الداعية الإسلامى الكبير يواصل الرد على الملحدين| «الحبيب الجفرى»: بعض «السؤال» حرام

كتب: محررو «الوطن»

الداعية الإسلامى الكبير يواصل الرد على الملحدين| «الحبيب الجفرى»: بعض «السؤال» حرام

الداعية الإسلامى الكبير يواصل الرد على الملحدين| «الحبيب الجفرى»: بعض «السؤال» حرام

«خيرى»: فى الأيام الثلاثة الماضية حرصنا أن ندخل مباشرةً مع نموذج لشاب ملحد، قبل أن نتكلم عن معنى الإلحاد أو ندخل فى هذا المفهوم وما يستتبعه وما يسبقه، دخلنا مباشرةً، وهى كانت محاولة بأن تشاهدوا الصورة مجسّدة وتشاهدوا النموذج حتى نعرف ما الأسباب، حتى نعرف متى نشأت هذه الفكرة، كيف تكونت، إذا راودنى شىء من الشك، هل معنى هذا أنى ملحد؟ هذا هو موضوع حلقتنا اليوم مع فضيلة الداعية الإسلامى الحبيب الجفرى، أهلاً وسهلاً سيدى. الجفرى: حياكم الله وبارك فيكم. خيرى: اسمح لنا حضرتكم، عندنا تقرير لمجموعة من الآراء تتكلم فى الإلحاد! ما الإلحاد؟ ناس كثير سمعتنا وشاهدتنا من البداية دون ما تسأل نفسها هو الإلحاد بمعنى الكفر وخلاص. أنا مُلحد! أنا مُلحد! أنا مُلحد! البعض يقولها صراحةً والبعض يقول أنا أشك والبعض يقول أنا لا أدرى، هذه الخارطة مجهولة بالنسبة للكثيرين وحتى السادة المشاهدون الذين يشاهدون يتساءلون: ما الإلحاد؟ الجفرى: الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد، الجذر اللغوى لكلمة الإلحاد لحد ألحد، بمعنى مال عن المسلك، مال عن الطريق، مال عن الجادة، ولهذا يسمون القبر نوعا من أنواع الدفن اللحد لأنه يحفر هكذا ثم يميل هكذا إلى الداخل، فالإلحاد فى الأصل هو الميل عن الجادة، عن الطريق، عن الصواب بمعنى عن الصحيح. خيرى: إذن الذى يقول أنا ملحد، يقول أنا أحيدُ عن الصحيح. الجفرى: هم أخذوه اصطلاحاً، وبعضهم تنبّه إلى أصل الجذر اللغوى، فبدأ يرفض كلمة مُلحد، لكن من السائد أو من الشائع أو حتى عند العرب، بل حتى فى الشريعة أن هناك جذراً لغوياً وهناك اصطلاح. استخدم لفظ مُلحد على من لديه إشكالية عقدية سابقاً، ثم تطورت لتطلق على نوعين فقط ممن لديهم إشكاليات أو تساؤلات عقدية، النوع الأول الذى ينكر وجود الله سبحانه وتعالى. والنوع الثانى الملقب باللاأدرى، وهو اختيار فكرى عن كون المرء لا يدرى هل يوجد رب أم لا؟ والبعض أضاف إليهم القسم الثالث، وهو الربوبية يؤمن بوجود الله لكن يلحد بوجود الدين، لكن دعنا نتفق على تقسيم من هذه التقسيمات كلها حتى لا نتشتت. الموجود الآن من خلال التقسيم الواقعى الذى أمامنا، لدينا متسائل، ولدينا صاحب شك، ولدينا ربوبى كما يسمونه أو لادينى، يؤمن بوجود الله لكن لا يؤمن بالدين، ويعتقد أن الله سبحانه وتعالى خلق هذا العالم ثم تركه وشأنه. عندنا المتسائل، عندنا المتشكك، عندنا اللاأدرى، وعندنا الربوبى والملحد. خيرى: سيدى، الإلحاد قد يصل بالإنسان إلى آخر خطوة مباشرة ويبدأ بالإلحاد، ولكن أنا معنى بالمتسائل، الشخص العادى الذى يبدأ منذ صغره وهو يسأل. هل تجوز الأسئلة؟ الجفرى: هنا حصل خلط كبير لدى الناس، وله أسباب. السؤال هو أساس المعرفة. كان سيدنا عبدالله بن عباس، رضى الله عنهما، عندما يسأل عن سعة علمه، قالوا كيف نلت هذا العلم؟