الأم المثالية بالمنيا.. تحدت العادات والظروف من أجل ابنها: «وهبتله عمري»
نجاح رفضت التفريط في ابنها وصممت على تعليمه
نجاح عبد المجيد
مشهود لها بالطيبة والحنان والعطف، رغم أنها عاشت أياما عانت خلالها من مرارة القسوة والظلم الذي أنهك قواها، صنعت من معاناتها قصة نجاح كبيرة أهلتها لأن تكون الأم المثالية في المنيا، فالسيدة نجاح عبد المجيد جلال صاحبة الـ68 عاما، لديها ابن واحد حاصل على ماجستير في القانون، ويعمل حاليا وكيلا للنيابة، إلا أن وصوله لتلك المكانة كان خلفة قصةٌ طويلةٌ تجلت خلالها قوة السيدة الصعيدية، التي أفنت حياتها من أجله وحتى يصبح ذا شأن كبير، خاصة بعد أن فقدت شقيقه الأصغر بسبب الظروف القاسية التي مرت بها.
في عام 1982 بمدينة ملوي التابعة لـ«عروس الصعيد» بدأت قصة المعاناة التي تكللت بالتكريم في عام 2021، حيث تزوجت حينها «نجاح» لتبدأ حياةً جديدةً تمني نفسها أن تكون مستقرة، إلا أن حياتها مع زوجها لم تستمر أكثر من 8 سنوات، رُزقت خلالها بطفلين، وبعدها تزوج الزوج بأخرى وأراد تطليقها، لكنها رفضت الطلاق متمسكةً بالحفاظ على أسرتها، وذهبت للإقامة في بيت أهلها بشكلٍ مؤقت لحين تدبر الأمر.
القدر كان يخبئ المعاناة للسيدة حينها، والظروف لم تقف في صفها، فكبر سن الجدة لم يجعلها قادرة على الاعتناء برعاية حفيديها، فتوفي الابن الأصغر في عمر سنة ونصف نتيجة وقوع ماء مغلي عليه، ما جعل الأم تصر على استكمال حياتها الزوجية دون انفصال في محاولة للحفاظ على ابنها الثاني، إلا أن الزوج أرغمها على قبول الطلاق وأبرأته من حقوقها.
القسوة التي وجدتها الأم في زوجها، عانت مثلها مع أسرتها، حين عادت إليهم بعد الطلاق بابنها، إلا أنها فوجئت برفضهم أن أن يكون معها، وطالبوها أن تتركه للأب فأبت أن تتخلى عنه، ولم تجد أمامها سوى اللجوء إلي محكمة الأسرة لتوفير سكن لها.
«أنا وهبت عمري لابني ورفضت أتجوز عشانه».. كلماتٌ بسيطةٌ عبرت بها السيدة «نجاح» خلال حديثها لـ«الوطن»، عن التضحيات التي قدمتها في سبيل أن تربي ابنها وتصل به إلى أعلى المراتب والأماكن، فأصرت على تعليمه وكانت تذهب به إلى المدرسة وتعود لتعمل في الخياطة، قبل أن تعود مرة أخرى لاصطحابه من المدرسة للمنزل، وتكمل عملها مرة أخرى، في رحلة يومية قضتها آلاف المرات بنفسٍ راضية، من أجل ابنها.
عمر «نجاح» الذي وهبته لابنها لم يذهب هباءً، حيث بدأت تجني ثمار تعب السنين، إذ تفوق الابن وجرى اختياره طالبا مثاليا، وحصل علي ليسانس حقوق، لتكمل رحلتها معه، وشجعته حتى حصل على الماجستير والتحضير للدكتوراه، حتى تقلد منصبا كبيرا، حيث يعمل مستشارا بالنيابة الإدارية، وعلى الرغم من معاناتها حاليا من أمراض القلب والضغط وقصور في الشريان التاجي وإنسداد كامل بالشريان الأيمن، إلا أنها سافرت من المنيا للقاهرة لحضور تكريمها في وزارة التضامن الاجتماعي.
«حصول أمي على لقب الأم المثالية تكريم للإنسانية».. بتلك الكلمات وصف المستشار اسماعيل جامع ابن السيدة «نجاح» تكريم والدته، حيث يعتبرها مصدر حياته وصاحبة الفضل فيما وصل له بتعبها ومجهودها ودعواتها المستمرة، وعانت كثيرا من أجل تربيته وقاست العديد من الصعوبات التي أصابتها بعدة أمراض، وتعيش على جهاز تنفس صناعي.