"قولنا هنبني وآدي إحنا بنينا السد العالي".. وباقي المشروعات "محلك سر"
"قولنا هننبي وآدي إحنا بنينا السد العالي".. منذ انطلاق أغنية "العندليب" بعد بناء السد العالي في عهد عبدالناصر، ولم تشهد مصر بناء مشروعات ضخمة بعد ذلك، وتوقَّفت الآلات والطموحات حتى تناسى الجميع أحلام العيشة الفرعونية على ضفاف النيل بين الخضرة وجمال الطبيعة الحسن، والمليارات الموعودة التني تزيح آلام وأتعاب الجري وراء "لقمة العيش".
أولى الأحلام المتوقِّفة بدأ منذ يناير 1997، هدف إلى خلق دلتا جديدة جنوب الصحراء الغربية من خلال إضافة مساحة تقدَّر بـ540 ألف فدان للرقعة الزراعية المصرية، تحت مسمى "توشكى"، فتتوسع الرقعة من 5% إلى 25% وحددت عام 2017 للانتهاء من المشروع، بعد أن خُصص له مستثمرون وشركات تابعة للدولة، وفي عام 2003 ضخَّت مياه ترعة الشيخ زايد، ثم توقف المشروع منذ 4 سنوات، وانتشر أن المشكلة تكمن في "التمويل"، وعليه انسحب بعض المستثمرين العرب من مشروعاتهم به، بعدما صرفت الدولة عليه المليارات.[FirstQuote]
وعلى الرغم من ذلك، لم يهدأ كل مَن يحلُّ مسؤولًا عن المشروع إلا وكانت له تصريحاته، ففي 31 أغسطس 2011 أعلنت وزارة الزراعة طرح 134 ألف فدان بمشروعيّ توشكى وسيناء، من 850 ألف فدان إجمالي المساحة المستهدفة في المشروعين، تمهيدًا للبدء في وضع قواعد التصرف فيها طبقًا للمزاد العلني مع تخصيص 30% منها لشباب الخريجين، وقال اللواء إبراهيم العجمي، المدير التنفيذي للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، إنه من المقرر طرح 31 ألف فدان تقع على فرعيّ 1 و2 بمشروع توشكى، منها 5 آلاف فدان لتوطين أهالي النوبة، بالإضافة إلى طرح 12 ألف فدان على جانبيّ طريق أبوسمبل- توشكى.
وقبل شهرين من ذلك عقدت شركة المملكة للتنمية الزراعية، مؤتمرًا صحفيًا، بمناسبة الانتهاء من توقيع العقد الجديد بين الحكومة المصرية وشركة المملكة لزراعة 25 ألف فدان في مشروع توشكى، وضخ استثمارات جديدة بإجمالي 500 مليون جنيه خلال الفترة المقبلة لإقامة مشروعات جديدة تغطي كل المجالات في المساحات المخصصة لها والبالغة 25 ألف فدان بمشروع توشكى، على أن تتضمَّن خطة الشركة إنشاء مزرعة نموذجية، بجانب التوسع في برامج الزراعة الحديثة وتطبيق وسائل تكنولوجية متقدِّمة لرفع إنتاجية مختلف المحاصيل.
وفي عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، وخلال الاحتفال الذي أقامته شركة الظاهرة الزارعية الإماراتية بالقاهرة، بمناسبة البدء في استصلاح واستزراع مساحة 30 ألف فدان كمرحلة أولى عقب إجازة عيد الفطر بالفرع الثالث بتوشكى والذي تقدر مساحته بنحو 100 ألف فدان، في إطار مشروع نهضة مصر، طرحت الحكومة 360 ألف فدان للمستثمرين والشركات والجمعيات والأفراد بمساحات تتراوح بين 5 آلاف و10 آلاف فدان، منها 45 ألف فدان بوادي النطرون و140 ألف فدان بشمال سيناء على ترعة السلام و110 آلاف فدان في توشكى و65 ألف فدان بشرق العوينات لاستصلاحها وإقامة مجتمعات عمرانية زراعية وصناعية متكاملة خلال الثلاث سنوات المقبلة.
