جدل بين الحقوقيين حول «الدراسات الطبية» : موافقة «بشروط صارمة».. ورفض «بشكل قاطع»
اختلف عدد من الحقوقيين على الوسائل التنفيذية لمسودة قانون «التجارب السريرية» المقرر عرضه على مجلس النواب المقبل؛ إذ وافق البعض منهم على المسودة وطالب بتنفيذها ولكن «بشروط صارمة» تضمن عدم حدوث تجاوزات أو استغلال للأشخاص محل الاختبار مع تقديم كل المعلومات المتعلقة بالآثار الجانبية أو الأضرار التى قد تصيب المبحوثين، فيما رفض البعض الآخر «بشكل قاطع» مسودة القانون، معتبرين ذلك «استغلالاً لفقر وجهل المصريين» الذين سيتعرضون لإغراء مادى قد يجعلهم يوافقون على تقديم أجسادهم للتجارب مقابل المال.
قالت الدكتورة منال الطيبى، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان: «إن فكرة مشروع القانون ليست جديدة ولكنها تحتاج لمزيد من القواعد والشروط، أهمها: ألا تكون التجارب على المريض سرية بل علنية، ليس عبر إخباره فقط بطبيعة الأمر، ولكن بشرح تفاصيل ما يجرى له من أسباب تقديم العقار وآثاره الجانبية واحتمالات أن يتأثر بها، وعلى أثر ذلك يقرر المريض رغبته فى أن يخضع لتلك التجربة من عدمه، ولا بد أن تكون موافقة المريض بشكل صريح وواضح ويمكن أن تكون مكتوبة كنوع من الإقرار بالموافقة».
وأضافت «الطيبى» أن «مصر بيتجرب فيها الأدوية المستوردة بالفعل»، مشيرة إلى أن «بعض الشركات العالمية ترسل أدويتها لتجرى اختباراتها على المصريين، من أجل معرفة مدى تأثيرها فيما بعد دون شفافية أو علم سابق منا، ولكن آن الأوان أن ينتهى الأمر عند هذا الحد».
ولفتت «الطيبى» إلى «أننا نتذكر فى هذا الصدد حادثة شهيرة كانت بمثابة فضيحة عالمية عندما تم الكشف عن قيام دول كبرى بإرسال أدويتها إلى بلدان أفريقية بهدف التعرف على تأثيرها وأعراضها الجانبية، وكانت هذه الأدوية تُوزَّع على أنها مصرح بها، لكن فى الحقيقة اكتشف الجميع أنها لا تستخدمها فى دولها أو على شعوبها».
من جهة أخرى، رفض محمد أبوذكرى، مدير الوحدة القانونية بـ«مركز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية»، بشكل قاطع، إجراء التجارب على الفئات المذكورة فى بنود القانون من المبحوثين غير المكلفين، كالأطفال والأميين وذوى الاضطرابات العقلية والفقراء وفاقدى الوعى.
وشدد «أبوذكرى» على أن «ضوابط التطبيق والعقوبات التى تصل إلى السجن لن تكفى لمنع التجاوزات، فكيف سيحكم القانون عملية موافقة فاقدى الوعى وذوى الاضطرابات العقلية على الخضوع للتجارب؟ فهم لا يعلمون ماذا سيحدث لهم بعدها، كما أن موافقة أوليائهم أمر غير إنسانى وغير قانونى وغير منصف، ومن الممكن أن يضطر بعض أولياء الأمور إلى الموافقة لأسباب مالية بسبب الظروف الاجتماعية والمادية الصعبة، خاصة الفقراء المذكورين فى مسودة القانون، وأنا أرى ذلك قمة الظلم الاجتماعى؛ لأن الفقير سيوافق على التجارب لاحتياجه الشديد إلى المال».
وطالب «أبوذكرى» بعدم طرح القانون على مجلس الشعب حين انعقاده؛ لأنه «قانون مشبوه ومثير للجدل وسيجعل المواطن المصرى حقل تجارب».
فيما قال المحامى محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائى: «إن وجود مثل هذه القوانين يعد خطوة مهمة فى وضع الضوابط التى تحمى المرضى، خاصة فى ظل العشوائية التى تمارَس عليهم، ويجب أن يتضمن الأمر مبدأ الشفافية مع المريض، وأن يكون المريض على علم بكل الإجراءات التى يتخذها الباحث قبل إجراء التجارب عليه».
الأخبار المتعلقة:
«الوطن» تنفرد بنشر مسودة «تنظيم الدراسات الطبية»: قانون يحول المصريين إلى «فئران تجارب»
أطباء يفجرون مفاجأة: القانون يطبق منذ عام «دون إقراره رسمياً»
بالوثائق والتفاصيل: 18 مادة «مثيرة للجدل» تحت رعاية مؤسسات الدولة