"المدينة الفاضلة".. حلم حملات مواجهة التحرش
"شباب مكافحة التحرش"، لا يختلفون في أعمارهم كثيرًا عن المتحرشين، إلا أنهم وضعوا نصب أعينهم تطهير الشارع من المتحرشين، مقابلًا لتضحية "فرحة العيد"، وفي سبيل الأخلاق، قرروا ارتداء قمصان صفراء فاقعة اللون، ليكونوا متميزين عن غيرهم، وينطلقون بحثًا عن أي حالة تحرش، والتعامل معها، والذي بات حلمًا لهم يسعون وراء تحقيقه، محاولة منهم لوضع حجر الأساس لـ"المدينة الفاضلة" التي كانت حلمًا يراود الفيلسوف اليوناني أفلاطون.
وباتت الأجواء هادئة كثيرًا، اليوم، وذلك بعد انتشار قوات الشرطة بكثافة بميدان التحرير ونواحيه، وأدى ظهور عدد من الحملات الداعية لإيقاف التحرش بالميادين إلى بث طمأنينة كبيرة في قلوب الفتيات، والذين يتدخلون فور اقتراب أحد المتحرشين بالفتيات المحتفلات، للإمساك بالمتحرش، والذي يكون تحت اختيارين، إما الكتابة على ظهره "أنا متحرش"، أو تسليمه للضباط المتواجدين.
"نسبة التحرش النهاردة كانت قليلة جدًا، وذلك بسبب الشرطة المدنية وقوات التدخل السريع للشرطة"، كان رد حاتم شعبان المنسق الإعلامي لحملة "امسك متحرش"، مشيرًا إلى أن فعالياتهم مستمرة ولم تنته، وأنهم متواجدون في أماكن كثيرة، مؤكدًا أن وزارة الداخلية وفرت لهم التعاون الكافي أكثر مما كانوا يحلمون.[FirstQuote]
وجودهم في الأماكن ذات الكثافة العالية للمواطنين، كانت بمثابه "بوق" مثل الذي يحملونه في أيديهم لاستخدامه حال رؤية أي حالة تحرش لجمع بقية زملائهم للبدء في إتمام عملية القبض على المتحرش، إلا أن عددًا من أعضاء "امسك متحرش" لا يلجأون إلى استخدام أسلوب الكتابة على ظهر المتحرش، لاعتبارهم إياه "غير قانوني"، ولذلك يلجأون لتسليمه لأقرب قسم شرطة.
"بياخدوا واحد من الحملة يروح مع المتهم للشرطة وبيروح يحضر معاه النيابة علشان يتأكد من سلامة الإجراءات، ومسئوليتنا نسلمه للجهات المعنية"، هكذا وصف حاتم إجراءات تسليم المتحرش بعد القبض عليه، مؤكدًا أن الجهات المعنية هي التي سوف تتعامل معه وأن مهمتهم تسليمهم لهذه الجهات فقط.
وكانت كلمات كريم كمل الدين، أحد أعضاء الحملة، أقرب بدقات لناقوس خطر على المجتمع ليقول: "مسكنا ما يقرب من 40 حالة تحرش بميدان طلعت حرب وكورنيش النيل"، والتي كانت تلك أعداد حالات التحرش حتى التاسعة مساءً، أول أيام عيد الفطر المبارك، والذي أشار إلى وجود تكثيف أمني كبير من الداخلية أكثر من العادة، مضيفًا: "كانوا بيتعاونوا معانا بشدة، وكنا مش بنتبع الإجراءات للآخر علشان نقدر نشوف شغلنا على الأرض".
المسئولية التي حملها شباب الحملات المواجه للتحرش، لم تكن خفيفة على الإطلاق، وبالأخص عملهم في تلك الضبابية التي يعاني منها الشارع المصري، إلا أن تعاون الفتيات والشباب معهم لم يكن كما خططوا له، فبين خوف من قبل الفتيات المتحرش بهم من الإدلاء بأقوالهن أمام النيابة، وبين توجيه اللوم من الفتيات لأعضاء الحملة الذين يتدخلون مسرعين لإنقاذهم من براثن المتحرشين، ويقول أحمد محمد، أحد المتطوعين بالحملة، إن هناك بعض الفتيات اللاتي ساعدوهم وحررن محاضر ضد المتحرشين، إلا أن عدد آخر امتنعن عن تلك الإجراءات، ويترك المتحرش.