النيابة: «مرسى» هانت عليه دماء المصريين من أجل كرسى الحكم
واصلت النيابة العامة، أمس، مرافعتها أمام محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار أحمد صبرى يوسف، فى قضية قتل متظاهرى «الاتحادية»، المتهم فيها الرئيس الأسبق محمد مرسى، وعدد من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان.
وقال المستشار إبراهيم صالح، المحامى العام لنيابات غرب القاهرة، فى مرافعته أمام المحكمة، إن القضية تحتوى على العديد من الأدلة الفنية، ومنها تقرير الإدارة العامة للتوثيق والمعلومات بوزارة الداخلية، وتقرير اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وتقرير الهيئة العامة للاستعلامات، وأكد أن تقرير الإدارة العامة للتوثيق احتوى على العديد من مقاطع الفيديو والصور، منها مقطع يحتوى على «مارش عسكرى إخوانى» لمجموعة من المتهمين، وهم يسيرون فى خطوط منظمة، ويرفعون صور «مرسى»، مرددين: «قوة.. عزيمة.. إيمان.. رجالة مرسى بكل مكان»، كما ظهرت صور للمتهم أحمد المغير، يحمل سلاحاً أبيض، فى أحد الفيديوهات، ولدى سؤاله فى التحقيقات، قرر أنه يحمله للدفاع عن النفس وقت الحاجة.
وأكد «صالح» أن هناك مقطعاً بعنوان «الإخوان يعذبون المعارضين»، وفيها صورة المتهم علاء حمزة، يعذب المجنى عليه، مينا فيليب، ومقطعاً آخر بعنون «الإخوان يعتدون على المتظاهرين»، ويظهر أحد رجال الإخوان يصفع سيدة على وجهها. وعلق ممثل النيابة العامة متسائلاً: «أين الرجولة عندما تصفع سيدة على وجهها؟».
وأضاف أن مقطعاً يظهر فيه المتهم وجدى غنيم، وهو يتحدث لإحدى الفضائيات، ويوجه حديثه للجمهور قائلاً: «إما كافر هقتلك، وإما باغى هقتلك.. هتموت هتموت»، واستخدم مفردات الإسلام ومعانيه ليقنع المحتشدين بأن المعتصمين إما كفرة أو باغون، وقال «صالح» إن المتهم محمد مرسى أول من سيُسأل أمام الله والقانون عمن قتل أو أصيب أو أتلفت ممتلكاته، وأكد أن وراء الأحداث المتهم أسعد الشيخة، الذى أعطى أوامره بإدخال المجنى عليهم إلى القصر، ومن خلفه المتهم أحمد عبدالعاطى، الذى حاول إدخالهم، لإظهار الأمر أمام الرأى العام بأنهم اقتحموا القصر على خلاف الحقيقة.
وتساءل ممثل النيابة: «كم عدد متظاهرى الاتحادية يوم 4 ديسمبر 2012؟ وما عدد المعتصمين؟»، وأجاب بأن عددهم لا يتجاوز المئات، فلماذا اجتمع كل ذلك الحشد من جماعة الإخوان للقضاء عليهم وتصويرهم على أنهم بلطجية، وإلقاء القبض عليهم دون سلطة قضائية؟ وقال إنه يجزم بأن «الجماعة» أرادت إهدار الدماء عن طريق ائتلاف الحركات الإسلامية من «الحرية والعدالة» و«النور» وحركة «حازمون»، الذين أصدروا بياناً استنكروا فيه اعتصام المتظاهرين، وحمَّلوا المعارضة مسئولية الأحداث، رغم أن المظاهرات كانت سلمية ولم تحدث أعمال عنف، وتساءل: «ما المبرر وراء هذا البيان؟».[FirstQuote]
ووصف سياسة الرئيس المعزول فى حكم البلاد بالمستبدة، وأضاف أن معتصمى «الاتحادية» لم يمثلوا خطراً على «مرسى»، بدليل أنه لم يغادر القصر، ومارس عمله بصورة طبيعية أيام 4 و5 و6 ديسمبر 2012، وإذا كان هناك خطر عليه لغادر إلى أى قصر آخر كقصر القبة، مشيراً إلى أن «مرسى» حنث بقسمه عند توليه حكم مصر فى الحفاظ على أمن البلاد والمواطنين، وحسابه عند الله أولاً، ثم المحكمة، حيث إنه حرص على الكرسى أكثر من حرصه على دماء المصريين التى هانت عليه.
