانتخابات التشريعية وسيلة لتبرير وجود الحكومة أو إضفاء الشرعية عليها وتناسي الباقي".
وتابع: "لكن المؤسسات البرلمانية هي المكان الذي يفترض أن يكون منبرا لكل فئات المجتمع لتعطي رأيها حول كيفية تطبيق سياسات الحكومة".
وأعرب "جونسون" عن تأييده للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي قال إن العراق وغيره من المناطق التي تشهد نزاعات يجب أن تعيد النظر في طريقة حكمها لنزع فتيل التوتر بين فئات مجتمعها قبل أن تخرج عن السيطرة.
ويشن المقاتلون السنة المتطرفون في "الدولة الإسلامية في العراق والشام" هجوما كاسحا سيطروا فيه على مناطق عدة من شمال وغرب العراق وباتوا يهددون الحكومة المركزية التي يهيمن عليها الشيعة وتحكم البلاد منذ إطاحة نظام صدام حسين في 2003.
وزادت هذه الأزمة من توتر العلاقات بين المجموعات الثلاث الأساسية للمجتمع العراقي، أي السنة والشيعة العرب والأكراد.
وفي ليبيا، لا تزال تشهد توترا بين مختلف الفئات بينما تونس تواجه انعداما في الاستقرار.
وقال بان الأسبوع الماضي في جنيف إنه "منذ بدء الربيع العربي أشدد أمام كل القادة المعنيين على ضرورة الإصغاء بدقة إلى مطالب شعوبهم". وأضاف أن "قسما كبيرا من هذه المشكلة مرده إلى أن القادة يعتبرون الأمر محسوما بمجرد انتخابهم أو توليهم الحكم".
وتابع: "إلا أن الشرعية تأتي من الانتخابات ومن الحوكمة الجيدة واحترام حقوق الإنسان ومد اليد إلى كل الناس أيا كان انتماؤهم الإتني أو الديني".
وحذر بان كي مون من أن المجموعات التي لديها شكاوى يمكن أن تربة خصبة للتطرف. ورأى "جونسون" أن تغييرا جذريا بات ضروريا والأنظمة الديموقراطية الحالية يجب أن تقدم المساعدة لكن دون أن تفرض شروطها.
وقال: "لا بد من وجود أسلوب مختلف للسياسة ولضمان أنه ما زال لدينا بعد الانتخابات عملية شاملة (لكل الأطراف) يتاح لها العمل وتحصل على الدعم اللازم للاستمرار في العمل".
وأوضح: "إحدى المشاكل هي أن ذلك يعتبر أمرا سياسيا لأن الناس يقولون (سنشارك الآن في العمليات السياسية)". وتابع: "إنه أمر مكلف أيضا. فهذه الأمور لا تأتي بثمن زهيد"، مؤكدا أن الأمر يستحق الاستثمار عندما يكون الاستقرار الدولي هو النتيجة.
إضافة إلى ذلك، بعض الحكومات يمكن أن تبدي ترددا في قبول برلمان قوي يمكن أن يكون له دور رقيب فعلي على نشاطاتها، على حد قوله.
وقال "جونسون" إن الفشل واضح أيضا في أنظمة ديموقراطية قائمة حالية، مشيرا إلى الميل الشعوبي في أوروبا بعد الأزمة المالية.
وأوضح أن الناخبين يشعرون بتغيير قليل رغم الانتخابات وبأنهم بعيدون عن الطبقة السياسية فيلومون الأحزاب لأنها تحد من عدد مرشحيها. وحذر من أن "القادة لا يفهمون فعليا موقف المواطنين من العملية وبرأيي هناك مشكلة حقيقية وجدية في هذا الأمر".
كما ندد جونسون بمجموعات الضغط. وقال: "لم يعد لديها حجج تقريبا وبات المال هو الوسيلة الأساسية خصوصا وأنه متوفر بشكل كبير". وختم بالقول: "لم نستخلص أي عبر من الأزمة المالية في 2008، ولا نزال بعيدين عن إيجاد عالم أفضل عما كنا عليه قبل الأزمة".