ارتفاع ضغط يحول «ماريا» لأم لوالدتها منذ سن الـ9: أصيبت بشلل وألزهايمر
ماريا: أصبحت قادرة على رعاية حالات الشلل النصفي بفضل تجربتي مع أمي
ماريا ووالدتها
تحولت ماريا نجيب البالغة من العمر 26 عاما، ابنة محافظة القاهرة، والتي تعمل في الاستشارات العقارية بإحدى شركات العقارات، إلى «أم» لوالدتها بمعنى الكلمة مسؤولة عن رعايتها والدتها من الألف إلى الياء، في وقت لم يكن قد تخطى عمرها الـ 9 أعوام حينذاك، بعدما تعرضت والدتها لحادث أفقدها القدرة على الحركة، وبمرور الوقت أصيبت أيضا بالزهايمر، وباتت الفتاة في حيرة من أمرها، متخوفة أن يأتي اليوم الذي تنسى فيه والدتها وحبيبة قلبها وقرة عينها، ابنتها.
دائما ما تثبت الفتاة المصرية أنها قادرة على تحمل الصعاب مهما كان عمرها، دائما ما تثبت أنها بمائة رجل في المواقف الصعبة، لا تكل أو تمل، ونستعرض في السطور التالية قصة «ماريا» الفتاة التي تحولت لأم لوالدتها في سن مبكرة، لتثبت أن الأمومة ليس لها عمر، وتحرص كل عيد أم أن تحتفل معها بطريقتها الخاصة.
تروي ماريا نجيب، 26 عاما، مواليد محافظة القاهرة، قصتها مع والدتها لـ «الوطن»، قائلة «والدتي لم تكن تعاني من أي أمراض، ولكن في أحد أيام 2003، حدث ما لا يحمد عقباه حيث ارتفع ضغطها فجأة، ووصل لـ 170 على 90، وحينها كنت طالبة بالمدرسة، وحضر والدي ليأخذني من المدرسة وخلال استقلالي السيارة مع والدي كان يتحدث في الهاتف مع الأقارب عن والدتي، وأنا لا أعرف ماذا حدث ولا أفهم أي شئ، كنت لا أزال حينها صغيرة عمري لم يتخطى الـ 9 أعوام».
وتستطرد «ماريا» قائلة: «عقب وصولنا المنزل اكتشف والدي نسيان مفتاح المنزل على أساس أن ماما متواجدة في المنزل وستفتح الباب لنا، وحاولت أن أصعد من شباك الدور الأرضي بمنزلنا لأصل لشباك الشقة وأتمكن من فتح الباب لوالدي، وهو ماحدث بالفعل ففوجئنا أن والدتي تسبب ارتفاع الضغط في نزيف على المخ، وهي غير مدركة مايحدث لها، حيث كانت تحاول أن تفتح لنا الباب ولكنها غير قادرة، ولم تعد مدركة لشئ حيث فقدت ربع لتر دم نتيجة هذا النزيف المفاجئ».
وتردف الفتاة «هاتفنا الإسعاف الذي حضر ونقلت أمي للمستشفى الإيطالي وتدخل طبيب استشاري مخ وأعصاب يدعى (طه) سعى جاهدا لإنقاذ والدتي (الله يبارك له) فتمكن بعد مشيئة الله عز وجل أن يوقف النزيف، خاصة وأن حالتها كانت خطرة للغاية، وعلى إثر النزيف دخلت في غيبوبة لمدة أسبوعين، ولم تكن مدركة لشئ في الحياة خلال تلك الفترة، ولكن مع العلاج المستمر والرعاية الطبية خرجت من المستشفى بعد ثلاثة أسابيع ونصف، ولكن على كرسي متحرك بعدما أصيبت بشلل نصفي ولم تعد تتحرك منذ هذا التوقيت».
تستطرد ماريا قائلة «منذ ذلك الحين بدأت أنا ووالدي نتولى رعاية أمي حيث تعلمت كل شئ من طبيخ ورعاية والدتي كاملة، كما بت قادرة على رعاية حالات الشلل النصفي منذ ذلك الحين بفضل تجربتي مع والدتي، بينما توفي والدي منذ عام 2012».
وتكمل «وفاة والدي جاءت في الوقت الذي تزوجت شقيقاتي الأكبر مني ومقيمات خارج مصر منذ سنوات طويلة، لذا تعلمت أن أعتمد على ذاتي، كما استعنت بسيدة تقيم معي لتساعدني على رعاية والدتي، خاصة أن وقت وفاة والدي كنت طالبة جامعية، وكثيرا ما تركت محاضراتي لكي أهتم برعاية والدتي المريضة، وللأسف استعنت بالعديد من السيدات ليراعين والدتي معي، ولكن للأسف أغلبهن لم يتحملوا نظرا لأن والدتي مصابة أيضا بألزهايمر فباتت تنسى أكلت أو شربت إيه و كل شئ».
وتتابع قائلة «ألزهايمر تمكن من والدتي، ولكن بفضل الله رغم أنها نسيت كل شئ لكنها لازالت متذكراني، وأحيانا تسأل على أشخاص ماتوا منذ سنوات كوالدها ووالدتها حيث أنها مقتنعة أنها مقيمة مع والدها ووالدتها وتذهب لعملها فهي بالفعل عايشة في عالم ثاني».
وعن أبرز الصعوبات التي عانت منها «ماريا»، في تجربتها مع مرض أمها ورعايتها، تقول «للأسف مفيش حد كان بيتحمل يساعدني في رعاية والدتي ولكن الآن استقرت مع سيدة أمينة ومحترمة وتراعي ربنا فيها، علاوة على الضغط النفسي والعصبي اللي عيشته لسنوات طويلة، و ناس كثير لم يراعوا الله معنا».
وتستطرد ماريا قائلة «دائما ما تقول لى والدتي (يا لولو يا حبيبتي أنتي حبيبتي يالولو وأنا بحبك خالص)، ربنا يخليلي ماما فأنا من غيرها ولا حاجة وعايشة عشانها ويعطيها الصحة ويبارك لي فيها»، وعن مظاهر احتفال الفتاة بعيد الأم مع والدتها السيدة سوزان، تقول «ماريا»، «بكون حريصة على شراء هدية وتناول الغذاء معها في أي مكان بالخارج وأحضنها ونعيد، وفي عيد الأم السنة دي احتفلت معها بالعيد في المنزل وقمت بشراء سلسلة لها خشيت أن تخرج بسبب ظروف أحداث كورونا».
والسيدة سوزان كانت تعمل مفتشة تموين درجة أولى بمصر الجديدة، وهي أم لثلاث فتيات إحداهن متزوجة والثانية حاصلة على بكالوريوس هندسة ومخطوبة وكان عندها مشروع تخرج وقت الحادث، أما الثالثة ماريا فتعمل حاليا في مجال استشارات عقارية بشركة عقارات وهي من تتولى رعاية والدتها منذ وقت الحادث.