مجهولون يقتلون "فتيات الليل" في العراق.. و"داعش" و"الشيعة" في دائرة الاتهام
الشقق القريبة من مسجد وحضانة أطفال في شرق بغداد لا تحمل بصمات الجريمة التي قتلت فيها 27 امرأة مساء السبت الماضي، قيل إنهن كن يمارسن البغاء، لكن الموت في هذه المدينة يحل في كل مكان.
قلائل من أهالي حي زيونة يعرفون ما حدث فعلًا في الليلة السابقة، فيما يفضل آخرون من سكان المجمعات السكنية، حيث وقعت الجريمة، تجنب أسئلة تتناول يوميات مدينة تعيش على العنف منذ 11 سنة.
ويقول وسام سامي (23 عامًا- أحد سكان الحي) متحدثًا لوكالة فرانس برس: "الناس خائفة، لا يعرفون جيرانهم، وكل فرد منهم يهتم بأمن عائلته ومنزله، قتلت بعض الفتيات بالقرب مني قبل أشهر والجيران لم يعرفوا بذلك إلا بعد أيام بسبب الرائحة".
ويضيف "لا أدري من يقوم بهذه الأعمال، داعش والميليشيات الشيعية يرتدون الزي الأسود، وبإمكان أي شخص أن يشتري زيًا مماثلًا ويزوِّر بطاقة ما".
ويسيطر مسلحو تنظيم "الدولة الإسلامية" المتطرف على مدن عدة في الأنبار وعلى مناطق واسعة من محافظات نينوي وصلاح الدين وكركوك وديالي، إثر هجوم كاسح شنَّه هذا التنظيم الى جانب جماعات سنية متطرفة أخرى قبل أكثر من شهر.
ومنذ بدء هذا الهجوم، عادت ميليشيات بينها جماعات مسلحة متشددة شيعية لتظهر في شوارع العاصمة التي هدد المسلحون المتطرفون السنة بالزحف نحوها قبل مواصلة هجومهم لبلوغ مدينتي النجف وكربلاء الشيعيتين.
وفي خضم هذا الهجوم، قتلت مساء السبت 27 امرأة وأُصيب ثمانية أشخاص على الأقل بجروح بينهم أربع نساء على أيدي مسلحين مجهولين اقتحموا مبنيين في زيونة كان يتواجد فيهما هؤلاء الضحايا.
واعتقلت قوات الشرطة عدد من سكان الحي الذي له مدخل واحد يقوم عناصر من الشرطة والجيش بالإشراف عليه، بعد وقوع الهجوم الذي تم تنفيذه بمسدسات مزوَّدة بكواتم للصوت، بحسب شهود عيان.
وشهدت منطقة زيونة، على مدار الأعوام الماضية، عمليات قتل بحق أشخاص في شقق للدعارة، حيث قتل في مايو 2013 سبع نساء وستة رجال في إحدى شقق المنطقة، وقالت مصادر أمنية حينها إن الشقة كانت عبارة عن بيت للدعارة.
وذكر مراسل "فرانس برس"، مساء السبت، أن المهاجمين كتبوا على مدخل أحد المبنيين "هذا مصير كل الدعارة".
وقال صاحب محل في الحي، رفض كشف اسمه: "إذا أطلق النار على شخص قرب شرطي، فإن الشرطي لن يتحرَّك، إنه قانون القوي والضعيف، فكيف إذا كانت الضحية امرأة تمارس البغاء؟ الله هو من يحاكمنا على كل حال".
في مقابل ذلك، أبدى سكان آخرون في زيونة تعاطفًا أقل مع ضحايا هذه الجريمة، وقال صاحب محل مجاور أيضًا رفض كشف اسمه: "الناس تعبوا من تلك الفتيات اللاتي يجذبن المجرمين".
ولم تعرف هوية الجهة التي تقف وراء هجوم أمس الأول، ولا تلك التي تقف وراء الهجمات الأخرى التي استهدفت بيوت الدعارة في هذه المنطقة على مدار الأعوام الماضية وقتل فيها عشرات من النساء والرجال.
وقال سائق سيارة الأجرة حسن أسعد (36 عامًا) الذي يعمل ضمن منطقة زيونة: "الجميع خائفون، قد يتم قتلي بسبب ذلك، لكن عليّ أن أقول إن من يقوم بتلك الأعمال هم ميليشيات شيعية، أنا شيعي وأقول ذلك، من غيرهم يسيطر على بغداد؟ سلطتهم أكبر من سلطة الشرطة".
وتابع "فتيات الدعارة يعملن هنا منذ زمن صدام، لماذا برأيكم يقمن بذلك؟ لأن أزواجهن دخلوا السجن أو قتلوا ويتوجب عليهن الآن أن يطعمن أولادهن، كيف وصل العراق إلى هذه المرحلة يا ترى؟".