أنا عاقر
كانت كلماتها الجريئة تسبب صدمة كبيرة لكل الحضور؛ فقبل أن يستفزها الناس بأسئلتهم المحرجة، وقبل أن يسترسلوا فى نصائحهم المملة تسبقهم بقولها: «أنا عاقر». صممت أن أسألها: «لماذا تتفوه بهذه الكلمة القاسية؟»، فقالت: «المجتمع يعاقبنى على حرمانى من هذه النعمة، وبدلاً من أن يساندونى، حاولوا تدميرى وتذكيرى كل لحظة أنى امرأة ناقصة أقل من غيرى، بل أشكّل لهم خطراً على حياتهم، فسألتها: وكيف هذا؟ فدعتنى إلى سبوع إحدى صديقاتنا وقالت لى: راقبى كيف سيتعاملون معى، وإذا بأم صديقتنا ترمى كمية كبيرة من الملح فى وجه صديقتى، خاصة عينيها لدرجة ألهبتها وأسقطت منها الدموع بغزارة، فنظرت لى وهى مكسورة، وذهبت إلى صديقتنا لتحمل منها الوليد، فإذا بها تدعى أنه يغفو فى النوم، وأحاطته بأغطية كثيرة جداً حتى لا تراه صديقتنا، فرحلنا، وفى طريقنا قالت لى: «مأساتى لا تنتهى هنا، فهنا البداية، أنا أعيش ذليلة مع زوجى، علىَّ أن أتحمل سخافات أمه ولومها لى أنى أحرم ابنها من الذرية، وأخيراً طلب منى أن أوافق على زواجه بأخرى، وفعلاً وافقت وذهبت معه لخطبتها حتى تتأكد أنى موافقة». فقلت لها: «لا، هذا أكثر من أن يتحمله بشر»، وضممتها إلى صدرى وقلت لها: «هذا مجتمع أنانى متخلف ظاهرى العبادة ولا يعلم شيئاً عن كلام الله (المال والبنون زينة الحياة الدنيا)، وليسوا أساس الحياة؛ لذلك هم وهبة يهبها الله لمن يشاء، فهم تركوا كل أساسيات الحياة التى خُلقت من أجلنا وتمسكوا بالزينة فزادتهم تعاسة على تعاستهم، أما زوجك فقد خسر خسارة كبيرة نتيجة لجهله؛ فالبنت تولد وهى تحمل ثلاثة أنواع من العاطفة، أولها: عاطفتها لأهلها، ثم زوجها، ثم الأمومة.