"الهند وإيرلندا وتونس وفلسطين".. المقاومة بسلاح "الأمعاء الخاوية"
"الأمعاء الخاوية"، "يموتون لنحيا"، مسميات أطلقت على فعل واحد هو الإضراب عن الطعام، الذي أصبح فعالية للمطالبة بالحريات في مصر زاد انتشارها بعد ثورة 25 يناير 2011 للتعبير عن رفض تصرفات الجهات الحكومية تجاه المحبوسين أو للاعتراض على سياسات الدولة.
في بعض الدولة، كان الإضراب عن الطعام سبيلًا للحل، لم يُحدد بدءه في دول العالم، لكن ذاع صيته في القرون المعاصرة من خلال "مهاتما غاندي"، عندما بدأ في 20 سبتمبر 1932، هذه النوعية من الإضراب في سجن "بوما"، احتجاجًا على قانون الانتخاب الذي أعدته الحكومة البريطانية، والذي قضى بمنع الطبقة الفقيرة من المشاركة في الانتخابات.
كان داعية اللاعنف "غاندي" من أوائل مَن انتهجوا هذا الطريق الاحتجاجي، وكثرت الإضرابات عن الطعام في الهند، حتى توفي بعضهم لتجاوزهم مدة الـ100يوم، ما أدى إلى إحراج الحكومة البريطانية ودفعها لاستجابة مطالب المُضربين.
و بعدما ذاع صيتهم بين أبناء شعبهم، تلت الهند "إيرلندا" في قائمة الدول التي نجحت فيها سياسة الإضراب عن الطعام، عندما انتهج هذا الطريق عدد من الساسة الإيرلنديين المسجونين، عام 1980، للسماح بتأسيس الجمهورية الإيرلندية المستقلة، وتحسين صورة الجيش الجمهوري الإيرلندي الذي كانت السلطات البريطانية، نجحت في وصمه دوليًا وإعلانه منظمة إرهابية، وهو ما ساهم في تأجج الرأي العام ضد بريطانيا حتى وصلت إيرلندا إلى ما أرادته.
وكانت "تونس" سابقة بخطوة، وبسببها أصبح للدول العربية نصيب من نجاح هذه النوعية من الإضرابات، ففي 18 أكتوبر 2005، بدأ الإضراب عن الطعام الذي نفذته ثماني شخصيات قيادية بأحزاب معارضة ومنظمات مدنية لمدة 32 يومًا؛ للمطالبة بالحريات الفردية والعامة والإفراج عن السجناء السياسيين، وتحولت حركة 18 أكتوبر، من إضراب خاص بعدد قليل من السياسيين والحقوقيين، إلى حركة وطنية شاملة، حوت كل الحساسيات السياسية، مهما كان اختلافها المنهجي والثقافي، وكل الجمعيات المدنية والحقوقية بالخصوص، وتكونت لجان جهوية وقطاعية في مختلف مدن البلاد، لمساندة مطالب المضربين، وتظاهر نشطاء الحركة الطلابية في مختلف كليات العاصمة وسوسة، وصفاقس، وبنزرت، وقابس بتظاهرات سياسية وثقافية داخل الحرم الجامعي، تعبيرًا عن تبني مطالب المضربين، وكان الحراك الشعبي من أهم ملامح النجاح.
وتعد من أشهر الإضرابات عن الطعام الناجحة، التي خاضها السجناء الفلسطينيون في سجون "اسرائيل" عام 2012 في إطار ما أطلق عليه معركة الأمعاء الخاوية، وقبل هذا الإضراب خاض السجناء الفلسطينيون في سجون الاحتلال العديد من الإضرابات بدأت بإضراب سجن الرملة عام 1969، وإضراب معتقل "كفار يونا" 1969، وإضراب السجينات الفلسطينيات في سجن "نفي ترستا" 1970، علاوة على العديد من الحالات التي توّجت بالإضراب الجماعي الذي خاضه أكثر من 1800 سجين فلسطيني احتجاجا على جرائم إسرائيل، عقب وقوع الجندي "شاليط" في الأسر، وانتهت هذه المعركة بتوقيع اتفاق بين السجناء وإدارة السجون الإسرائيلية برعاية مصرية.
وخلال هذه المعركة السياسية حُطّّمت كل الأرقام القياسية لمدَد الإضراب عن الطعام في التاريخ، إذ اشتهر المعتقل سامر العيساوي بأنه خاض أكبر مدة من الإضراب عن الطعام تجاوزت 9 أشهر، انتهت بإطلاق سراحه في إطار صفقة تبادل، وفقًا لبحث أحد الباحثين في العلوم السياسية.