قاضى محاكمة القرن يسمح لـ«مبارك» بمغادرة القفص و«الديب» يترافع ويطلب نقل المرافعة لـ«المعادى العسكرى»
أصيب الرئيس الأسبق حسنى مبارك، اليوم، بوعكة صحية أثناء حضوره جلسة إعادة محاكمته ونجليه علاء وجمال ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى ومساعديه الستة، وأمرت المحكمة فى منتصف الجلسة بتوقيع الكشف الطبى عليه، ومن ثم إعادة نقله إلى مستشفى المعادى العسكرى ومغادرته قاعة المحكمة، فى الجلسة التى بدأ فيها المحامى فريد الديب مرافعته عنه بالقضية التى عرفت إعلامياً بـ«قضية القرن» المتهم فيها بقتل المتظاهرين السلميين فى ثورة يناير والفساد المالى بصفقة تصدير الغاز لإسرائيل. وحضر «مبارك» جلسة اليوم على الرغم من إصابته بكسر فى عظام الفخذ إثر سقوطه بغرفته مؤخراً، وأدخله الأمن برفقة طاقمه الطبى إلى قفص الاتهام على الكرسى المتحرك مغطى بملاءة بيضاء، ورافقه نجلاه علاء وجمال، وجلس إلى جوارهم وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى، وتابع الجميع الجلسة فى اهتمام واضح، إلا أن إصابة مبارك حالت دون حضوره للنهاية. وطلب «الديب» نقل المحاكمة إلى مستشفى المعادى العسكرى ورد عليه القاضى بأن الأمر يتطلب موافقة وزير العدل. وفور بدء مرافعته، التى استمرت أربع جلسات، بدأ المحامى فريد الديب تعديد مميزات فترة حكم الرئيس حسنى مبارك وسيرته الذاتية، مشيراً إلى أنه عمل على إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية بالبلاد طيلة فترة حكمه، وقال إن مبارك أيضاً له العديد من الإنجازات، وساعد بشكل كبير فى إنشاء المدن الجديدة مثل العاشر من رمضان و6 أكتوبر والقاهرة الجديدة وغيرها لاستيعاب الانفجار السكانى، متسائلاً: «كيف نقول عنه إنه هو من خرّب مصر؟»، وأكد أن تعدد الأحزاب الذى وصل إلى 24 حزباً والصحف المرخص بها فى مصر والتى وصلت حتى عام 2009 إلى 523 صحيفة بعد أن كانت 35 فقط، مما يُحسب لمبارك، وأن الدولة واصلت سياسة الدعم التى ابتدعت فى الستينات، والناس اعتادت عليها، كما أنه ألغى عقوبة الحبس فى جرائم النشر وهو ما يحسب له أيضاً فى مجال الحريات.[FirstQuote]
وقال «الديب» إن «مبارك» عُرف عنه حرصه الشديد على استقلال القضاء والدور الذى قام به لتدعيم القضاة، وعندما كان يريد الاجتماع بمجلس القضاء الأعلى كان يذهب لهم بنفسه بدار القضاء العالى وكان آخرها فى 2011 ولا يستدعيهم للحضور إليه لأنه يحترم القضاة وشيوخهم، ولم يحدث أبداً أنه عزل قاضياً بغير الطريق التأديبى، كما لم يحدث طيلة 30 عاماً هى فترة حكمه أن عزل نائب عام مثل أعوام 1968 و1971 و2012 عندما تم عزل النواب العموم، وهو دليل على تقديره القضاء والقضاة.
وأشار «الديب» إلى أن مبارك طيلة فترة حكمه لم يتستر على فساد أو إجرام، وقدم فى عهده 40 من ضباط الشرطة فيما اصطلح على تسميته بقضية التعذيب لأنهم اتهموا بتعذيب متهمين من أكتوبر 1981 وحتى 1983 بعدة محافظات، واستند «الديب» إلى شهادة اللواء محمد فريد التهامى، التى قال فيها إنه عندما كان رئيساً لهيئة الرقابة الإدارية ووجد تلاعباً من أحد المحافظين فى تخصيص الأراضى قام مبارك على الفور بإعادة الأراضى التى تم التلاعب فيها وتم إقالة المحافظ، وأنه لم يسمح أيضاً بتعيين أى من أولاده أو أقاربه فى أى منصب بأى جهة حكومية تابعة للدولة.