، فيقول: نلته بلسانِ سؤول وقلب عقُول، أحسن السؤال وأحسن الإصغاء وزن الجواب وتعقل هذا الجواب والأخذ به. هناك من الناس من ظن أنه يمكن أن يكون صاحب قلب عقُول دون أن يكون لديه قدرة على السؤال. خيرى: نعم. الجفرى: فكيف يعقل أو يفهم أو يعى ما لم يسأل عنه كما أن هناك طرفاً آخر تطرف، يرى أن من حقه أن يسأل، فينطلق يسأل، يسأل دون أن يتعقل الجواب، هو على طول الخط قد يطرح أسئلة، أسئلة، أسئلة دون أن يتوقف لحظة، لينصت للجواب، فيتعرف إلى المشكلة. شخص آخر هو الذى استحضر السؤال عن مفهوم الخطيئة ليس فى لحظة تفكُّر، لكن فى لحظة رغبة فى الوقوع بالخطيئة فهو بلحظة الضعف هذه لم يستطع أن يمنع نفسه من الخطيئة، فلقاء إنكار لكونها من خطيئة، كالذى يعيش حالة من الإنكار ليخرج مما هو فيه. إبليس عوضاً عن أن يعترف أنه أخطأ حاول أن يحتج لخطئه بقوله «أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِى مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ». إذن السؤال هنا خاطئ ومضر، لماذا السؤال مضر؟ لأنه تلبيس عن النفس، هو لم ينتج عن إرادة المعرفة، السؤال هنا نتج عن إرادة تبرير الضعف. أعيدها للمرة الأخيرة، شخص يفكر وهو فى حالة استقرار نفسى وعاطفى وعقلى: لماذا الزنى محرم؟ أليس من حق الإنسان أن يكون له حرية شخصية؟ خلاصة هذا المبحث، أن السؤال أحياناً يكون واجباً. لكن السؤال متى يكون محرماً؟! عندما يكون لإرادة، وهذا لا نستطيع أن نحكم به على أحد، لكن صاحبها يعلمها من نفسه، عندما يطرح السؤال ونيته خلط الحق بالباطل. خيرى رمضان: نعم. الجفرى: هو يسأل ليس للوصول إلى معلومة، هو سأل لخلط الحق بالباطل، هو سأل عندما شعر أن الشخص الذى يناقشه بالجزئية لن يستطيع الجواب، ولو شعر أنه قوى وقادر على الجواب لما سأله هذا السؤال، هنا تلاعب بالحقيقة، هنا فى هذه الحالة يكون السؤال محرّماً لأنه أخلاقياً لم يقم على أساس النفع. خيرى: متى يقود السؤال إلى الإلحاد بالفعل؟ أو متى أقلق؟ ومتى كشاب ليس لدىّ معلومات، ليس لدىّ وسائل اتصال أستقى معلوماتى من النت، أدخل على تفاسير وأقرأها، أجد تناقضات، أقرأ للمستشرقين؟ أو متى أقلق وأنا أسأل هذه الأسئلة؟ الحبيب على الجفرى: هى المسئولية مشتركة بين السائل والمسئول عن الإجابة فيما يتعلق بالخطاب الشرعى، لا بأس، أنت بدأت بالسائل. القلق الحقيقى ينبغى أن يكون عند السائل، عندما يجد أنه يحيد عن السؤال فى إطار المعرفة إلى السؤال فى إطار التبرير. خيرى: نعم. الحبيب على الجفرى: هذا أخطر ما يكون. عندما أسأل وأسأل وأسأل أنا أريد أن أصل إلى نتيجة مسبقة، وهى الخروج عن التكليف والفرائض لأرتاح، أنت فى هذه الحالة لست بباحث عن الحقيقة. الجزئية الثانية فى حرص الشاب على المنهجية العلمية فى السؤال وفى تلقى الجواب. هناك منهجية عقلية توصل إليها البشر ليست خاصة فقط بالدين. أولها التثبُّت بمعنى لا أستطيع أن أبنى معلومة تحدد مصيرى وحياتى ومعتقدى من خلال كلمتين قرأتهما بالنت فى الشبكة، ولا من خلال محاضرة ألقاها شخص فيلسوف، ولا من كتاب قرأته. لا بد أن أتأكد