بروفايل| سميح القاسم.. "منتصب القامة يمشي وعلى كتفه نعشه"
ارتبط اسمه بشعر الثورة والمقاومة الفلسطينية من داخل أراضي 48، قاوم التجنيد الذي فرضته إسرائيل على الطائفة الدرزية التي ينتمي اليها.. ورث أخلاق الفروسية من جده الكبير محمد الحسين فارس، من أسياد القرامطة.. إنه الشاعر الفلسطيني الكبير سميح القاسم، الذي توفي أمس.
ولد القاسم 11 مايو عام 1939 في بلدة "الرامة" شمال فلسطين، حيث أكمل دراسته قبل أن يُعتقل عدة مرات على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي بسبب مقاومته المستمرة وحسه الوطني الذي لم يغب لحظة عن باله.
"وطن" و"وضاح" و"عمر" و"ياسر" هم أبناء القاسم الذي رحل، مساء اليوم، بعد رحلة مع مرض السرطان الذي عانى منه، ليرحل وتظل أشعاره المرتبطة بالمناسبات تغنى على لسان الفلسطينيين، وكان والده ضابطًا في قوة حدود شرق الأردن وكان الضباط يقيمون مع عائلاتهم في نفس مكان الخدمة ووقت عودتهم إلى فلسطين أثناء ركوبهم القطار وقت الحرب العالمية الثانية بكى الطفل سميح، فسعى الركاب إلى قتله خوفًا من أن تهتدي الطائرات الألمانية لهم، ولكن أشهر والده سلاحه في وجوههم لإنقاذه، "حسنًا لقد حاولوا إخراسي منذ الطفولة سأريهم سأتكلم متى أشاء وفي أي وقت وبأعلى صوت، لن يقوى أحد على إسكاتي"، هكذا كان رد سميح عندما علم برواية محاولة قتله صغيرًا، والتي تركت فيه أثرًا عميقًا في نفسه.
"منتصب القامة أمشي .. مرفوع الهامة أمشي ...في كفي قصفة زيتون... وعلى كتفي نعشي، وأنا أمشي وأنا أمشي".. أغنية يرددها كل أطفال فلسطين في كل مناسبة قومية، وأشهر قصائد الراحل والتي غناها مرسيل خليفة مرسيل.. "أنا لا أحبك يا موت.. لكني لا أخافك.. وأدرك أن سريرك جسمي.. وروحي لحافك".. هكذا ردد القاسم متحدثًا إلى الموت، الذي لقاه بالأمس، بعد العشرات من الأعمال التي توزَّعت ما بينَ الشعر والنثر والمسرحية والرواية والبحث والترجمة.
واجه سميح أكثر من تهديد بالقتل والاعتقال بسبب نشاطه الشعري والسياسي، وواجه أكثر من تهديد بالقتل، في الوطن وخارجه، اشتغل معلمًا وعاملًا في خليج حيفا، وصحفيًا، صاحب ستة مجموعات شعرية في الثلاثين من عمره حيث حازت على شهرة واسعة في العالم العربي، كما كتب روايات، واهتم بالمسرح الفلسطيني، وحظيت أعماله بتأثير كبير في الرأي العام العالمي بخصوص القضية الفلسطينية.
وأسهم القاسم في تحرير "الغد" و"الاتحاد"، ثم شغل رئاسة تحرير جريدة "هذا العالم" 1966، ورئيس تحرير "الجديد"، وأدار بعدها "المؤسسة الشعبية للفنون" في حيفا، كما شغل رئاسة اتحاد الكتاب العرب والاتحاد العام للكتاب العرب الفلسطينيين في فلسطين منذ تأسيسهما، وترأس تحرير المجلة الفصلية الثقافية "إضاءات" التي أصدرها بالتعاون مع الكاتب الدكتور نبيه القاسم.
وصدر للقاسم ما يقرب من 70 كتابًا في الشعر والقصة والمسرح والمقالة والترجمة، وترجم عددًا كبيرًا من قصائده إلى الإنجليزية والفرنسية والتركية والروسية والألمانية واليابانية والإسبانية واليونانية والإيطالية والتشيكية والفيتنامية والفارسية والعبرية ولغات الأخرى.