قبل 25عاماً وحينما كان طفلاً بعمر السادسة، يلهو ويلعب مع أقرانه الأطفال، تعرض «محمود» لحادث سيارة بشع، أفقده إحدى ساقيه، وحينها وقع الخبر كان سيئاً ومؤلماً على الصغير الذي يخطو أولى خطواته في الحياة، لكنه لم يستسلم لليأس وحاول تحويل المحنة إلى منحة، عمل في عدد من «الشغلانات»، منها «صبي حداد وبائع على فرشة شباشب، وبائع في محل ملابس»، لكنه لم يفقد الأمل على الرغم من فقدانه ساقه، عشق كرة القدم منذ صغره وحلم أن يكون لاعباً محترفاً، ذاكر واجتهد والتحق في كلية الحقوق وتخرج فيها.
لم تكن حياة الشاب محمود عبدالعظيم، الشهير بصاحب الـ«عجاز الراقص»، سهلة، حسبما ذكر في إحدى مجموعات التعارف على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، لكنها كانت مليئة بلحظات كثيرة من الانكسارات والفرح والرضا، فحينما ينكسر أو يقع، ينهض سريعاً ويحمد الله ثم يستكمل مسيرته في الحياة، «كنت طفل صغير مكنتش مدرك للي بيحصل حواليا، فجأة حصلتلي حادثة عربية وقالولي هيتم بتر رجلك اليمين، وقتها فاكر أني قعدت أعيط وأقولهم لا متقطعوش رجلي، وكانت نفسيتي سيئة جداً، وعملت 9 عمليات جراحية، لكن دعم أسرتي كان أكبر وخلاني اتخطى الآلم النفسي قبل الجسدي»، هكذا يبدأ «محمود» قصته.
محمود: «اشتغلت بائعا على فرشة شباشب»
برضا ممزوج بالأمل واصل الشاب الذي يبلغ من العمر 31 عاماً، حياته منذ أن كان طفلاً، ووضع هدفاً بأن يكون لاعباً لكرة القدم على الرغم من بتر ساقه اليمنى، كان يذهب لمراكز الشباب المختلفة ويمارس هوايته، على الرغم من تعرضه للتنمر وقت أن كان طفلاً، «كنت بمر بحاجات صعبة أوي لكن عشقي لكرة القدم وأملي في ربنا كان كبير، قولت لازم أكون لاعب مشهور، وكنت بروح ادرب في مراكز الشباب المختلفة ومع أصحابي على الرغم من تعرضي أحياناً للسخرية، لكن الرضا بالمكتوب كان ليه أثر كبير أني أواصل النجاح».
في سن الـ12 وبينما التحق «محمود» بالصف الثاني الإعدادي، فكر في الخروج للعمل ليثبت نفسه ويواجه تنمر البعض، ليلتحق بورشة حدادة ويعمل صبي حداد في أول عمل له، «في سنة تانية إعدادي فكرت أخرج أواجه المجتمع بنفسي، وصممت على أني أخرج وأشتغل، فدورت على شغل لقيت ورشة حدادة فعملت فيها صبي حداد لمدة سنة، قولت لنفسي مينفعش موضوع رجلي يأثر عليا بالشكل ده، لازم أكمل حياتي، وبعد سنة اشتغلت على فرشة شباشب، وبياع في محلات ملابس، لحد ما وصلت أولى كلية حقوق، جامعة عين شمس، واتخرجت واشتغلت محامي شوية لكن عشقي لكرة القدم كان مسيطر عليا، وكنت بلعب مع أصحابي وكنت دايماً بحضر ماتشات نادي الأهلي عشقي، والمنتخب في الاستاد دايماً».
بداية اللعب في نادي ذوى احتياجات خاصة
عشق الشاب جعل والده يصطحبه لأحد نوادي ذوي الاحتياجات الخاصة، «أبويا خدني لنادي علشان أخرج طاقتي وأحقق حلمي، وكان لازم أمر على ملعب كرة قدم في النادي ده علشان أوصل لصالة ذوي الاحتياجات، لكن مفقدتش شغفي وبقيت أروح اتفرج على تدريبات اللاعبين، واتمرنت سباحة، لكن كنت بهرب أحضر تمارين كرة القدم للأسوياء، وكابتن لاحظ وقوفي على عكازين، واشتياقي لكرة القدم، ولما طلبت منه ألعب فاجأني بأنه وافق، حسيت بفرحة كبيرة كأن الحادثة محصلتليش ورجلي مرحتش، تدربت معاهم أكتر من 3 سنين بس مكنش ينفع أشارك بشكل رسمي لحد ما اكتشفت أنهم كانوا بيجبروا بخاطري بس فامتنعت».
عام 2017 كان عام تحول في حياة الشاب الثلاثيني، حينما ذهب الشاب لمشاهدة مباراة منتخب مصر والكونغو، وأخبر والده أنه حال إن كسب منتخب مصر سنكون في كأس العالم بعد 28 عاماً من الغياب، ولحظة أن سجل النجم العالمي محمد صلاح، ضربة الجزاء، كانت الناس تحتفل بطريقتها، «كنت رايح الماتش وكلي حماس، وقولت يارب النصر لمصر، وفجأة محمد صلاح سجل الهدف، والناس كلها كانت بتحتفل بطريقتها، ووقتها من فرحتي عملت حركة تلقائية، أني وقفت على العكاز، وصورني صحفي وفجأة لقيت نفسي تريند على السوشيال ميديا، وانتشرت صورتي لحد لما الحساب الرسمي للفيفا أخدها واعتمدها كأفضل صورة لعام 2017، مبقتش مصدق نفسي وقولت فعلاً دا تغيير كبير في حياتي».
2017 عام احتراف محمود وبداية تحقيق حلمه
لم تقف حياة الشاب عند فرحته، لكن صورته الأشهر على مستوى العالم كانت سبباً في حلم جديد له في ممارسة الرياضة، «من هنا الحلم اتولد من جديد، إننا لينا رياضة كرة قدم رسمية ليها كأس عالم وكأس أمم أوروبا وكأس أمم أفريقيا وليها دوري أبطال أوروبا للأندية خاص بالمبتورين، بس اللعبة مش موجودة في مصر، قولت لازم أأسسها، وفعلاً عملت أول إيفنت في مركز شباب السلام، بحضور جميع وسائل الإعلام، وبعد كده جالي عروض احتراف في الدوري التركي لكرة القدم للمبتورين، وبقيت أول لاعب محترف مصري لذوي الاحتياجات الخاصة للموسم الثاني على التوالي، متنقلاً بين الأندية».
تعليقات الفيسبوك