مطحنة يحدثكم عن تاريخه: فاترينة من السبعينات وساندوتشات رجالى و9 زوجات.. المهم السمعة
من تحت الصفر بدأ، تحدى الجميع فكان ما حلمه يوما، يخدم رواده بنفسه، يتابع كافة التفاصيل داخل «مؤسسته»، تُصنع الأشياء على عينه، شخصية فريدة، ذات خصوصية، تزوج من النساء تسعاً، له من الأصدقاء مالا حصر له، الطبيب واللاعب وقارئ القرآن والصنايعى و«صبيانه»، الجلوس فى «مملكته» يوازى مشاهدة مسرحية كوميدية، طحنته الدنيا فاحتواها، يجيبك عن كل ما تسأل فهو تحت الأمر دائما غير أن له «لزمة» واحدة لا تتغير يقولها بسخرية تعقبها ضحكة مجلجلة «أى خدمة.. ما عدا الفلوس».
على بعد 20 مترا فقط كان مستقره الأول، فاترينة صغيرة يقبع خلفها شاب عشرينى يرتدى بالطو أبيض «ولا الدكاترة» كانت أولى خطوات كفاح عم «عبدالغنى مطحنة» قبل 35 عاما، بعدما تمكن من الصنعة بمحل «الأشول» أمام سينما مترو، فكان نصيبه الزواج من ابنة صاحب المحل «الأولى وأم العيال.. ما استغناش عنها»، ساعدته الزوجة بحُليها فبدأ بالفاترينة «وش السعد.. كانت العربيات بتقف صفوف قدامى»، صار علامة مميزة حتى افتتح محله فى منتصف التسعينات «زباينى من كل الطوايف شيوخ ومقرئين، لعيبة كرة وفنانين، لواءات ووزراء وصنايعية وصبيانهم».
الأصناف التى تحويها قائمة الطعام تحمل أسماء ذات نكهة «كوميدية» كصاحب المحل، «خلى بالك طلب المدمر ده رجالى» يناغش بها أحد زبائنه، «أنا هارون الرشيد فى البيت» يحكى عم «عبدالغنى» عن زيجاته التسع، 5 منها عرفى، لم تدم إحداها سوى ليلة واحدة، «أعمل إيه أنا متعتى فى الحياة الأكل» يصمت هنيهة ثم يعقب ساخرا «والنسوان»، لم تبق من الزيجات على ذمته سوى اثنتين «الأولى والأخيرة ربنا يخليهملى».
يطير بين الترابيزات كالفراشة، يعرف جميع زبائنه، يناديهم بالاسم، يجلس مع كل منهم لحظات تنتهى جميعا بقهقهة، «أشهر م النار ع العلم» يرد بها أحد زبائنه حين تسأله عن مكان مطعمه، «الإخلاص سر من أسرار ربنا فى النجاح» يقولها الرجل الخمسينى أثناء اندماجه فى تجهيز ساندوتش لطفل صغير «بحب أخدّم ع الزبون بنفسى» رغم وجود 5 شيفات داخل المحل يعمل معهم لا تفرقه عن أى منهم «أنا اللى بقطع اللحمة عند الجزار وأفرمها وأخزنها بإيدى وأنا اللى بجمع الطلبات وأنزلها.. بستمتع بالشغل بحبه يا أخى».
أمام محله الكائن بحى الدقى يشخص بصر «مطحنة» وتكسو وجهه ابتسامة صافية لتعاوده ذكريات لم يمحها الزمان، وقتها لم يكن قد أكمل عامه الخامس عشر، توفى الأب، انتظر أن يدفع له أحد مصاريف الدراسة فلم يأت «كنا سبعة أخوات ومعاش أمى 6 جنيه»، أول ما حاكت يداه كان حلج القطن فى قريته -المعتمدية- بالمحلة الكبرى، ما إن تحسست أنامله الـ 275 قرشا -هى أجرته فى 15 يوما- ارتدى كافة ملابسه «بيجامة وبنطلون وقميص و(شرز) بلوفر، وطيران على مصر».. من هنا كانت بدايته فى صيف 1970، نام على البلاط والتحف بأجولة الدقيق وتحمل المخاطر، من أجل حلمه بأن يصبح صاحب مطعم شهير.