سامي عبد الراضي يكتب: القاضي.. ومبارك والذين معه
لمن وقف وانتظر مصير رئيس حكم مصر 30 عاما في الساعات الأولى من صباح اليوم.. لمن بقى مشدودا وهو يتابع التلفزيون.. لمن اندهش، وسأل نفسه ألف سؤال: "لماذا فعل القاضي هكذا؟.. ولماذا أجل النطق بالحكم؟.. وما الذى عرضته المحكمة في تقرير مدته 14 دقيقة؟.. وهل هذا قانوني؟.. لمن انتظر براءة أو إدانة.. لمن ضرب كفا بكف":
1 - لم يكن السيد المستشار محمود كامل الرشيدي، رئيس محكمة جنايات القاهرة، المعروف إعلامياً بـ"قاضي محاكمة القرن"، بحاجة لهذا التبرير.. "ليه مش هيحكم النهاردة؟".. ليس في حاجة أن يعرض تقريرا مدته دقيقة واحدة وليس 14 دقيقة.. كان من المفترض أن يصعد القاضي ويجلس على منصة العدالة، وكما يقول كتاب "النطق بالأحكام"، في صفحاته التي هي أمام جميع القضاة.. كان عليه أن يقول: "قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم، لجلسة 29 نوفمبر المقبل.. رُفعت الجلسة".
2 - معروف أن لسان القاضي هو "الحيثيات"، ولم يكن الأمر يحتاج لأن يصور 160 ألف ورقة في غرفة مداولة مصغرة بمنزله، حتى "يصدق" الناس ومتابعي التلفزيون، أنه يعاني، وتعب أثناء نظرها، وهو أمر معلوم للجميع.. فالقضية بها أوراق كثيرة، وشهادات شهود، وأقوال متهمين ودفاع ومرافعة نيابة وتقارير، و.. و..
3 - قصة التقرير، والدخول بالكاميرا وتقليب الأوراق، أثارت جدلا وعلامات استفهام كثيرة، حول "الفكرة والمضمون والتبرير".
4 - من حق القاضي أن يؤجل النطق بالحكم يوما، أو شهرا، أو أكثر.. هذا من أبسط حقوقه.. وكان عليه أن يؤجل مباشرة دون "تجويد".. دون تقرير تلفزيوني.. لأن المحصلة، أو"المنظر العام"، أو الانطباع "مش حلو" وكانت نتيجته عكسية، بخلاف ما توقع القاضي الجليل محمود الرشيدي!
5 السيد المستشار أحمد رفعت، الذى أصدر حكما في قضية مبارك، أمهل نفسه 4 شهور كاملة، بين حجز القضية وجلسة النطق بالحكم (2 فبراير 2012 حتى 2 يونيو 2012)، أما السيد المستشار محمود كامل الرشيدي، فكان عليه أن يعطي نفسه فرصة أكبر، بدلاً من علامات الاستفهام التي صدرت بحقه.
6 - لا أملك "شفقة" بعد التقرير، وهذا الكم الهائل الملقى على عاتق المستشار الرشيدي، ولا أملك "لوما" عليه بسبب إقحام تقرير في قلب المحاكمة، في لحظة تاريخية كان ينتظرها الجميع، لسماع ثاني حكم بحق مبارك وابنيه، والعادلي ومساعديه الستة.
7 - التقرير الذي أظهرته المحكمة، يعد سابقة لم يحدث مثلها في تاريخ القضاء المصري، خاصة وأن الجلسة كانت مخصصة للنطق بالحكم.
8 - الرأي القانوني في هذه الحالة يقول، كما قاله منذ قليل المستشار مدحت المراغي لزميلي الوليد إسماعيل: "إن الأصل في القانون هو أن أوراق الدعوى القضائية لا يطلع عليها إلا أعضاء هيئة المحكمة، ودفاع الخصوم بإذن من المحكمة وتحت إشرافها، لكن لأن هذه القضية ليست قضية عادية، إذ تتعلق بالرئيس الأسبق حسني مبارك، الذي تولي حكم البلاد ثلاثة عقود، فقد تكون للمحكمة وجهة نظر تتمثل في أنه للتاريخ، تقوم بتوثيق هذه الأوراق، وعرضها على المتابعين للقضية التي يهتم بها جميع المصريين".
9 - المراغي أضاف: "مراسلة القناة التي ظهرت في التقرير، كانت تباشر العمل أثناء التصوير، تحت إشراف المحكمة أو مندوب عنها، وكان الأفضل ألا تستطرد في التصوير، بفتح أحد الملفات واستخراج أوراق منه، ويقتصر عملها على تصوير الملفات فقط، لكن طالما كان الأمر تحت بصر المحكمة وبصيرتها، فإنه لا توجد مشكلة من الناحية القانونية، خاصة وأنه من المؤكد أن المحكمة حريصة على ألا يدخل أو يخرج من ملفات القضية أي أوراق أثناء عملية التصوير".
10 - المشاهد الذي كان أمام التلفزيون، وصُدم بقرار القاضي، من حقه الصدمة، وعليه أن يجد إجابات على علامات الاستفهام التي تولدت لديه عقب القرار.
11 - معلوماتي تقول إن السيد القاضي أراد أن "يجنب" نفسه "اللغط"، حول ما تردد عن البراءة والإدانة، وأراد أن يوصل معلومات للشخص العادي أمام التلفزيون أنه "قاضي أوراق"، وليس "مسيسا"، وأنه سيراعي الله في حكمه.. معلوماتي أيضا أن القاضي أصيب بوعكة صحية في الشهرين الأخيرين.. وأنه سيسافر خارج البلاد خلال أيام لتلقي العلاج، وسيعود لمتابعة عمله، والاستعداد جيدا لأن يجلس على المنصة.. ويقول: "قرأت الأوراق كاملة.. وكتبت حيثيات حكمي.. وها هو حكمي لله وحده".. أدعو لسيادة القاضي، المستشار محمود كامل الرشيدي، بالشفاء.. والرجل له مبرره فيما فعل ولدي ولديكم مبررات في "علامة استفهام".. من؟ ولماذا؟ ومتى؟ وأين؟ وكيف؟ وهكذا وهكذا!!