والدة «قتيل الأمن المركزى» بالعريش: «ابنى راح فطيس.. وربنا يمهل ولا يهمل»
وجوه عابسة.. ملامح بائسة يكسوها الحزن.. وغضب ممزوج بالضعف وقلة الحيلة.. هذا هو حال أسرة مجند الأمن المركزى أحمد حسين محمد خليل، 20 عاماً، الذى لقى مصرعه أثناء تأدية خدمته العسكرية بقطاع الأمن المركزى بحى المساعيد بالعريش، إثر تعرضه للضرب المبرح على أيدى ضابط داخل المعسكر فى واقعة اعتبرها كثيرون «حلقة جديدة من مسلسل انتهاكات الضباط فى حق المجندين».
داخل منزل متواضع بقرية عمريط التابعة لمركز أبوحماد جلست والدة المجند «ضحية الضابط» على الأرض داخل غرفة بسيطة تلتف حولها سيدات القرية متشحات بالسواد لمواساتها وسط ترديدها عبارات «حسبى الله ونعم الوكيل، ربنا ينتقم من اللى قتلك، وحرق قلبى عليك، يارب ملناش غيرك هاتلى حق ابنى» ثم تجهش بالبكاء لتصاب بحالة إغماء وتسارع السيدات لإفاقتها، وبعد مرور وقت قصير حاولت الأم تمالك أعصابها وبدأت حديثها معنا قائلة: «أحمد كان نور عينى وماليش غيره هو وإخواته؛ محمد، 27 سنة وحاصل على دبلوم تجارة ومتزوج ويعمل باليومية، والسيد، 24 سنة ويعمل باليومية، ومحمود، طالب بالصف الأول الإعدادى، ونوسة، 14 سنة من ذوى الاحتياجات الخاصة، وتدرس بمدرسة النور والأمل بمدينة الزقازيق».
وتابعت: «إحنا كنا منتظرين أحمد ينزل أجازة إمبارح عشان نتمّم خطوبته على إحدى الفتيات» وانهمرت فى البكاء وأردفت: «طول الأيام اللى فاتت وإحنا بنشترى الشبكة والأكل وبنجهز للفرح وفجأة الحال اتبدل وبدل ما أشوف ابنى عريس رجعلى جثة.. ابنى راح يخدم بلده ويدافع عنها.. مات فطيس.. عاوزة أعرف ليه؟ صحابه بيقولوا إن فيه ضابط ضربه، والشرطة بتقول إنه مات بهبوط حاد».
وتابعت: «ابنى عريس دخل الجنة، وربنا قادر يرجع حقه.. دا ربنا كبير يمهل ولا يهمل.. وأضافت: «أنا هخاف أودى أخوه الصغير الجيش عشان مايرجعليش ميت زى أحمد من غير ذنب» ثم انهمرت فى البكاء ولم تستطع تكملة الحديث.
وقال «السيد» 24 عاماً، عامل شقيق «المجند» إن شقيقه التحق بالخدمة بقطاع الأمن المركزى فى يوليو الماضى وأتم تدريباته بمعسكر عزالدين بالإسماعيلية، وتم ترحيله عقب ذلك إلى قطاع الدعم بحى المساعيد بمدينة العريش بشمال سيناء، وعلى الرغم مما تشهده سيناء من عمليات استهداف لرجال الجيش والشرطة، لم يكن أخى خائفاً، ودائماً ما كان يهدئ من قلقنا عليه قائلاً: «العمر واحد والرب واحد إحنا هنخاف ليه؟».. وتابع أنه كان دائماً مبتسماً مرحاً.
وقال أحد أقارب المجند، رفض ذكر اسمه: إن تصريح الدفن جاء فيه أن سبب الوفاة هبوط حاد بالدورة الدموية، ولم يشر تصريح الدفن إلى أن المتوفى مجند، حيث وصفه التصريح بأنه «مواطن».
وأضاف أنهم عندما ذهبوا لاستلام الجثمان أكد لهم عدد من زملاء الشهيد أن ضابطاً اعتدى عليه بالضرب المبرح، ما أدى لوفاته، مشيراً إلى أنهم ذكروا أن الضابط طلب من «المتوفى» الوقوف فى الطابور والاصطفاف وسط زملائه فرد عليه قائلاً إنه يشعر بالمرض، فاعتقد الضابط أنه يمتنع عن الوقوف فى الطابور بحجة التمارض، فأمره بالوقوف، وعندما كرر أنه مريض قام الضابط بالاعتداء عليه بالضرب بالركلات وعصا خشبية ما أدى لسقوطه على الأرض وتدهور حالته ووفاته إثر ذلك، وسرعان ما أصيب زملاؤه بحالة من الهلع والذعر فور مشاهدتهم الواقعة.
وأضاف أنه كشف عنه الكفن ووجد آثاراً لكدمات بالرأس والرقبه وفى أنحاء مختلفة بالجسد، كما أن الجثمان تم تشريحه حيث وجد آثاراً لفتح بالصدر والبطن.
واستنكر عدم تشييع الجثمان فى جنازة عسكرية، كما لم يشارك فى التشييع أى من القيادات الأمنية بمديرية أمن الشرقية باستثناء مأمور مركز شرطة أبوحماد الذى غادر قبل انتهاء الجنازة.
يذكر أن ضابطاً برتبة نقيب يدعى «محمد.ح.ع» (26 عاماً - من قوات الأمن المركزى بشمال سيناء) اعتدى بالضرب على المجند أحمد حسين محمد خليل (20 عاماً) من قرية عمريط بمركز أبوحماد بالشرقية، حيث أصيب المجند بإعياء شديد نتيجة الضرب، ما أسفر عن وفاته.
تم نقل جثمان المجند إلى مشرحة المستشفى العسكرى ثم نقلته سيارة إسعاف إلى مسقط رأسه بالشرقية، وتم تحرير محضر بالواقعة وإخطار الجهات المعنية لمباشرة التحقيقات مع الضابط، وأمرت النيابة بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيق.