هل القاهرة فى حاجة إلى ثورة تصحيح؟ (1)
لا خلاف على أن المتابع لما يحدث للقاهرة فى هذه الأيام ليحزن لما آلت إليه الحالة العامة للعاصمة الكبرى لمصر وللعرب، ولـ(مركز الكون) كما يسميها الدكتور جمال حمدان فى كتابه الفريد (مصر عبقرية المكان)، ويحزن أكثر على الإهمال الذى ضرب معظم مرافقها وشوارعها وطرقها، ووجهتها بصفة عامة، كما يحزن على عجز المحافظة بكامل أجهزتها التنفيذية عن وضع خطة استراتيجية حقيقية لإنقاذ المدينة الكبرى على مدى سنوات محددة من أجل إعادة الرونق الحضارى لأقدم عاصمة فى الوجود، خاصة أن محافظها أستاذ من أساتذة علوم الهندسة التخطيطية المعروفين، ولكن للأسف فحال المدينة ينحدر من سياق الواقع (السيئ) إلى التصور (الأسوأ)، وسط معاناة حقيقية غير خافية لكل من يعيش فيها، أقول هذا ونحن ننتظر قدوم فصل الشتاء، وظنى أن أهل القاهرة جميعهم يتذكرون كيف مر الشتاء الماضى على المدينة التاريخية، وكيف أن المحافظة وقفت عاجزة فى مواجهة أزمة الأمطار (يفترض أنها أزمة بسيطة)، التى دعت رئيس مجلس الوزراء لأن يدعو وزراءه للبحث عن حلول سريعة لمواجهة أزمة تصريف مياه الأمطار، أو تجفيفها، إضافة إلى حالة الشلل المرورى التى نعيش فيها ليل نهار، وهنا يطرح السؤال نفسه هل أصبحت القاهرة (أقدم عاصمة فى الوجود) والضاربة بتاريخها فى أعماق التاريخ الإنسانى والحضارى والبشرى، مدينة عصية على العلاج، كالعجوز التى تنتظر الموت ولا يأتيها؟
مشكلة القاهرة الحقيقية تتضح فى الحالة التى وصلت إليها الطرق والشوارع والمبانى العريقة والكبارى المعلقة ومظهرها العام كعاصمة سياحية، وبنيتها التحتية من شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحى التى يبدو أنها أصبحت متهالكة، إضافة إلى تراثها القديم المهدد بالفعل بالضياع، وفى الإهمال الذى لحق به.