احتجاجات وصدامات مع الشرطة في إيران على خلفية أزمة الريال
اندلعت صدامات بين محتجين ورجال الشرطة في وسط طهران، اليوم الأربعاء، في أول مؤشر على الاضطرابات الشعبية على خلفية أزمة العملة الإيرانية التي تسجل انخفاضا تاريخيا، حيث خسرت أكثر من نصف قيمتها منذ الأسبوع الماضي.
واقتحم مئات من رجال شرطة مكافحة الشغب حي الفردوسي الذي تنتشر فيه محلات الصرافة، واعتقلوا عددا من الصرافين غير القانونيين، وأمروا بإغلاق مكاتب الصرافة المرخصة وغيرها من المتاجر، بحسب ما أفاد شهود عيان.
وشوهد رجال شرطة يرتدون الزي الرسمي والملابس المدنية وهم يقومون باعتقال العديدين.
وارتفعت أعمدة الدخان من موقعين في المنطقة. وبدا أن الدخان يتصاعد من حاويتي قمامة كانت إحداهما بجانب السفارة البريطانية التي أخليت العام الماضي بعد أن اقتحمها متظاهرون مؤيدون للحكومة.
ولم يكن بالإمكان تحديد المصدر الثاني للدخان، حيث قامت الشرطة بإبعاد المشاة والسيارات عن المنطقة.
وبحسب شهود عيان فقد ألقى بعض المحتجين الحجارة على رجال وسيارات الشرطة ثم فروا من المكان.
واندلع احتجاج في البازار الكبير التاريخي في طهران، والذي يضم عددا من المتاجر المهمة للمدينة، إلا إن الشرطة سارعت إلى إخماده.
وقال صاحب أحد المتاجر: "أغلقنا محلاتنا لأننا لا نعرف ما الذي سيحدث" في سوق العملة.
وصرح الكولونيل خليل هلالي، القائد في قوات الأمن، لوكالة مهر الإخبارية، أن الشرطة "ستتحرك" ضد التجار الذين أغلقوا محلاتهم بسبب "تعكيرهم" الأجواء.
ونقلت وكالة "فارس" عن الجنرال إسماعيل أحمدي مقدم، قائد الشرطة الوطنية، قوله إن وحدة خاصة مؤلفة من قادة الشرطة ومسؤولين اقتصاديين من الحكومة قد تشكلت "لمواجهة من يشيعون الاضطراب في سوق العملة".
وأضاف إن "تقييم البنك المركزي يفيد بأن الناس يحتفظون بكمية كبيرة من العملة والذهب في منازلهم، ما ينعكس سلبا على الاقتصاد".
وتابع: "مع الأسف يظن البعض أن رأسمالهم سينهار (بسبب انهيار العملة) ويهرعون إلى أسواق العملة والذهب، الأمر الذي يتسبب في ارتفاع الأسعار".
ويبدو أن حملة القمع هي محاولة من السلطات لوقف الانحدار الكبير في قيمة الريال الإيراني هذا الأسبوع.
وقال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إن العقوبات الغربية هي المسؤولة عن تدهور العملة. إلا إن منافسيه قالوا إن سوء إدارته للاقتصاد هي السبب الرئيسي في ذلك.
وتعهد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، مرة أخرى اليوم الأربعاء بأن لا تذعن بلاده للضغوط الغربية التي تهدف إلى إجبارها على التخلي عن برنامجها النووي.
وقال، في كلمة نقلتها وكالة إيسنا الطلابية للأنباء: "الهدف من الضغط على الشعب الإيراني هو إجباره على الإذعان. ولكنه لن يذعن أبدا. وهذا ما يثير غضب عدونا".
وذكر صرافو العملات أن جميع التعاملات تقريبا توقفت في السوق، ما يجعل تقييم قيمة العملة الإيرانية غير أكيد، إلا إن سعر الدولار يقدر بنحو 36 ألف ريال، وهو نفس سعره عند إغلاق التعامل الثلاثاء.
وتخضع المواقع الإلكترونية التي ترصد سوق الصرف إلى الرقابة، حيث لم تكشف أي منها عن سعر الريال مقابل الدولار.
ووصل سعر الريال قبل أسبوع إلى نحو 22 ألف ريال للدولار، بينما كان سعره 13 ألف ريال قبل عام.
وأدى انهيار سعر الريال إلى زيادة التضخم في إيران بشكل كبير، والذي يعتقد أنه أعلى بكثير من نسبة 23.5% الرسمية التي يتحدث عنها البنك المركزي.
فقد ارتفعت أسعار الغذاء بشكل كبير، ما أثار مخاوف العائلات الإيرانية. ويقول التجار، الذين خسر بعضهم ملايين الدولارات خلال يوم واحد، إن المعاملات التجارية أصبحت شبه مستحيلة.
وتخضع إيران إلى عقوبات فرضتها الأمم المتحدة بسبب برنامجها النووي المثير للجدل، وتم تشديدها بعقوبات نفطية ومصرفية أمريكية وأوروبية، والهدف من ذلك هو حرمانها من مواردها النفطية لدفعها إلى وقف نشاطاتها النووية الحساسة.
وتعتبر الحكومة الأمريكية انهيار الريال مؤشرا على تأثير العقوبات الغربية الكبير على اقتصاد الجمهورية الإسلامية، إلا إن نجاد قال إنه حتى رغم "الحرب النفسية على سوق العملة" فإن إيران لن تذعن للضغوط لوقف نشاطاتها النووية.
وقال "لسنا شعبا يتراجع في المسألة النووية".