موسى صبرى يكتب أنا شيوعى!
ولم لا.. إذا كانت الشيوعية تحقق لى كمواطن حياة حرة كريمة.. وتحقق لبلادى التقدم والبهجة؟
والشعور ينبع من القلب. والقلب هو إشعاع الإيمان. والإيمان هو طاقة السعادة الكبرى التى تجمل حريتى وحياتى. الإيمان بإعجاز السماء. الإيمان بأن الحشرة التافهة التى ندوسها بالأقدام، التى تعمر فى أرضنا بالملايين.. منذ ملايين السنين.. هذه الحشرة لم يصل الإنسان بعد إلى قدرة صنعها.. الإنسان الذى صنع الصاروخ، والقمر يدور حول الشمس والأرض، ونقل الصورة والصوت عبر آلاف الأميال.. هذا الإنسان الذى يستطيع أن يظلم ويسفك الدماء.. أعجز من أن يصنع نملة صغيرة؟!
حريتى إذن هى فى أن أناجى الخالق الأعظم بملء الفم والصوت. أبثه نبضة القلب وخفقات الفؤاد. أتعبد فى نعمته. أتطهر فى جماله. أتلوث فى بشريتى الضعيفة. أتألم فأصرخ. أفرح فأتهلل. أناديه فى السر والعلن. أناديه بكل أسمائه.. ولا أركع لأحد من دونه. فى النور.. أصيح يا رب.. مزيداً من النور.. وفى الظلام.. أصيح يا رب.. طريقاً إلى النور. فى وحدتى أتأمل. هذا الموكب المهول من الإنسان والحيوان والطير والجماد.. كيف تجرى فيه الحياة بميزان دقيق، كل ما حوته الأرض ومن حوته على درجات وفى طبقات متفاوتة. الذى خلق الزهرة الجافة المليئة بالأشواك، التى تقاسى الريح.. خلق الزهرة الناعمة المعطرة الملونة التى تعيش مدللة مكرمة فى الظل وحلو النسمات. والذى أوجد الطير الجارح المفترس تمتد أياديه بالدم والجريمة.. أوجد الطير الرقيق المغرد يختال كالنغم، ويغنى كترنيمة السماء. والكل فيه الحنان والقسوة. والكل له الدمعة والبسمة. والكل يسعى إلى الاكتمال دون كمال. سبحانك
ربى.. أنت إلهى.. لأنك أوجدتنى. وأنت إيمانى إلى أن تنتهى حياتى.. لانك خلود الحياة. أنت سيدى وسيد الجميع.. ولو كان كارل ماركس أو لينين. إننى أرحب بمبادئ لينين.. على أن يكون من حقى أن ألعنه. لأنه بشر. لأنه شىء تافه مثلى ومثل الملايين. لن يكون ربى.. ولو أننى شيوعى! فإذا رفضت الشيوعية أن تحقق لى حريتى الأولى.. حرية الإيمان.. فلأدعها إذن تحقق لى الحياة الكريمة.. وما هى الحياة الكريمة!.. هى التى تعطى كرم العيش.. ولا تنزع كرامة الإنسان. والكرامة هى توأم الإرادة. والإرادة هى الكيان الغامض الذى خلقنا به، لكى نمتع بوجودنا. أنا شيوعى إذن، بشرط ألا تقتل الشيوعية إرادتى. بشرط أن تحترم الشيوعية، حرمة رأيى، وحرمة عملى، وحرمة مسكنى، وحرمة العدالة. لا بد محاكمة، ولا أتصور أن أرى غيرى فى هذا المصير.. لمجرد أننا مارسنا حقنا الطبيعى كبشر، فى أن نقول ما نعتقد.. وأن نعتقد ما يقبله تفكيرنا، وأن نفكر فى حماية إرادتنا. لا أريد أن أشرد من عملى، لأن الإله الصغير الذى يحكمنى، أراد ذلك. من حقى أن أشكوه إلى القانون.. حاكمى وحاكمه. من حقى أن أصيح بأعلى الصوت فى وجهه.. أنت ظلمتنى.. وحقى معى أقوى من كل السيوف التى تحمى ظلمك. وبعد.. فإذا كانت الشيوعية لا تحقق لى الحياة الحرة. ولا تحترم كرامتى. وإذا كانت الشيوعية تحقق لبلادى التقدم الآلى.. بلا سعادة. بلا بهجة. فلماذا أنا شيوعى!
الحق أننى شيوعى.. بلا شيوعية.. لأنى إنسان!
ومعذرة لسبحانه الرحيم الرحمن المعز المذل. نيكيتا بن خرشوف. ومعذرة لكل عبد من عملائه المخلصين والضالين.. آمين!!