من صحة المعلومة. أحياناً تُبنى الكثير من النظريات أو النتائج على مقدمات خاطئة غير صحيحة. ولهذا عندما جلست مع بعض الشباب وجدت أنهم بنوا بعض المعتقدات الإلحادية أو اللاأدرية على فرضيات عندما ناقشناها مع بعضنا البعض بهدوء وبسكون فى تلك اللحظة، اتضح أن الأساس الذى بُنيت عليه الرؤية لم يكن صحيحاً، لذا نحتاج إلى المنهجية العلمية التى من أولى قواعدها التثبّت. من قواعدها أيضاً مراعاة التسلسل المنطقى، الذى يسمونه اللوازم. بمعنى لا آتى بشىء لا يلزم منه حصول شىء فأبنى عليه. مثال الداروينية، ولن أتكلم بتفاصيلها لكن الداروينية البعض فهم منها أن من لوازمها الإلحاد. الربط هنا ليس علمياً بمعنى الخوض بنظرية داروين القديمة والحديثة، هو مجال علمى، علم الأحياء، والخوض فيما يتعلق بصلتها بالدين، ليست مسألة من علوم الأحياء لكنه من الفلسفة، من المنطق، من علم الكلام. بمعنى من الذى يجعل الداروينية مثلاً دليلاً على الإلحاد، إنهم يعتقدون أن من مقتضيات الداروينية أن آدم لم يُخلق من طين كما ورد فى الآيات القرآنية، وبالتالى نرد الآيات القرآنية. هذا يُسمى لزوم ما لا يلزم. لأن الذى تثبته هذا النظرية عند من اعتبرها صحيحة هو أن نوع الإنسان قابل للتنوع، لكنها لا تستطيع أبداً أن تثبت أن آدم كان جزءاً من هذا التسلسل من الانتقال النوعى. إذن لا يوجد هنالك ما يلزم، لكن أصبح الناس يأخذونها بعدم دراسة بالمنطق ولا علم الكلام، العلوم العقلية، إذن التأكد من منطقية السؤال ومنطقية الجواب الذى يترتب عليه. النقطة الثالثة هى البحث عن السؤال الصحيح وليس السؤال الخطأ، الذى يبنى على خدعة عقلية لم يتنبه إليها الإنسان. خيرى: نعم. الجفرى: كأن يقال المدخل الصحيح إلى البيت من الشباك اليمين أو الشباك اليسار؟! المدخل الصحيح من البيت من الشباك اليمين أو الشباك اليسار؟! إذن السؤال كان خطأً. المدخل الصحيح من البيت أهو من الشباك أم من الباب؟ هنا السؤال الصواب. هذه بعض جزئيات عدم الحكم على الكلى بجزئى لا يكتمل به الحكم. ولا أريد أن أغرق أكثر فى الرؤية العلمية أو المنهجية العلمية، لكن الخلاصة من ذلك أن السائل يكون مستفيداً عندما يأخذ المسلك العلمى فى السؤال. النقطة الثانية عندما يسأل الشخص المنوط به السؤال، بمعنى صاحب التخصص، فلا أستطيع أن آتى إلى كيميائى لم يدرس الأحياء وأسأله فى الأحياء أو بالفلسفة أو بالتاريخ. كذلك لا يتأتى أن آتى لإمام مسجد فأسأله فى الأسئلة الكبرى، الأسئلة الوجودية الكبرى، لأن غالب أئمة المساجد تدربوا ليصلوا بالناس ويجيبوا عن الأسئلة الأولية. الوضوء، الصلاة، مثل هذا الأمر. فإذا أتأكد أننى ذهبت للمكان الصحيح للسؤال عن مثل هذه الأمر. فى مسألة قلبية أكثر عمقاً أحتاج لأن أتأكد عند الذهاب للسؤال، قبل أن أبدأ بالسؤال، هل أنا صادق فى إرادة الوصول إلى الحق؟ أو أريد أن أؤكد شيئاً أنا أريده! أميل إليه. هل أنا ذهبت وأنا مستعد لأن أرجع عن الشىء الذى توجهت إليه وتوصلت إليه بمجرد وضوح الحق، أم لا؟ عندما يتضح الحق سأتعامى عنه وأصر على ما أنا عليه، هنا ينبغى أن يسأل الإنسان نفسه قبل أن يتوجه إلى السؤال.