واستشهد الديب بتضارب الرأى فى مقالين للكاتب الصحفى حمدى رزق، أولهما كان بجريدة المصور عام 2009 وتحدث فيه عن مبارك ورجاله بأنهم يشقون الطريق للمستقبل بدستور واحد هو دستور العمل الوطنى الجاد، وأن مبارك يحب لغة الأفعال لا الأقوال ويكره الشعارات البراقة التى تريح الناس فقط وترهقهم فيما بعد، وأن مبارك ابن المؤسسة العسكرية التى لا تعرف سوى العمل، وعرف عنه روح أكتوبر، ولديه حاسة شعبية متيقظة على الدوام.
وقال «الديب» إن الكاتب نفسه كتب فى مايو 2014 مقالا بعنوان «تخيروا لحملتكم فإن العرق دساس» مخاطباً الفريق السيسى وقت أن كان مرشحاً وصف فيه رجال مبارك بأنهم أصحاب وجوه قبيحة ذميمة كانوا يتخفون من الناس خجلاً مما صنعت أيديهم ثم برزوا كالثعالب، وتساءل «الديب»: «انت بتتزلف لمين؟ ومَن الآن أصحاب الوجوه القبيحة؟»، موجهاً حديثه لـ«رزق».
ووصف «الديب» مبارك بأنه «طاهر اليد، عفيف اللسان، طيب القلب، ونال الأوسمة والنياشين من القوات المسلحة ومعظم دول العالم، ولم يكن خائناً، ولا جاسوساً ولا عميلاً، ولم يتخابر مع أحد للإضرار بمصلحة من مصالح مصر، ولم يفرط فى حبة رمل واحدة من تراب وطنه، ولم يتآمر على شعبه فى السر أو العلن، ولم يتربح من منصبه ولم يُفشِ سراً من الأسرار التى تحمى أمن مصر القومى». وقال «الديب»: «مبارك معذبنى لما أسأله عن شىء ويرفض الرد لأن المعلومات قد تضر بمصالح الدولة».
وأبدى «الديب» اندهاشه من أن النيابة تعلم أن هناك أفراداً يعترفون بجنايات لم تسقط بالتقادم ولم يتكلم أحد عنهم ولم يُلقَ القبض عليهم، ولم يحقق معهم، وهى الوقائع التى تضمنتها الفيديوهات التى عرضها المحامى على الجمل فى جلسات سابقة.
وتطرق المحامى إلى تعريف كلمة «الثورة»، مؤكداً أن الثورات يجب ألا يكون بها أى تدخل أجنبى، مشيراً إلى أن ذلك لم ينطبق على «أحداث يناير»، إلا أن المصريين تستهويهم كلمة «ثورة» ولذلك يتم خداعهم بهذا اللفظ، «ففى 23 يوليو 1952 قام الضباط الأحرار بالاستيلاء على السلطة والناس نايمة فى منازلها ولكن جاء من قالوا إنه يجب تسميتها ثورة ودعوا الناس للتأييد وتم عمل كتاب باسم فلسفة الثورة.. وفى مايو سنة 1971 أيضاً شعر الرئيس الراحل أنور السادات أن من تخلف من قادة عبدالناصر يريدون التآمر عليه فقام بالقبض عليهم وقدموا للمحاكمة ولكن بعدها سميت ثورة مايو أو ثورة التصحيح لأن كلمة ثورة تعجب الشعب».
ودلل الديب على حديثه بشهادة اللواء الراحل عمر سليمان، نائب الرئيس الأسبق، التى قال فيها إن أحداث يناير كانت ضمن مخطط أمريكى منذ عام 2005 تحت اسم «الديمقراطية والحكم الرشيد» وتم تخصيص أموال للجمعيات ومنظمات المجتمع المدنى لتجنيد الشباب من حركات «كفاية و6 أبريل وكلنا خالد سعيد»، لتنفيذ المؤامرة.