وأشار إلى أن «مرسى» لم يتعرض لاعتداء غاشم، كما يدَّعى الإخوان، وأكد أنه لم يتعرض لأى اعتداءات تهدد أمنه وسلامته، وأن ما تعرض له هو قيام بعض المتظاهرين بإلقاء الأحذية على موكبه، وعرض ممثل النيابة أمام المحكمة تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان، الذى أعده رئيس مجلس القضاء السابق، وهو مجلس محايد شكَّله «مرسى»، وجاء فى التقرير أن الدعوات توالت أمام «الاتحادية» لرفض الإعلان الدستورى، وفرضت الحراسة الأسلاك الشائكة، وقدرت أعداد المتظاهرين بنصف مليون، ومرت ليلة 4 ديسمبر بسلام، وفى اليوم التالى صدرت دعوات مؤيدة للإعلان الدستورى، ونجحت فى استقطاب عدد كبير للتوجه لمحيط «الاتحادية»، وحدثت اشتباكات بين الطرفين، ووقع قتلى من بينهم شهيد الصحافة الحسينى أبوضيف، وأكد التقرير أن أنصار «مرسى» عذبوا المتظاهرين، وأن ما حدث فى «الاتحادية» كان نتيجة دعوات مؤيدى الرئيس الأسبق للحشد، ووصف أداء رئاسة الجمهورية بأنه «دون المستوى»، لأنها وجهت الاتهام وبالغ فى توجيهه لطرف دون آخر.
وأكد ممثل النيابة أن الشهيد الحسينى أبوضيف كتب مقالاً فى صفحة كاملة بجريدة «الفجر»، بتاريخ 9 أغسطس 2012، جاءت عناوينه «مرسى يعفو عن شقيق زوجته بتهمة الرشوة.. وننشر بالمستندات أخطر قضية بالتاريخ»، وهنا قال «صالح» إن ما يعنيه من التعرض لهذا المقال هو أن المجنى عليه الحسينى أبوضيف من معارضى «مرسى»، وكان معروفاً لأنصار «الجماعة»، علاوة على أنه طويل القامة، ومن السهل التعرف عليه، وإصابته جاءت فى الرأس، ما يعنى تعمد قتله، والمقذوف الذى أصابه محرم دولياً، ولم يقتل بشكل عشوائى.
وقال «صالح» إن سياسة الرئيس الأسبق كانت سبب كل بلاء ابتُلى به الوطن، وأبى إلا أن يكون رئيساً لجماعة كل هدفها تخوين المصريين، ولم يعبأ بالدولة، وأصدر قرارات وإعلانات دستورية غاشمة تجعل قراراته محصنة، ويرفع شعارات تطهير القضاء، وأضاف أن «مرسى» صنيعة الإخوان ورهن إشارتهم، وأكبر دليل على ذلك أنه عندما طلب اللواء أحمد جمال الدين، وزير الداخلية وقتها، من «مرسى» صرف أنصاره، تحدث مع سعد الكتاتنى، الذى أمر أسعد الشيخة، وأحمد عبدالعاطى، بفض الاعتصام، وبالفعل قام الأخيران بفضه.
وتساءل ممثل النيابة: «أى قضاء يريدون تطهيره؟ القضاء الذى برَّأ بعضهم من بعض الاتهامات الظالمة، أم القضاء الذى جعلهم ملوكاً على الأرض؟»، مضيفاً: «قضاء مصر هو من رفع الظلم عن المظلومين، وهو من أحيانا آمنين، وهو الأمل، وهو حصن من الله، وأجلّ قامة وأعلى هامة من أن يطاله أى شىء»، وهنا أبدى قيادات الإخوان المودعون قفص الاتهام سخريتهم، لكن النيابة أضافت أن قضاء مصر هو الذى أتى بالإخوان إلى قبة مجلس الشعب، وأعطاهم أحكاماً بالبراءة على مدار الأزمنة، حتى وصلوا إلى حكم البلاد، ثم ألقى عدداً من أبيات الشعر المشيدة بالقضاء، ما دفع المتهمين إلى السخرية مجدداً، وأداروا ظهورهم للمحكمة، فيما أدى «الشيخة» بعض التمارين الرياضية داخل القفص.
وقدم «صالح» للمحكمة أدلة إدانة «مرسى»، ومنها أنه غادر القصر يوم 5 ديسمبر، الساعة 4 عصراً، على غير المعتاد، وليس ليلاً كما يفعل دائماً، بالاتفاق مع الإخوان، حتى يكون بمنأى عن مسئولية الجرائم التى ستحدث أمام «الاتحادية»، وأكد أن الرئيس الأسبق غادر دون أن يستأذن قائد الحرس، ولم يسأله عما يحدث لأكثر من 8 ساعات، واتصل به الساعة 12 ليلاً ليأمره بفض الاشتباك بين الطرفين، وفسر «صالح» عدم اتصال «مرسى» بقائد حرسه بأن المتهمَين أحمد عبدالعاطى وأسعد الشيخة كانا يخبرانه بالخطة الشيطانية التى اتفقوا عليها.
وأكد ممثل النيابة أن «مرسى» كان واهماً بتآمر الشرطة عليه، لسماحها بوجود المتظاهرين أمام القصر، فلا ملجأ له سوى جماعته وأنصاره، وكان على يقين من سلمية المظاهرات، وأخبره بذلك وزير الداخلية، وقائد الحرس الجمهورى، ومدير شرطة الرئاسة، وتساءل: «ما مبرر جلب أنصاره لفض الاعتصام؟».