«السعيد»: النمو السكاني المتزايد في إفريقيا يخلق فرصا واعدة للاستثمار
جانب من الاجتماع
شاركت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، اليوم الجمعة، بالمنتدى الأول لرؤساء هيئات الاستثمار الإفريقية «التكامل من أجل النمو»، المنعقد بمدينة شرم الشيخ في الفترة من 11 إلى 14 يونيو، وافتتحه الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، بمشاركة 34 دولة إفريقية، وممثلي القطاعات الحكومية والخاصة.
وجاءت مشاركة «السعيد» بالجلسة المنعقدة خلال فعاليات اليوم الأول من المنتدى، بعنوان «تعزيز مشاركة القطاع الخاص: دور الحكومات الإفريقية والشركاء الإقليميين»، بحضور الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي، وامكيلي كابيتسوي ميني، الأمين العام لأمانة منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، الهادي محمد إبراهيم، وزير الاستثمار والتعاون الدولي بالسودان، عبدو فال، رئيس مجلس إدارة الوكالة الوطنية لترويج الاستثمار والأعمال العامة بالسنغال، وأدار الجلسة الدكتور هاني سري الدين رئيس لجنة الشئون الاقتصادية والمالية والاستثمار بمجلس الشيوخ في مصر.
وخلال كلمتها؛ أشارت وزيرة التخطيط إلى أهمية مشاركة القطاع الخاص في جهود التنمية، وتمثل الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص إحدى الركائز الرئيسية، لتحقيق الأهداف الـ17 لخطة التنمية المستدامة الأممية، موضحة أن تحقيق التنمية المستدامة بحلول 2030، وما يتطلبه ذلك من برامج ومشروعات باحتياجات تمويلية ضخمة تستوجب تضافر مختلف الجهود، وتعبئة الموارد المتاحة كافة لدى الحكومات والقطاع الخاص.
وأضافت «السعيد» أن الشراكة مع القطاع الخاص في إفريقيا، وأن قارة إفريقيا هي قارة التحديات والفرص، وتواجه القارة العديد من التحديات التنموية، وزادت حدتها مع جائحة كوفيد -19، وأبرزها عدم توافر التمويل الكافي، وأجندة إفريقيا 2063 أوصت بإصلاح منظومة وآليات التمويل للخطط التنموية.
وتناولت وزيرة التخطيط الحديث حول مقومات ومزايا الدول الإفريقية، والتي تزيد من وضعها التنافسي، وتخلق لها فرص أكبر لجذب الاستثمار بالشراكة مع القطاع الخاص، مشيرة إلى الإصلاحات الجادة لبيئة الأعمال، موضحة أن العديد من الدول الإفريقية كثفت في الأعوام الأخيرة، جهود الإصلاحات الاقتصادية والإصلاح الهيكلي وتهيئة بيئة الأعمال، وخلال العقد الماضي استطاعت 32 دولة إفريقية تنفيذ إصلاحات اقتصادية، منها 22 دولة رافق الإصلاحات الاقتصادية بها إصلاحات هيكلية، بما يدل على التزام إفريقيا المستمر بالإصلاح والدفع نحو الازدهار، وتلك الإصلاحات تنعكس إيجابيًا على النواحي الاقتصادية والاجتماعية في دول القارة، وتُسهم في تحقيق النمو الشامل والمستدام، وفقًا لأجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 وأجندة إفريقيا 2063.
وتابعت «السعيد» بأن النمو السكاني المتزايد بقارة إفريقيا كأحد مميزات القارة، على الرغم من كونه يعد تحديًا تنمويًا، إلا أنه في الوقت ذاته يخلق فرصًا واعدة للاستثمار، وأن القارة الإفريقية قارة شابة، وأكثر من 60% من مواطني إفريقيا أعمارهم أقل من 30 سنة.
وهو ما يعني أن مستقبل التنمية في القارة يرتكز في الأساس على العنصر البشري، موضحة أن تلك القوة البشرية الهائلة تحقق وفرة في سوق العمل وتخفض تكلفة التشغيل والإنتاج، ما يخلق العديد من الفرص أمام الاستثمار في الصناعات كثيفة العمالة.
وأضافت «السعيد» أن قارة إفريقيا تمتلك وفرة في الموارد الطبيعية، فضلًا عن المزايا النسبية في القطاعات المصرفية، الاتصالات، البنية الأساسية، وتلك القطاعات التي تقود النمو الاقتصادي في القارة، تمثل فرصة واعدة للشراكة الاستثمارية، سواء بالتعاون من المستثمرين المحليين أو الأجانب، والتصديق على اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية ودخولها حيز التنفيذ، مثل ميزة إضافية مهمة تنعكس إيجابيًا على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، خاصة في قطاعات التصنيع والخدمات.
وحول مظاهر اهتمام الدولة المصرية بتعزيز مشاركة القطاع الخاص في جهود التنمية، أشارت «السعيد» إلى حرص الدولة على أن يكون إعداد وصياغة وتنفيذ، وتحديث رؤية مصر 2030، من خلال شراكة مجتمعية شاملة، تضم الحكومة، والقطاع الخاص والمجتمع المدني وشركاء التنمية كافة، مضيفة أن تنفيذ المرحلة الأولى من البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، تضمن اتخاذ العديد من الإصلاحات الإجراءات التحفيزية لتهيئة بيئة الأعمال، وفتح المجال للقطاع الخاص، للمشاركة في تنفيذ وإدارة مشروعات البنية التحتية وللمساهمة في تنمية الاقتصاد.
