المستفيدون من «حياة كريمة» في قرى أسيوط: شوفنا النور بعد العتمة
مبادرة حياة كريمة في محافظة أسيوط
في جنوب أسيوط على بعد 32 كيلو من المحافظة، تتعدد حكايات مبادرة «حياة كريمة»، فما بين أسر انتشلتهم المبادرة من الفقر وسقفت منازلهم وأعادت الحياة الآدمية إليهم، إلى طرق تم رصفها، ووحدات صحية تم تطويرها، تظل «حياة كريمة» أمل الفقراء وكل الحالمين بحياة كريمة.
في قرية «دكران» التابعة لمركز أبوتيج، غربي ضفاف النيل، تعيش أسرة «حمدي» البسيطة، حيث قست عليها ظروف الحياة لسنوات حتى أصبحت خارج نطاق الآدمية، ليحاول الشاب «حمدي» لسنوات أن يعمل ويكد بكل الطرق الممكنة حتى أنه سافر للعمل في القاهرة، من أجل تحقيق حلم الزواج من الفتاة «غادة»، التي استمرت خطبتهما لسنوات، ولا يريد أن تضيع من يده.
حكاية حمدي وغادة
وظهرت مبادرة «حياة كريمة»، في حكاية «حمدي وغادة»، التي كادت أن تكون نهايتها الفشل، لتكون أشبه بالمصباح السحري، فبعد أن كانت الزيجة مهددة بسبب مرور الوقت دون جدوى، جاءت المبادرة لتحقق حلمهما في أقل من شهرين فقط.
تعود حكاية «حمدي وغادة»، إلى 3 سنوات مضت، عندما رفضت أسرة الفتاة إتمام زواج ابنتها من حمدي، بسبب الحالة التي كان عليها منزله، فهو مبني من الطمي والجريد وأرض أسمنتية ولا توجد به دورة مياه، وكل ما به فقط حوائط من الطمي، وهي الظروف التي تهدد بنهاية الحياة قبل بدايتها، بمجرد سقوط الأمطار فقد ينهار المنزل على ساكنيه في أي وقت.
زواج حمدي وغادة تأخر سنوات وتم في شهرين بعد حياة كريمة
ورغم مرور سنوات عمل فيها «حمدي»، من أجل تجهيز منزل آدمي إلا أنه فشل في تحقيق ذلك، فكل ما كان يجمعه من مال، لم يكن قادرا على بناء سقف لمنزله الصغير، خاصة مع ظروف الحياة الصعبة كما أنه يعول والدته العجوز، ورغم ذلك كانت أسرة «غادة» تتشبث بحق ابنتها في العيش بمنزل آدمي يتم تجهيزه بشكل يحفظ لها حياة كريمة.
وفي صباح أحد الأيام، كان «حمدي» جالسًا شارد الذهن وعقله غارق في الهموم، فجاءته «نجدة من السماء»، هكذا وصف حمدي عوض لحظة مجيء حملة «حياة كريمة» وهي تسأل عنه، قائلة «فين حمدي عوض».
يقول «حمدي»: «كل ما أفتكر قد إيه كنت يائس من الحياة ومش مصدق إن ممكن حاجة تحصل وفجأة لقيت ناس، بتقول اسمي، قولتلهم إنتو مين، قالولي إحنا حياة كريمة وجينا علشان نعملك بيتك ونجهزه ونشطبه تشطيب كامل علشان تقدر تتجوز».
ويضيف لـ«الوطن»: «أقسم بالله ما صدقت نفسي، كرم ربنا كبير، وبصراحة مكنتش متخيل إن فعلا البلد بتعمل حاجات للناس المعدومة واللي بتعاني من الفقر، وكنت فاكره كلام في الهواء، لغاية ما لقيت خرابة في أقل من شهرين بقت بيت ليه سقف وحيطان وأرض سيراميك وحمام ومبطخ وغرفة نوم»، متابعًا: «يا ريت كل اللي حكمونا قبل كدة سيسي، كان زماننا عايشين في جنة».
«غادة» زوجة «حمدي»، التي تنتظر وضع مولودها بعد 3 أشهر، تحكي عن «حياة كريمة»: «حاسة إنها مصباح سحري وقع علينا من السماء، أنا كنت فقدت الأمل إني أتجوز حمدي، لغاية ما لقيته في يوم جاي بيتنا بيجري ويقولي يا غادة هنتجوز خلاص».
«حياة كريمة» أنقذت شحاتة وأطفاله من أمطار الشتاء
وفي مشهد آخر، ومن داخل منزل غير مسقوف، تعبث بمحتوياته الريح العاتية، جدرانه من الطوب اللبن لا يقوى على تقلبات الجو في ليالي الشتاء الممطرة، يرتعد سكانه بردا، وتصدع حرارة الشمس رؤوسهم صيفا؛ يخلد رب المنزل كل ليلة إلى نومه حاملا هم أطفاله الصغار، لا حيلة له مع الفقر ولا مأوى لهم سواه.
