«الوطن» تحذر من الأمراض المنتظرة: احترس.. الخروف «مسموم»
فى شوارع القاهرة والجيزة، تنتشر أكوام القمامة بأماكن متعددة وعليها يتغذى الأغنام والماعز على مرأى ومسمع من الجهات الرقابية والصحية، متغافلين خطورة تناول هذه اللحوم على الصحة العامة، فى ظاهرة تستمر على مدار العام وليست مقصورة على عيد الأضحى فقط، «الوطن» رصدت أهم المناطق التى تتغذى فيها الأغنام والماعز على القمامة، والأمراض التى يصاب بها المواطنون نتيجة تناول هذه اللحوم الضارة، وتكشف طرق الخداع التى يقوم بها التجار لخداع المواطنين العاديين؛ حيث طالب الأطباء البيطريون والمتخصصون المواطنين بالابتعاد عن شراء الأضاحى من الشوادر فى الشوارع لعدم ضمان جودة لحومها، وحذروا من وقوعهم فريسة سهلة فى يد التجار الجشعين الذين لا يهمهم إلا تحقيق مكاسب مالية على صحة المصريين. [FirstQuote]
مقالب زبالة كبيرة منتشرة فى الجيزة والقاهرة، رائحتها كريهة جداً، تزكم الأنوف، يحاول المارة الابتعاد عنها وتجنبها قدر المستطاع، لكن بعض القطعان من الأغنام والماعز تقترب منها تحت تهديد العصى التى يمسك بها صاحب هذه الأغنام، فتأكل منها كل شىء دون أن تفرق بين البلاستيك وبقايا الطعام والأوراق، وبمرور الوقت تعتاد هذه القطعان على تناول الزبالة.
بجوار كوبرى المشاة الشهير بـ«الكوبرى الخشب» ببولاق الدكرور يوجد كوم كبير للقمامة أمام محطة توزيع غاز وبجوار موقف سيارات النصف نقل، وسيلة الانتقال الوحيدة فى المنطقة مع التوك توك، عشرات الأغنام من الماعز والخراف تتغذى يومياً على الزبالة التى يتركها المواطنون فى الكوم، شكل الخراف مقزز للغاية ورائحتها كريهة، وعلى مقربة منها يقف صاحب تلك الأغنام، بينما يوجد بجوارها شادر صغير به بعض الأغنام الصغيرة التى تتغذى على الأعلاف والبرسيم، لكن عدداً من المواطنين فى المنطقة يشككون فى نظافة لحوم مثل هذه الشوادر التى تقع بالقرب من أكوام القمامة، حيث يقوم رعاة الأغنام بتغذيتها على الزبالة طوال العام، ثم يقومون بإيهام المواطنين بتقديم الأعلاف والتغذية الصحية للأغنام التى يربونها، حتى يقدم المواطنون على شرائها.
المشهد السابق يتكرر فى أكثر من منطقة شعبية وعشوائية فى القاهرة الكبرى، وليس مقصوراً على بولاق الدكرور، فحى العمرانية أيضاً يحوى عدداً كبيراً من أكوام القمامة التى تتغذى عليها الأغنام والماعز، بجانب منطقة البساتين والمرج ومسطرد وإمبابة وزنين، ومن خلال زيارة بسيطة إلى سوق الإمام الليثى بمصر القديمة يستطيع الزائر أن يتعرف بسهولة على تجار تلك الأماكن الشعبية التى تبيع الأغنام التى تتغذى على الزبالة بعد تحسين هيئتها وبيعها على أنها تتغذى على أغلى الأعلاف.
فى البداية يقول المهندس سعد عبدالفتاح، أحد سكان الدقى «الأغنام التى تتغذى على الزبالة فى القاهرة والجيزة تجبرنى كل عام على الذهاب إلى الريف لشراء الأضحية من هناك، أعتبرها أكثر ضماناً وخالية من الأمراض، لكن التجار هنا يخدعوننا بأكثر من طريقة إحنا مش عارفين الغنم دا واكل إيه بالظبط، ما بيخليش، بياكل كل حاجة».
