معيد جامعي: برستيج الأستاذ لا يساوي المرتب الهزيل
بعد أن فقده حلمه في دخول كلية الشرطة، تحول هدفه إلى أن يصبح معيدا في كلية التربية الرياضية، وعلى الرغم من وصوله لهدفه فإنه اكتشف أن "البرستيج الاجتماعي مش كل حاجة في الحياة". فأعضاء هيئة التدريس في مختلف جامعات مصر يعيشون حالة استياء شديد بسبب أوضاعهم المادية السيئة، ومنهم أحمد نبيل عمر، المدرس المساعد بكلية التربية الرياضية بجامعة بنها دفعة 2005، الذي يعيش في باجور بمحافظة المنوفية، ويحتج الأساتذة أيضا على قانون تنظيم الجامعات الجديد الذي ترغب الحكومة في تمريره، الذي يتضمن عدة مواد، منها إقرار نظام زيادة الرواتب على أساس البدلات، وليس على أساس الراتب، علاوة على تمثيل رجال الأعمال في المجلس الأعلى للجامعات، ويقول أحمد "مرتبي بعد 7 سنين شغل في الجامعة لا يتعدي 1300 جنيه، أعيش ولا أكمل دراستي، ولا ألبس كويس بما إني مدرس مساعد في الجامعة".[Image_2]
أراد أحمد أن يحقق معادلة بين الوصول لمكانة اجتماعية في المجتمع دون أن يستعين بصلة قرابته بالوزير السابق، كمال الشاذلي، "أبوية مربينا على إننا مش هنبوس إيد حد علشان نوصل لحاجة عاوزينها"، ويضيف، أنه كان من الممكن أن يدخل كلية الشرطة، في حالة استخدامه للوساطة وصلة القرابة بالشاذلي، لكنه لم يستخدمها، "الشاذلي في أيام عزه، كان علشان يعملك خدمة لازم تذلل له، وأسمع كلمتين قبل ما يعملي الخدمة".. يصمت أحمد عن الحديث، ويستأنف حديثه باستياء، "يعني يقولي مثلا، أنت مين أنت علشان أخليك ضابط شرطة".
كان أحمد عضوا في أمانة الحزب الوطني، لكنه كان معارضا، "كنت لما بحضر أي اجتماع، كنت لازم انطرد منه، لإني كنت بعارض". ويضيف، "مكنش في حد في باجور مش حزب وطني، كلنا معانا كارنيهات الحزب، الباجور كانت زي متحف محمد على، البلد كلها معلقة صور ويفط للشاذلي على بيوتها". بنظرة وابتسامة خبيثة، "أنا مش فلول، لإني كنت وطني معارض، وكمان شفت الذل علشان أتعين معيد في الكلية"، ويضيف، أغلب كبار مسئولي الدولة والضباط من باجور، منشأ الوزير السابق، كمال الشاذلي، باختصار "الصف الثاني من قيادات البلد من باجور".
ينظم أعضاء هيئة التدريس وقفة احتجاجية الأحد القادم، أمام مجلس الشعب، وقد تتحول لاعتصام مفتوح للمطالبة بإلغاء قانون تنظيم الجامعات الجديد، من خلال نعش رمزى، كرمز لموت "أعضاء هيئة التدريس ووزارة التعليم العالي".
بالرغم من ملامح أحمد البسيطة وهدوئه، إلا أن شخصيته تميل للعنف، والكليات التي تعتمد على القوة البدنية واستخدام العنف، "لما مقدرتش أدخل كلية الشرطة، قلت أدخل كلية تربية رياضية، وتخصصت في البوكس".
