"الإفتاء": يجوز الإفطار لمن يجري عملية جراحية عاجلة
أفتت دار الإفتاء بأنه يجوز للمسلم الإفطار في شهر رمضان لإجراء عملية جراحية عاجلة، لأن الله سبحانه وتعالى أباح ذلك في كتابه العزيز فقال: (فمن شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ).
وأضافت دار الإفتاء، في فتوى لها، أنه إذا كانت العملية الجراحية غير مستعجلة بشهادة الطبيب العدل، ولا خوف من لحاق ضرر أو مشقة بالمريض، أثناء أداء فرض الصيام في شهر رمضان قبل إجراء العملية، فلا يجوز الإفطار في هذه الحالة بناءً على الرأي الراجح لدى جمهور الفقهاء.
وأوضحت أن الله سبحانه وتعالى فرض صوم رمضان على كل مسلم مكلف حاضر صحيح، ورخَّص للمسافر والمريض في الفطر والقضاء بعد زوال سبب الرخصة تيسيرًا عليهما، لما تقرر في أصل الشريعة من رفع الحرج والمشقة عن المكلفين، قال عز وجل: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ).
وتابعت: "أهل العلم أجمعوا على أن المرض عذر يبيح الفطر للمريض في الجملة، وليس كل مرض عذرًا يباح معه الفطر، فمذهب جمهور العلماء أنه إنما يترخص بالفطر للمرض، وإذا كان يترتب عليه مشقة لا تحتمل عادة كأن يعجز صاحبه عن الصيام معه، أو يخشى من الصوم زيادة المرض، أو يخشى تباطؤ الشفاء؛ وذلك لأن الأمراض تختلف، فمنها ما لا أثر للصوم فيه، كوجع الضرس، وجرح الأصبع، وما شابه ذلك، ومنها ما يساعد الصوم على الشفاء منه، فلا يجوز الفطر لمثل هذه الأمراض، لأن الصوم لا يضر صاحبها ولا يشق عليه بل قد يفيده، وإنما رخص للمريض في الفطر دفعًا للأذى والمشقة عنه".
وأضافت أن العلماء اختلفوا في المرض المبيح للفطر، حيث ذهب الحسن وابن سيرين، إلى أن كل مرض يباح معه الفطر سواء وجد صاحبه مشقة أم لا، وذهب الأصم إلى أنه لا يباح الفطر للمريض، إلا لو كان إذا صام وقع في مشقة وجهد، أي لا يستطيع معه إكمال الصيام، وهذا تنزيلًا للفظ المرض على أكمل درجاته.
وذهب أكثر الفقهاء إلى أن المرض المبيح للفطر هو الذي يؤدي إلى ضرر النفس أو زيادة في العلة، إذ لا فرق في الفعل بين ما يخاف منه وبين ما يؤدي إلى ما يخاف منه كالمحموم إذا خاف أنه لو صام تشتد حماه، وصاحب وجع العين يخاف إن صام أن تفسد عينه.