الدكتور محمد خالد المسلمى، وكيل كلية الطب البيطرى، أستاذ الرقابة الصحية على اللحوم، يقول «انتشار ظاهرة أكل الأغنام والماعز للزبالة الموجودة فى الشارع خطير للغاية، والخطورة تتمثل فى أن لحومها تحتوى على طفيليات تؤثر على صحة الإنسان، لأن الأغنام لا تفرق بين الأنواع التى تتناولها وتكون غالباً بواقى طعام ولحوم فاسدة ومتعفنة، كل هذه الأنواع تنمو بها الميكروبات والفطريات والفيروسات مع ارتفاع درجات الحرارة فى مصر بمعظم شهور السنة، هذه الميكروبات تتناولها الأغنام والماعز مباشرة وتنمو داخل أجسامها، وهو ما يؤدى إلى حدوث تسمم غذائى أثناء تناولها، لذلك ننصح بتقديم الأعلاف والبرسيم لتربية هذه الحيوانات، لكن القائمين على تربية الأغنام والماعز من الزبالة يحاولون توفير ثمن العلف المرتفع، معتقدين أن حجمها ووزنها سوف يزيد، لكن هذا غير صحيح على الإطلاق، لأن تناول القمامة لا يحقق أى قيمة غذائية مفيدة، وبالتالى لا يزيد وزن الحيوان على وزنه الأصلى.
يضيف المسلمى قائلاً «عملية شراء المواشى من الشارع تزيد قبل عيد الأضحى، وخطورة ذلك تتمثل فى عدم خضوع هذه الحيوانات للكشف الطبى قبل عملية الذبح فى عيد الأضحى، ولا تذبح فى المجزر الآلى، ومن حيث الشكل يختلف الخروف السليم والصحى عن الآخر الذى يعتمد فى تغذيته على الزبالة فى أن الأول يتحرك بشكل طبيعى وسلس وفروته معتدلة ولا يظهر على جسده أى أعراض للأمراض، أما الثانى فإنه يعانى من بطء فى الحركة ويبدو جسمه غير متناسق وتكون ليته كبيرة، وفروته طويلة وملبدة، وأحياناً يسقط منه بعض الديدان إذا تم طرقه على رأسه، ويدور حول نفسه إذا وصلت واحدة من هذه الديدان إلى المخ، يظن الناس أنه يبحث عن الطعام لكنه يدور فى الفراغ بسبب الأمراض والديدان التى تنهش فى جسده، هذه الديدان من الممكن أن تتحوصل فى قلبه وكبده ولحمه، لذلك يفضل عدم شراء الأضاحى من الشارع، لأن بعض التجار الغشاشين يقومون بتقديم مياه مالحة له ليشربها وبالتالى يكون مضطراً لشرب كميات كبيرة من المياه تنفخ بطنه ويبدو أنه حامل ومحمل باللحوم وبذلك يخدعون المشترى العادى.
وينصح المسلمى المواطنين بمراعاة الأمور السابقة عند الشراء وملاحظة عينه وبرازه، فإذا كانت العين حمراء والبراز غير متماسك وبه إفرازات، فيجب الابتعاد عنه تماماً، كما يجب على المواطن الذى يشترى الأضحية أن يمتنع عن تقديم الأكل لها قبل الذبح بـ12 ساعة على الأقل، مع تقديم المياه لغسيل الأمعاء والامتناع عن إجهاده قبل الذبح بـ24 ساعة، وبعد الذبح يجب أن نتركه حتى ينتهى من «الترفيص» ليفرغ الدم من الأنسجة والعضلات، وإذا لاحظنا خروج كميات قليلة من الدم بعد الذبح، وكانت لحمته حمراء داكنة، يجب عدم تناول هذه اللحوم، ويجب إعدامها كلياً إذا كانت جميع الأجزاء بالرئة والكبد والأنسجة بها تحوصل ولونها غير طبيعى وداكن، وهذا يعنى أن الحيوان كان يعانى من مرض مزمن أو حمى قبل الذبح.
