الباعة الجائلون في طلعت حرب: إذا تم فضنا بالقوة "هنقعد في بيوتنا"
بملابس متواضعة، وأصوات قوية، تجذب آذان المارة أمامهم، تستوقفهم أسعار يسمعونها مرَّ عليها ما يزيد على عقدين كاملين، يجدون في تلك الأسعار هروبًا من الغلاء الذي لم يستطع تلبية معظم احتياجات ذويهم؛ نظرًا لحالة الغلاء التي تجتاح البلاد بلا هوادة.
بمسافة لا تتعدى الـ5 دقائق سيرًا على الأقدام من محطة مترو جمال عبدالناصر، وبالتحديد أمام سينما "ميامي" بمنطقة الإسعاف، يقف عدد من الشباب، لا يتجاوز عمر معظمهم الثلاثة عقود، ينادون بأعلى أصواتهم على بضاعتهم الموجودة أمامهم، ليقضوا بثمنها متطلبات حياتهم وأبنائهم، إلا أن قرارات الحكومة التي وصفها معظمهم بـ"الجائرة"، تمنع تحقيق تلك المتطلبات.
"شايفين إنها أمر واقع الحكومة فرضته علينا بدون مناقشة، وكانوا بيجهزوا وابور التلج، ما يستحملونا الـ3 شهور على ما يجهزوها، ولا أنهم يودونا الترجمان"، كلمات قالها محمد، بائع شربات، مفترشًا الرصيف، ليضيف أن منطقة الترجمان "أهلها أولى بيها" ومن الممكن أن نصنع من منطقة وابور الثلج "منطقة محترمة تفخر الدولة بها فيما بعد".
المساحة التي خصصتها الحكومة للباعة الجائلين بمنطقة "جراج الترجمان" لا تناسب أغراضهم، بسبب مساحتها المكونه من 80 سم في 80 سم، والتي وصفها محمد قائلًا: "مش هقدر أقف ولا أبيع، واللي استلم كروت من الحي بالذهاب إلى هناك، دول هجموا على الشارع بعد الثورة"، ووصف بائع الشربات ما يحدث الآن على الساحة بأنه مجرد "لعبة كراسي علشان يبان أن المحافظ شغال"، مضيفًا أن مظهر البضاعة المفترشة للشارع ليست بالسيئة مقابل ما رآه أصدقاؤه مما يحدث في منطقة "جراج الترجمان"، مؤكدًا أنه في حالة فض قوات الأمن لهم بالقوة، سيضطر معظمهم إلى الجلوس بمنازلهم لعدم رضائهم بمنطقة الترجمان منطقة لبيع السلع الخاصة بهم.
"استحالة يحصل تصادم بين الشرطة والبياع، وخططولنا على الأرض، وفي الآخر يقول 2 مليون و800 ألف جنيه اتصرفوا على مظلتين وشوية طباشير"، كانت كلمات أحمد علوان، البائع المتجول، واصفًا ما يحدث من مسؤولي الحكومة بكونه حل "علشان يفضلوا في كراسيهم"، مؤكدًا استطاعة قوات الأمن إلقاء القبض فورًا على أي بلطجي كما تزعم، وهذا لأن الأمن يحفظهم "واحد واحد"، مطالبًا الرئيس عبدالفتاح السيسي بإعادة النظر مرة أخرى في ذلك الموضوع.
وأكد علوان أنه لا يوجد باعة في تلك المنطقة موافقون على ذلك القرار، لعدم وجود الأمن بها، قائلًا: "إحنا بنبيع هدوم، ومنطقة الترجمان بيبيعوا حديد، إزاي هيجيلي زبون الحديد ياخد هدوم"، موضحًا في حالة نقل الحكومة لهم في مكان حيوي يستطيع جلب لقمة عيشة منه سيذهب فورًا.
"البياع المتجول في الدول الأوروبية الحكومة عملالهم نظام، بيفرش في ميعاد، الساعة 6 والمرافق بتعدي تنظف المكان وترش ميه، وبدل ما نفرش من الصبح ونعمل إعاقة في المرور، خلوا البياعين يفرشوا آخر النهار"، حل اقترحه سامح فاروق، أحد الباعة الجائلين، ليضيف أن الحكومة -سابقًا- عندما هددت عددًا من الباعة بالاعتقال الفوري عند افتراشهم للشارع، لم يغير شيئًا على أرض الواقع.