«الصحفي الحقيقي» ضحية ضرب الإخوان في الاختيار2: «كنت هموت في إيديهم»
شهاب: فوجئت بأحداث الحلقة تجسد واقعة التعدي عليا كما دونتها على تويتر
المصور الصحفي شهاب فهمي
في صباح يوم الثالث من يوليو عام 2013، غادر المصور الصحفي شهاب فهمي، منزله حاملا على كتفيه حقيبة قد امتلأت بأدوات عمله حيث الكاميرا والعدسات، وتصريح التصوير وبطاقة هويته، متجها صوب اعتصامات أنصار جماعة الإخوان الإرهابية في منطقة رابعة العدوية فترة حكم الإخوان، أنذاك، خرج ولم يتوقع مصيره الذي كان في انتظاره، لم يلبث أن اقترب بعدسته من هدف أراد توثيقه حتى انتزع المتظاهرون منه سلاحه الناعم الذي يرهبهم واستحوذوا عليه دون حق، وانهالوا عليه ضربًا بالأيدي والعُصي، لم يدر أي إثم قترفه وبأي حق يستجوبونه حتى استفاق والدم يسيل على جبهته وجسده ملئ بجروح وكدمات طالت فترة علاجها.
الصور من أحداث متفاوتة بخلاف يوم إذاعة بيان الجيش
مشهد يوم بث بيان الجيش 3 يوليو
الزمن لا يجلو الذاكرة، ثمة أحداث لا تقوى فطرة النسيان عليها من شدة ضراوتها، قرابة ثمان سنوات مرت على أحداث اعتصام رابعة وليلة بيان الجيش المصري لإنهاء حكم الإخوان، لايزال المصور الصحفي «شهاب فهمي» متذكرًا كل تفاصيلها كما لو كانت بالأمس القريب، كلما تحسس وجهه بأصابعه تذكر الجروح والكدمات التي عانى منها بضربات غاشمة بأيدي أنصار جماعة الإخوان الإرهابية أثناء مشاركته في تغطية الأحداث حينها، حتى جاء مشهد الحلقة الأولى من مسلسل الاختيار 2 مجسدا موقف الاعتداء عليه كما هو بتفاصيله ليستعيد ذكريات ذلك اليوم وسط أصدقائه وزملاء المهنة.
«مشهد التعدي على الصحفي في حلقة امبارح كإنه نفس اللي حصل معايا في الحقيقة بالمللي نفس دخلة واحد مهم من عندهم عشان يحقق معايا ونفس قعدتي على الأرض حسيت كإن شريط أحداث اليوم بتعدي قدام عنيا من جديد»، يقول المصور الصحفي صاحب واقعة الاعتداء الحقيقية التي جسدها مشهد الحلقة الأولى من مسلسل«الاختيار2»، في بداية حديثه لـ«الوطن» مبديًا اندهاشه من دقة نقل الموقف الحقيقي بمشهد تمثيلي، «أنا وثقت كل الموقف من 8 سنين على تويتر وامبارح كنت قاعد اتفرج على الحلقة عادي اتفاجئت بالمشهد مكنتش أعرف إن حكايتي هتتجسد في المسلسل وده دليل دقة صناع العمل لنقل الشهادات الحية في الفترة دي».
ضرب بالأيدي والشوم وسرقة المتعلقات الشخصية
من الدراما ومشاهد التمثيل إلى الواقع، يروي الصحفي الثلاثيني الموقف الحقيقي الذي لا يختلف عن مشهد الحلقة الأولى، «كان يوم 3 يوليو وقبل إذاعة بيان الجيش لعزل مرسي دخلت أصور زي كل يوم عادي كنت شغال وقتها لقناة أون تي في ومصور حر لقناة أمريكية لحد ما اتذاع البيان الدنيا اتقلبت ولقيت واحد منهم مسكني بيقولي بتصور إيه» فأخبره بتأدية مهام عمله كمصور صحفي لإحدى المحطات الفضائية الأمريكية فما كان من المتظاهر التابع لجماعة الإخوان إلا أن تطاول عليه بلفظ خارج وانهال عليه ضربًا والتف من حوله العشرات الجميع يصوب نحوه ضربات بالأيدي والشوم، «نزلوا عليا ضرب بكل الأشكال وخدوا مني الكاميرا وكنت بحاول أفضل واقف مقعش على الأرض».
حتى جاء أحد الأفراد المكلفين بتأمين الميدان من الخارج واصطحبوه إلى داخل أحد الخيام المنصوبة للاعتصام،«دخلت الخيمة لقيت ناس مربوطة ومقعدينهم على الأرض من ضهرهم وقتها قولت أنا خلاص مش هخرج من هنا»، وظل المصور الشاب جالسًا على الأرض منتظرًا مصيره المجهول والدماء تسيل من وجهه ورأسه، حتى تحققوا من «كارنيه» القناة التي يعمل بها، «خبيت عليهم إني مصور في قناة مصرية تابعة للدولة ولولا كارنيه القناة الأمريكية مكنتش خرجت من تحت إيديهم».
بأعجوبة وعمر جديد كُتب له، خرج«شهاب» من تحت أيدي المتعصمين في ميدان رابعة، الذي اتشح بالسواد والحزن ليلة إذاعة بيان الجيش، وقد تجرد من أدوات عمله، الكاميرا وهاتفه المحمول وكافة متعلقاته الشخصية عنوة دون وجه حق، متجها صوب قسم شرطة مدينة نصر لتحرير محضر بما حدث معه، ومن بعدها بدأت رحلة علاجه من أثار الجروح والكدمات، «كل حتة في جسمي كانت فيها جروح وكدمات قعدت في البيت من يوم 3 يوليو لحد يوم 14 أغسطس فض اعتصام رابعة».
محضر رسمي وتدوين على موقع تويتر
بمجرد أن استفاق الشاب الثلاثيني من الواقعة، بادر بتدوين كل أحداث التعدي عليه وسرقة متعلقاته الشخصية عبر حسابه الشخصي على موقع «تويتر»، وزاد متابعيه في تلك الفترة، واعتزل بعدها تصوير الأحداث الميدانية، «آخر حاجة صورتها فض اعتصام رابعة وأحداث كرداسة واتجهت بعدها لتصوير الأفلام الوثائقية»، بحسب رواية المصور الصحفي.
«كانت فترة صعبة على كل المصورين الصحفيين والحلقة الأولى من مسلسل الاختيار نجحت في نقل الحقيقة بأدق التفاصيل»، اختتم المصور الشاب حديثه عن مشهد الحلقة الأولى من ملسلسل الاختيار 2 الذي نقل أحداث اعتصام رابعة وتظاهرات الإخوان حتى إذاعة بيان الجيش في يوليو 2013 لإنهاء فترة حكم الإخوان،«اتفاجئت إن المسلسل ناقل اللي حصل معايا زي ما حكيت على تويتر بنفصل الوصف»، معبرًا عن فرحته الشديدة بلحظة سماعه بيان القوات المسلحة لإعلان الخلاص من حكم الإخوان «كنت واقف وسطهم وكاتم فرحتي بس فرحتي مختلفة لإني شوفتهم بعيني واتعذبت على إيديهم».