من جانبه يقول الدكتور محمود عمرو، أستاذ الطب بالقصر العينى، مؤسس المركز القومى للتسمم، إن ظاهرة أكل الأغنام والماعز والمواشى من الزبالة منتشرة فقط فى القاهرة الكبرى والإسكندرية، لأن أكوام القمامة تكثر بهما عن أى منطقة أخرى فى الجمهورية، محذراً من خطورة تناول لحوم هذه الحيوانات على الصحة العامة لأن الخروف يأخذ جميع الملوثات فى بطنه، وبالتالى تُكون سموم ومواد كيماوية وفطرية وفيروسية فى جسم الحيوان وتدخل الكبد كمحطة أولى لاستقبال السموم، إذن كبد الحيوان الذى يتغذى على الزبالة ساماً، ثم المخ الذى يأكله البعض فى صورة البانيه ويفرحوا به يوجد به أكبر تجمع للتسمم فى جسم الحيوان الذى يتغذى على الزبالة، بالإضافة إلى اللحم والعضلات والدهن، فلية الخروف والدهون فى الضانى مملوءة بالسموم أيضاً إذا كان يتغذى على الزبالة.[SecondQuote]
يضيف الدكتور عمرو «الحيوان قد يصاب ببعض الأمراض الخطيرة مثل الجمرة الخبيثة ومن الممكن جداً أن ينتقل المرض إلى المربى والمشترى عن طريق العدوى وأكل اللحوم التى يوجد بها فيروسات وفطريات وكيماويات. والمواد الكيماوية عبارة عن مبيدات ورصاص ومذيبات عضوية وغير عضوية ناتجة من مخلفات المنازل والمنظفات، والحيوان يأكل القمامة ولا يفرز حتى براز الطفل بالحفاضات عن أى شىء آخر، بياكل أى حاجة تقابله، وهو اعتاد على هذا الوضع الجديد، الحيوانات التى تتغذى على الزبالة تكون «زفرانة» وجلدها قذر وفمها مقرف شكلاً وموضوعاً، هو حيوان مغلف بالزبالة».
وعن الأمراض التى يصاب بها الإنسان نتيجة تناول لحوم هذه الأغنام، يقول مؤسس المركز القومى للتسمم «النزلات المعوية تصيب الأطفال والكبار نتيجة تناول هذه اللحوم الملوثة حسب كمية الكيماويات وتجمع المبيدات فى كبد الحيوان واللحم الضانى التى تجمع المواد الكيماوية بصورة كبيرة وتسبب أمراض الكبد والجهاز الهضمى وتساعد على تدهور حالة المرضى المصابين بالكبد، كما أن الرصاص يدمر الكلى ويسبب الفشل الكلوى والكبدى إذا تكررت عملية تناول اللحوم الفاسدة أكثر من 4 مرات فى السنة، فالجسم يستطيع التخلص من السموم إذا كانت الكميات وعدد مرات تناول اللحوم الفاسدة قليلة على مدار العام، ويتابع عمرو قائلاً «على المواطنين عدم الشراء من الشوادر غير المراقبة بيطرياً وللأسف تتحول شوارع القاهرة والجيزة إلى «زرايب» كل عام قبل عيد الأضحى، ولا أنصح أحداً بالقيام بذلك لأنها غالباً تكون غير مضمونة، ولمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة لا يوجد داع لإصدار قانون جديد يجرمها، يجب فقط تطبيق نصف القانون الذى لا يسمح بوجود «زرايب» أو شوادر فى الشوارع.
يظن البعض أن الطهى والتسخين الجيد يمنع نقل السموم إلى الجسم وهذا اعتقاد خاطئ، فالتسخين يقتل الفيروسات والفطريات والبكتريا، لكن لا يستطيع التخلص من المواد الكيماوية بل يزيدها ويحولها إلى مواد كيماوية مركبة ومعقدة يصعب التعامل معها، لأنها ناتجة عن تفاعل الرصاص مع المبيدات مع المذيبات، إذن التسخين سلاح ذو حدين يقتل الأحياء البيولوجية ويزيد المواد الكيماوية، وإذا تم شواء لحوم الأغنام التى تتغذى على الزبالة فإن فرص الإصابة بالأمراض ستكون أكبر، لأن الجزء الخارجى سيتم حرقه لكن اللحوم المشوية من الوسط.
ويقول على عبدالتواب، صاحب محل جزارة بالدقى «لا أشترى الأغنام التى تأكل القمامة، لأنى أتعرف عليها بسهولة، شكلها غريب وجسمها غير متناسق وريحتها زفرة وضهرها قفص، ومش محمل لحم، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول «من غشنا فليس منا» هؤلاء التجار والمربين غشاشون ويخدعون المستهلك فى الحيوان بل ويزيدون وزنه بالمياه والرمال.
وأشار عبدالتواب إلى زيادة أسعار اللحوم هذا العام مقارنة بالعام الماضى قائلاً «سعر كيلو اللحمة زاد 2 جنيه على سعر العام الماضى، وأصبح سعر الكيلو القايم بـ36 جنيه للأغنام.