وأضاف «الديب» أن شهادة المشير طنطاوى أكدت أن من أطلق النار وقنص المجنى عليهم بالتحرير وغيره كانوا من عناصر الإخوان وأن كثيرين من أبناء الشعب الذين كانوا يشتركون فى المظاهرات عرفوا الحقيقة وندموا. وأكد أن من كانوا ينادون بتغيير نظام الحكم كله هم الأجانب لتحقيق مشروع الشرق الأوسط الكبير و«توليع البلاد» مثلما حدث فى تونس وغيرها.
واستشهد الدفاع بأقوال الفريق سامى عنان حيث قال إنه يتفق مع ما قاله المشير طنطاوى بأن أحداث يناير كانت حلقة من حلقات مخطط أمريكى وأن الله سبحانه وتعالى كتب النجاة للبلاد بالتظاهر فى 30 يونيو 2013، كما استشهد بشهادة اللواء مراد موافى رئيس المخابرات السابق التى قال فيها إنه كانت هناك عناصر مجندة فى مصر تهدف لتغيير شكل المنطقة وإسقاط الأنظمة وأن الشباب كانوا يعتبرون الدكتور البرادعى ملهم الثورة ومفجرها، وتأكدوا بعد هروبه أنه كان ينفذ أجندة أجنبية، وأن «الإخوان» كانت تنسق مع حماس بهدف كسر مفاصل الدولة سواء من الشرطة أو القوات المسلحة، وأنه استدعى سفراء بعض الدول التى شاركت عناصر منها فى الأحداث لتحذيرهم.
كما استشهد «الديب» بأقوال اللواء مصطفى عبدالنبى، رئيس هيئة الأمن القومى، الذى قال إن محمد البرادعى كان يدعو للديمقراطية على النظام الغربى وأن البرنامج الأمريكى للديمقراطية كان يستعين بحركات «كفاية و6 أبريل» وعدد من منظمات المجتمع المدنى، إضافة إلى وجود غضب بالشارع من الظروف الاقتصادية وانتخابات 2010، وأن كتائب عزالدين القسام كانت تقوم بتجميع الذخيرة المصنوعة فى مصر التى سبق أن أهدتها للسلطة الفلسطينية للدفاع بها عن أنفسهم لإطلاقها على المصريين فى النهاية، كما تطرق «الديب» أيضاً لشهادة اللواء خالد ثروت رئيس الأمن الوطنى التى قال فيها إن أحداث يناير لم تكن ثورة بل كانت مخططاً نفذه الإخوان وأنهم استعانوا بعناصر خارجية من حماس وحزب الله واندسوا بين المتظاهرين واستخدموا العنف. وتطرق «الديب» لشهادة الصحفى إبراهيم عيسى، التى قال فيها إن ما حدث كان ثورة لم تكتمل حيث فقدت البوصلة ولم تنجح لأن عصابة سرقتها من الشعب وسرقت البلاد وهى جماعة الإخوان المسلمين التى لا تؤمن بالأوطان وفكرة الوطنية، وأن يوم 25 يناير لا يمكن نسبته لفصيل معين وأنه شارك فى المظاهرات، وأنه عندما كان بميدان التحرير لاحظ أن القوى السياسية والشباب لم تكن لهم شعارات واحدة ولا هدف واحد إلا الوجود فى الميدان إعلاناً عن الغضب ورفض سياسات النظام وكانوا يهتفون بسقوط التوريث.
كما سرد «الديب» شهادة اللواء حسن الروينى، قائد المنطقة المركزية العسكرية، الذى أكد أن أحداث يناير لم تكن ثورة بل كانت مظاهرات تطالب ببعض المطالب المشروعة، وأنه كان موجوداً بميدان التحرير، وأن هناك تآمراً واضحاً على البلاد وأنه شوهد فى ميدان التحرير عناصر من كتائب القسام وحزب الله وكانت معهم أسلحة أتوا بها من الأنفاق والسجون، وأنه تم ضبط خرائط لتقسيم البلاد.