ثم جاء رئيس مجلس الوزراء، المهندس إبراهيم محلب، وطرح علامة استفهام حول المشروع، متسائلًا عن كيفية أن يكون لدينا 500 ألف فدان مزروع منها 35 ألفًا فقط.
"يوم الدولة مختلف عن يوم المواطنين، اليوم عند الدولة بسنة واتنين"، الجملة التي قالها الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، في احتفالية تدشين محور تنمية قناة السويس، أمس، كما تحدث عن أن مصر دشَّنت العديد من المشروعات القومية الكبرى دون أن تُستكمل، منوهًا بضرورة استكمالها، ومؤكدًا على ضرورة أن يجد المصريون ما يجذبهم للمشروعات التنموية الجديدة لإعمارها.
ويلي "توشكى" مشروع "شرق العوينات"، ثاني أكبر مشروعات التنمية الزراعية المنفذة في جنوب الوادي، ويهدف إلي إضافة نحو 230 ألف فدان للرقعة الزراعية يتم ريها بالكامل من مياه الخزان الجوفي في المنطقة ويطبِّق المشروع أسلوب الزراعة النظيفة بهدف توفير إنتاج زراعي خالٍ من الملوثات يتم تصديره إلى الخارج، وكذلك خلق مجتمع عمراني جديد متكامل خارج الوادي القديم، وخلق فرص عمل للقضاء على البطالة، وتشجيع المستثمرين في مجال التنمية الزراعية المتطورة في نظام الزراعة والري، ومن ثم يفتح أسواقًا عالمية لتصدير منتجات الزراعة العضوية والبنية الأساسية التي أُنشئت في المنطقة.
"المستثمرون غير الجادين" كانوا من أهم أسباب توقف مشروع شرق العوينات، ففي 6 سبتمبر 2009 قررت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي سحب 130 ألف فدان في المشروع في منطقة جنوب الوادي من "المستثمرين غير الجادين"، وأكد أمين أباظة، وزير الزراعة حينها، أنه لا تراجع عن قرار مجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بسحب 13 قطعة بمساحة 130 ألف فدان في منطقة شرق العوينات من شركات الاستصلاح غير الجادة في المشروع، وقال إن محاولات الاستصلاح، التي قامت بها تلك الشركات "محدودة ولا تتناسب مع المخطط الزمني للتنفيذ وفقًا لتعاقداتها مع الهيئة".
وفي العام التالي، درس مجلس الوزراء في العام التالي، عدم تخصيص أراضٍ جديدة للمستثمرين المصريين والعرب، بغرض الاستصلاح والاستزراع بمشروعيّ "توشكى" و"شرق العوينات"، إلى جانب مناطق الوادي الجديد، إلا بنظام حق الانتفاع وليس "التمليك" لضمان جدية المستثمرين والتزامهم باستصلاحها تحت الإشراف الكامل للدولة.
وتتوالى تصريحات المسؤولين عن المشروعات الاقتصادية العملاقة، مثل "توشكا" و"شرق العوينات"، دون ملمس واضح يشعر به المصريون يفيدهم في حياتهم اليومية، بل يزداد التدهور الاقتصادي وضعف التمويل وانسحاب المستثمرين، لذلك شدَّد الرئيس عبدالفتاح السيسي، أمس خلال تدشينه مشروع قناة السويس، على ضرورة حل الشبح الذي يطارد هذه المشاريع وهو "التمويل"، ودعا الجميع، وليست الأولى من نوعها، للتبرع لصندوق "تحيا مصر" حتى يضخ أموالًا تستطيع بها الدولة استكمال مشروعات الاقتصادية الضخمة، ونستطيع أن "نبني حاجة بعد السد العالي".