المشهد السابق، يعكس ملامح واقع صعب عاشته أسرة «محمد شحاتة» سنوات طوال من قبل، حتى جاءت مبادرة«حياة كريمة» لتمحو من ذاكرتهم مر ما عاشوه، فجدران البيت اختلفت ألوانها ولم تعد هاوية في مهب الريح، «المطرة في الشتا كانت بتنزل على العيال وهما نايمين يقوموا في عز الليل من البرد دلوقتي مبقاش في مطرة بتدخل لينا لما المطرة تنزل»، يقول الأب الثلاثيني في بداية حديثه لـ«الوطن» عن مبادرة «حياة كريمة» التي أحدثت فارقا في مستوى حياتهم اليومية والمعيشية.
أرضيات مؤهلة بالـ«السيراميك» وجدران طلاؤها جديد، وسقف محكم من أعلى، هكذا أصبح منزل شحاتة ابن قرية الزرابي، التابعة لمركز أبو تيج بمحافظ أسيوط، بعد إعادة تأهيل البنية التحتية له ضمن المبادرة الرئاسية حياة كريمة في العام الماضي مع بداية انطلاقها بقرار من الرئيس عبد الفتاح السيسي، «بقينا عايشين في مكان آدمي فيه صرف صحي وسقف وكل الكماليات»، بحسب وصفه.
أمطار الشتاء التي تداهم منزل «شحاتة»
وقبل إعادة تأهيل البيت، كثيرا ما أرهقت حرارة الشمس الشديدة أهل المنزل، لاسيما في ظهر أيام الصيف، حيث لا سقف أو جدران مؤهلة تحجبها عنهم قليلا، وبحسب وصفه «كنا دايما نتعب من الشمس وحرارتها دلوقتي بقى عندنا سقف ومروحة كمان تخفف الحر عننا».
واختتم الأب الأسيوطي الذي يعمل أرزقي باليومية، حديثه لـ«الوطن» بتوجيه الشكر للقائمين على مبادرة حياة كريمة وعلى رأسهم رئيس الجمهورية بقوله، «شكرا حياة كريمة خليتنا عايشين عيشة نضيفة».
منزل رباب أصبح مؤهلا للحياة
وعلى بعد كيلومترات قليلة من قرية الزرابي، يقع منزل «رباب حسان» علي يمين الرقعة الزراعية الواسعة بقرية «دكران» التابعة أيضا لمركز أبو تيج بمحافظة أسيوط، توجدت «الوطن» أثناء انشغال الأم بإعداد أرغفة الخبز الساخنة لأطفالها الستة في ساحة بيتها، كما جرت العادات هناك بأن يخبز الأهالي في بيوتهم، وفي خلفها منزلها الذي تغيرت ملامحه كثيرا عن السابق.
«كان السقف من جريد النخل، وأقل مطرة في الشتا بتبهدلنا.. دلوقتي الشتا مبقاش مشكلة لينا»، تقول في بداية حديثها لـ«الوطن» عن مبادرة «حياة كريمة» التي غيرت كثيرا في طريقة معيشتهم.
وفي الداخل، كانت أرضيات من السيراميك وجدران طلاؤها جديد، بينما جلس أطفال رباب يلعبون في أحد أركان المنزل، مشيرة إليهم وهي تتابع حديثها، «كان الأرضيات مفيهاش بلاط وبخاف عليهم من الرطوبة دلوقتي الحمدلله الحال أحسن بكتير بعد ما مبادرة حياة كريمة جددت البيت وخليته آدمي».
حياة كريمة تنقذ أرواح السائقين بعد رصف الطرق
وليست البيوت وأهلها هم فقط المستفيدون من «حياة كريمة» بل السائقون على الطريق الزراعي في قرى أبو تيج وساحل سليم، بعد رصف الطريق وإعادة تأهيله، «كان سنويا بيموت ويتصاب حوالي ألف واحد دلوقتي الحمدلله الدنيا اتغيرت تماما بعد الرصف»، يقول سليمان علي، أحد سائقي النصف نقل بمركز ساحل سليم في أسيوط عن مبادرة حياة كريمة، التي أنقذت الآلاف من الأرواح من المزارعين والسائقين المترددين على الطريق.
الوحدة الصحية، كان لها حيزا كبيرا من خطة «حياة كريمة»، حيث تم افتتاح الوحدة الصحية بقرية تاسا التابعة لمركز ساحل سليم، لتصبح مبنى مجهزا بأحدث أنظمة الإطفاء والتعقيم، لا ينقصه سوى أطباء متخصصون في مجالات مختلفة لخدمة الأهالي، حسب مناشدتهم، غير أن ذلك لم يمنع الإبن الأصغر للأب أحمد محمد صديق، من تلقي الإسعافات الأولية اللازمة بعد إصابته بفتح في أسفل الوجه اثناء لعب الكرة.
وداخل غرفة الإسعافات الأولية، جلس الصغير أمامه أحد أفراد الطاقم الطبي وهو يضمد جراحه، بينما بدأ الأب يروي لـ«الوطن» كيف كان يعاني من قبل للذهاب إلى مستشفى ساحل سليم الرئيسية التي تبعد عن القرية بمسافة طويلة، بحثا عن من ينقذ أحد أطفاله في مثل تلك الإصابات الطارئة، «بقينا نلاقي العلاج والخدمة الصحية أسهل من الأول بكتير» مختتما حديثه بتوجيه الشكر لمبادرة «حياة كريمة».