وأضافت وزيرة التخطيط أن الدولة نفذت الإصلاحات التشريعية والمؤسسية بإصدار حزمة من القوانين والتشريعات، وتهدف إلى تبسيط إجراءات إقامة المشروعات، وتشجيع القطاع الخاص والاستثمار المحلي والأجنبي، فضلًا عن الإطار التشريعي الداعم للشراكة بين القطاعين القطاع العام والخاص، وحظى باهتمام الدولة، منها إجراء تعديلات في قانون تنظيم مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية والخدمات والمرافق العامة، مشيرة إلى اجتماع اللجنة العليا لشئون المشاركة مع القطاع الخاص، برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وعدد من الوزراء، والموافقة على طرح عدد من المشروعات المقترح إقامتها بنظام المشاركة في مجالات الموانئ الجافة والمراكز اللوجستية والنقل، وبحث التطورات المرتبطة بمشاركة القطاع الخاص في الاستثمار في مجال تقديم الخدمات التعليمية.
وأوضحت «السعيد» أن محور تهيئة البنية الأساسية وتحسين جودتها، يمثل أحد المحاور الرئيسة لجهود الدولة المصرية لتحفيز القطاع الخاص، مؤكدة أن فلسفة وتوجّه الدولة المصرية يرتكز على زيادة الاستثمارات العامة، لتهيئة البنية التحتية لتكن أكثر تحفيزًا للاستثمارات الخاصة، لجذب المستثمرين المحليين والأجانب، وبما يسهم في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام وخلق فرص العمل، مشيرة إلى عدد من المشروعات الكبرى التي نفذتها الدولة لتهيئة البنية الأساسية، منها مشروعات تنمية محور قناة السويس، مشروع الشبكة القومية للطرق، ومشروعات قطاع الطاقة، وإنشاء أكبر محطة للطاقة الشمسية على مستوى العالم في منطقة «بنبان» بأسوان، وإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، وبلغت الاستثمارات العامة الموجهة لقطاع البنية التحتية، خلال الأعوام السبعة الأخيرة نحو 1.7 تريليون جنيه، بما يتجاوز 100 مليار دولار.
وتابعت «السعيد» بأن الاستثمارات الضخمة في تهيئة البنية التحتية ساهمت في تحسّن تنافسية مصر عالميًا في العديد من المؤشرات، وتحسن مؤشر جودة البنية الأساسية بـ 48 مركزا لتحتل مصر المركز رقم 52 عالميًا عام 2019، مقارنةً بالمركز رقم 100 عام 14/2015.
وفي مؤشر جودة الطرق، تقدمت مصر بـ 90 مركزا لتحتل مصر المركز رقم 28 عالميًا، وفي مؤشر جودة الكهرباء، تقدمت مصر بـ 44 مركزا لتحتل المركز رقم 77 عالميًا.
وأشارت وزيرة التخطيط إلى إنشاء الصندوق مصر السيادي، كأحد الآليات لتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، على الرغم من تزامن بداية نشاط الصندوق مع تحديات وظروف صعبة، أبرزها تداعيات جائحة كوفيد-19، نجح الصندوق في جذب مستثمرين وشركاء من الداخل والخارج، وتوقيع اتفاقيات للدخول في شراكات متعددة، مشيرة إلى بدأ النشاط الاستثماري للصندوق بعقد العديد من الشراكات، منها المشاركة في تأسيس الشركة الوطنية المصرية لصناعات السكة الحديدية.
وأضافت «السعيد» أن الحديث حول الخطة التي وضعها الصندوق لإعادة استغلال الأصول المنقولة إليه، لتعظيم قيمتها والعائد منها، منها مبنى مجمع التحرير ومشروع «إعادة إحياء القاهرة الخديوية»، فضلًا عن توقيع الصندوق اتفاق شراكة مع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، وتوقيع اتفاق تحالف بين صندوق مصر السيادي وإحدى أكبر المؤسسات المالية الإقليمية «المجموعة المالية هيرميس القابضة»، من خلال توقيع اتفاقية للاستحواذ على حصة 76% من أسهم بنك الاستثمار العربي عن طريق زيادة رأسمال البنك إلى 5 مليارات جنيه.
وقالت وزيرة التخطيط إن دعم بيئة الأعمال وتعزيز دور القطاع الخاص، يمثل أحد المحاور الرئيسة للبرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية في مصر، ويأتي كمرحلة ثانية واستكمالًا للتطبيق الناجح للبرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، ويشمل ستة محاور للعمل، تضم العديد من الأهداف والسياسات، وتتضمن 31 هدفا وسياسة ونحو 310 إجراءات، تتضمن الإصلاحات المؤسسية والتشريعية.
واختتمت «السعيد» كلمتها، موضحة أن الإصلاحات الهيكلية يمكن أن تلعب دورًا كبيرًا في تسريع عملية التعافي الاقتصادي من الجائحة وتعزيز النمو، والمضي قُدمًا في مسيرة تطبيق الإصلاحات الهيكلية، سيؤدي إلى تعزيز مرونة الاقتصادات الإفريقية في مواجهة الصدمات الخارجية مستقبلًا.
وأكدت وجود عدة عوامل لا بد من مراعاتها لتعظيم الاستفادة من الإصلاحات الهيكلية، تتمثل أبرزها في اتباع النهج التشاركي والحوار في وضع وتنفيذ الإصلاحات، والتركيز على البدء بالإصلاحات الأسهل في التنفيذ، وتحقق أكبر مكاسب اقتصادية واجتماعية في أسرع وقت زمني ممكن للمواطنين، لخلق قبول عام بأهمية وفاعلية الإصلاحات، إضافة إلى أهمية التكامل في الإصلاحات، حيث لا تنجح حزم الإصلاح بدون ثلاثة مكونات أخرى مكملة لها، وهي رشادة سياسات الاقتصاد الكلي والحوكمة، بنية تحتية عصرية، ورأس مال بشري قادر على تنفيذ الإصلاحات.