أحمد حاصل على ماجستير ودبلوم في الصحة النفسية، ودبلوم دولي في الإدارة الرياضية نيوشاتل بسويسرا بالتعاون مع مركز الدراسات والبحوث التجارية بجامعة القاهرة والاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، بنبرة حزن ووجوم يسيطر على وجه أحمد، "ما فيش اهتمام بالبحث العلمي في مصر، تكلفة الدبلوم وصلت إلى 1800 دولار، يعني 10 آلاف جنيه مصري، والجامعة دعمتنا بـ 300 جنيه من التكلفة الكلية، واتصرفت لنا بعد خطابات لرئيس الجامعة"، ويضيف، "يوم ما أحس إني ندمان علي إني ضمن أعضاء هيئة التدريس، مش هقعد في مصر أصلا". وتابع أحمد أن أغلب أعضاء هيئة التدريس بعد حصولهم على بعثات، "تهاجر للخارج، ولا تعود لمصر مرة أخري".
بدأت رحلة أحمد، في المطالبة بتعديل أوضاع هيئة التدريس منذ تخرجه في سنة 2005، لكن الأمر اشتعل بعد ثورة 25 يناير، "قرر أعضاء هيئة التدريس من خلال التواصل على الفيسبوك يعملوا جروبات وينادوا بمناهضة القانون اللي عاوزه تطلعه الوزارة، وكان أول مؤتمر يجمعنا في 31 مارس، ومن هنا كونا جروب "مؤتمر 31 مارس".
ويضيف أحمد، أن هناك مواد بالقانون "تحرم الطالب من مجانية التعليم، من خلال رسوبه في عام، تسقط أحقيته في مجانية التعليم". وانتقد أحمد على تصريحات محمد النشار، وزير التعليم العالي، التي قال فيها إن أعضاء هيئة التدريس بالجامعات ليسوا في حاجة لزيادة مرتبات، لاعتمادهم على الدروس الخصوصية، وأعرب أنها "أصابت أعضاء هيئة التدريس باستياء، أنا مدرس في كلية التربية الرياضية، مبديش أي دروس خصوصية".
أحمد متزوج ولديه طفل، يمثل أعباء ومسئوليات عليه. "أنا اتزوجت، لإن أهلي ساعدوني، وساكن في نفس بيت أبويا". يشعر أحمد بالتعب لأنه يعيش في باجور وعمله في جامعة بنها، "مقدرش آخد شقة إيجار 700 جنيه في بنها، وكل يوم بتشعبط في الأتوبيسات"، ويضيف مبتسما، "كفاية البامبرز بتاع مالك، اللي مطلوب مني وأنا راجع".
يحصل أعضاء هيئة التدريس على بدل جودة، تصل إلي 400 جنيه للمعيد، 600 جنيه للمدرس المساعد شهريا، "ده اسمه بدل إهانه مش جودة، بيتصرف كل شهرين، لما بنهدد بإضراب لو متصرفش"، ويضيف، "مفروض احنا من أعلى فئات المجتمع، ومع ذلك بنعيش أسوأ ظروف، لازم يوحدوا إستيراتيجيات التدرج الوظيفي للمعيد"، ويضرب مثلا، "معيد آداب بيحصل على الدبلوم بعد سنة واحدة من التخرج، لكن معيد تربية رياضية بيبدأ في التمهيدي بعد سنتين من التخرج".
القانون الجديد يعطي صلاحيات لرجال الأعمال، حيث سيتم تمثيلهم بنسبة 25% في المجلس الأعلى للجامعات، وأضاف، "يعني إيه يدخلوا رجال أعمال في علم وتدريس الجامعات دي بداية للخصخصة".
بنبرة حماس، يري أحمد أن مطالبهم لن تتحقق إلا من خلال التصعيد، والاهتمام بالبحث العلمي، ويرفض سياسة "المعيد والأرنب الصغير"، ويقول "كان في مثل بيضربه أستاذ جامعة لينا دايما ويشبه المعيد بالأرنب، إن مينفعش المعيد يتكلم لأنه لسه أرنب صغير، ولما تاخد الماجستير هيطلع للأرنب شعر، برده متتكلمش قوى، ولما تبقي أستاذ مساعد تبدأ ودان الأرنب تقف، أبدأ أسمع أكتر ما تتكلم، ولما تكون أستاذ هتبقي خلاص بقيت أرنب فعلا، يعني برده عمرك ما هتتكلم".