"ما للعروبة تبدو مثل أرملة؟"..وخبير في الشؤون العربية: الأحداث الحالية "مخطط" بدأ منذ السبعينيات
"ما للعروبة تبدو مثل أرملةٍ؟ .. أليسَ في كتب التاريخ أفراحُ؟".. تساؤل طرحه الشاعر نزار قباني منذ سنوات طويلة في قصيدته "القصيدة الدمشقية"، تُخفى إجابته عن أجيال تتعاقب و"كل ثانية يأتيها سفاح"، اعتادت الدول العربية على سياسات ظالمة تودي بالبعض لغياهب السجون في العقود السابقة، ولكنها تشهد الآن حالة من "الهياج الدموي"، فالأيادي ملطخة بدماء أناس صافحتهم بالأمس القريب.
وصل تنظيم "داعش" أو "الدولة الإسلامية في العراق والشام" إلى ذروة العنف في سوريا، مخلِّفًا مئات القتلى، آخرهم في الشهر الجاري، حيث نفذت حد الرجم بحق امرأة من مدينة الرقة بتهمة "الزنا" في ساحة قرب الملعب البلدي في مدينة الرقة، حتى الموت، وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يرصد أعمال العنف في سوريا عبر شبكة من المصادر في البلاد من الجانبين، عن "مصادر موثوقة" قولها إن تنظيم "داعش" قتل وأعدم 270 شخصا.
ووجَّه التنظيم ذاته الآن قبلته إلى بلاد الرافدين، تسارع في تنفيذ ما يشهده العراق لأول مرة من خلال فرض الجزية على مسيحيي "الرقة" ومدينة الموصل العراقية، ما جعل الأقباط يعيشون في رعب آخر، حتى فرَّ بعضهم دون أن يأخذوا شيئًا معهم أكثر من ملابسهم، وفق العديد ممن تحدثوا لصحفية "نيويورك تايمز"، كما أرغم التنظيم أكثر من 30 ألف شخص من سكان بلدة الشحيل، التي كانت تعتبر معقلًا لـ"جبهة النصرة"، على مغادرة البلدة التي سيطر عليها بداية الشهر الجاري.
وفي لبنان، تعرَّضت مناطق ذات غالبية شيعية لـ4 هجمات أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات، كان آخرها تفجير وقع في يناير الماضي، على بعد نحو 300 متر من المكتب السياسي لحزب الله في ضاحية بيروت الجنوبية، وقبل أيام من هذا الهجوم الذي أوقع 5 قتلى، كان انفجار ضخم هزَّ قلب العاصمة اللبنانية وأسفر عن مقتل أكثر من 7 أشخاص، وتأتي هذه التفجيرات في ظل استقطاب سياسي حاد تشهده البلاد بين معسكر "14 آذار" وعلى رأسه تيار المستقبل المؤيد للمعارضة السورية، وفريق "8 آذار" بزعامة حزب الله الذي يشارك إلى جانب القوات السورية في الحرب الأهلية.
فضلًا عما تشهده مصر من تصاعد العمليات الإرهابية والتي نسب بعضها إلى "أنصار بيت المقدس" و"جماعة أجناد مصر"، مخلفة العديد من القتلى.
وحول تحليل الأوضاع العربية المشتعلة، يرى السفير علي جاروش، مدير الإدارة العربية بجامعة الدول العربية، أن ما يحدث ليس "صدفة"، ولكنه نتيجة أفعال وممارسات تمت منذ فترة طويلة، تعود إلى سبعينيات القرن الماضي، ومعاهدة السلام، بعد أن كان الهدف هو إبعاد مصر عن العالم العربي المشترك، وإبعادها عن دورها القيادي في الأمة العربية، مشيرًا إلى أن هذا ما حدث تمامًا، ورأى الجميع تراجع الدور المصري القيادي منذ الثمانينيات حتى وقت قريب.
وأضاف جاروش، في تصريح خاص لـ"الوطن"، أن "المصيبة" الأخرى التي أتت بعد ذلك، هو مخطط اختيار عدد من الدول العربية الفاعلة، وكانت البداية في العراق عندما أدخلوها في حرب مع إيران لمدة 8 سنوات، وبعدها أشعلوا نار الفتنة في الجزائر عام 1989، ثم غزو العراق إلى الكويت وتلاه مسلسل تدمير العراق بعد ذلك حتى عام 2003، حين حدث الاحتلال الفعلي للدولة، واستمر مسلسل تدميرها حتى هذه اللحظة.
وأوضح "مدير الإدارة العربية بجامعة الدول العربية"، أنه لوحظ بعد ذلك ما حدث في تونس والجزائر ومصر واليمن، وأخيرًا ما يحدث من دمار في سوريا، والذي كان الهدف منه القضاء على 4 جيوش عربية بالتحديد وهم: "المصري، الجزائري، العراقي، السوري"، مشيرًا إلى أنهم نجحوا في إنهاء الجيش العراقي تمامًا وتدميره بالكامل، والجيش السوري في طريقه إلى تدمير كلي، مستطردًا أن الله حمى مصر والجزائر من هذا المصير.
وحول التنظيمات التي ظهرت الآن مثل "داعش" أكد أن كلها صناعة مقصودة بداية من عام 1979، مقارنًا إياها بظهور "القاعدة" والتي خدمت مصالح بعينها في أفغانستان وعندما أنهت دورها عاد كل منهم إلى موطنه، مؤكدًا أن مصر إذا أُنقذت سيتم إنقاذ الأمة العربية كلها، وأنه إذا لم يتواجد فكر مقابل لصد هذه الجماعات سيظل يدفع الجميع الثمن.