الشرقية: غاب «التسامح».. وحضر «حب الانتقام»
مشاجرات تبدأ صغيرة وتنتهى بكوارث.. الأسباب فى الغالب تافهة، لكن العواقب دوماً وخيمة بسبب التهور، وكثرة انتشار السلاح فى أيدى الجهلاء، والنتيجة زمرة من القتلى وأخرى من الأرامل، وثالثة من اليتامى، فيما شاعت الكراهية بين أبناء العوائل الذين ربطتهم يوماً صلات نسب ومصاهرة.
شهدت محافظة الشرقية خلال السنوات الثلاث الأخيرة ثلاث جرائم قتل بسبب المشاجرات أدت لهروب 3 عائلات من منازلهم، ومغادرتهم قراهم فى مراكز أبوحماد والزقازيق ومنيا القمح.
فى قرية القطاوية التابعة لمركز أبوحماد جرت أحداث مؤسفة حيث قتل نجل قيادى إخوانى وأصاب ثلاثة من أهالى القرية، فيما حاول الأهالى الفتك به وتطبيق حد الحرابة عليه. وفى نهاية المطاف، أجبر الأهالى عائلته على ترك منزلهم بالقرية، ولم يعودوا حتى اليوم.
تعود أحداث الواقعة لشهر مايو 2013، حيث تلقى اللواء محمد كمال جلال، مدير أمن الشرقية، إخطاراً من العميد عمر أبوزيد، مأمور مركز شرطة أبوحماد، يفيد بحدوث مشاجرة بموقف سيارات قرية القطاوية، حيث تبين حدوث مشاجرة بين بعض الأشخاص بالموقف، قام على أثرها يوسف ربيع عبدالسلام قطب، 20 عاماً، طالب بمعهد التكنولوجيا بمدينة العاشر من رمضان، بإطلاق أعيرة نارية من سلاح كان بحوزته، أدى إلى وفاة محمد حمدى عبدالقادر، 31 عاماً، وإصابة عاطف إسماعيل إسماعيل شاهين، 40 عاماً، ميكانيكى، فضلاً عن وفاة محمود عيد إبراهيم حامد، 27 عاماً، عامل، إثر إصابته بكسر بقاع الجمجمة، وتوقف عضلة القلب نتيجة إلقاء «حجر» على رأسه. إثر ذلك تجمع بعض أهالى القرية أمام منزل المتهم، المكون من خمسة طوابق، واحتجزوه وأهله داخل المنزل وأشعلوا النيران به محاولين إخراج المتهم للفتك به، ومنعوا سيارات الإطفاء من التعامل مع الحريق. ولم تتمكن الشرطة من تحرير المتهم، الذى أمسك به الأهالى، وفتكوا به والتعدى عليه بالضرب حتى فارق الحياة.
وفى 2011 شهدت منطقة الحريرى بمدينة الزقازيق وقوع مشاجرة بين عامل ومسجلين خطر، أسفرت عن مصرع أحدهما فيما قامت عائلة المتهم بالهروب وترك المنزل، وعقب مرور عامين قام شقيقا القتيل بقتل والدة المتهم والتمثيل بجثتها.[FirstQuote]
تعود أحداث الواقعة لشهر سبتمبر لعام 2012، حيث تلقى اللواء محمد كمال جلال، مدير أمن الشرقية، إخطاراً من قسم شرطة أول مدينة الزقازيق، يفيد باستقبال مستشفى الأحرار العام فوزية عبدالحميد ماهر، 57 سنة، ربة منزل، مصابة بعدة طعنات بأماكن متفرقة بالجسم، وجرح قطعى بالرقبة، وماتت فى الحال.
ومن خلال التحريات تبين قيام المدعو ناصر السيد محمد، 33 سنة وشهرته «عرسة»، مسجل شقى خطر تحت رقم 218 فرض سيطرة، بالتعدى عليها بالضرب بآلة حادة أودت بحياتها، بسبب قيام نجلها بقتل شقيقه منذ عام. وتمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط المتهم والأداة المستخدمة فى الجريمة. وبمواجهته بما أسفرت عنه التحريات اعترف بارتكابه الواقعة.
وفى يوليو 2014 وقعت مشاجرة عنيفة بين عائلتين بمدينة مشتول السوق، حيث تبادلتا الأعيرة النارية، التى أسفرت عن قتل شخص وسيدة تصادف مرورهما أثناء المشاجرة، وإصابة آخر. وعقب ذلك لاذت عائلة الجناة بالفرار وتركوا منازلهم بالمدينة.
وكان اللواء سامح الكيلانى، مدير أمن الشرقية، تلقى إخطاراً من الرائد عمرو سويلم، رئيس مباحث مركز شرطة مشتول السوق بتلقى إخطار من مستشفى مشتول المركزى باستقبال «بدر شتات» جثة هامدة، إثر إصابته بطلقات نارية، واستقبال كل من مروة طلعت الجلاد وشخص آخر مصاب بأعيرة نارية، وذلك خلال مشاجرة ببندر مشتول السوق. انتقلت قوة من ضباط مباحث المركز برئاسة أحمد نوفل، معاون المباحث لإجراء الفحوصات والمعاينات اللازمة، وتبين وقوع مشاجرة عنيفة بين عائلتى «الشتايتة» و«المنايلة» بالأسلحة النارية والبيضاء بمنطقة الأربعين بندر مشتول السوق، بسبب خلافات سابقة أسفرت عن إصابة «بدر شتات» بطلقات نارية، ما أدى لوفاته، وإصابة مروة طلعت الجبلاد، 22 عاماً، ربة منزل، بطلق نارى بالصدر، وشخص ثالث بطلق نارى بالقدم، اللذين تصادف مرورهما أثناء المشاجرة.
وشهدت قرية السعديين التابعة لمركز منيا القمح واقعة بشعة، حيث قتل شاب طفلة بعد اختطافها لطلب فدية مالية لإتمام زواجه، وكانت النتيجة ترك عائلته منزلهم المجاور لمنزل عائلة المجنى عليها ومغادرة القرية.
تعود أحداث الواقعة لشهر يونيو 2014 حيث تلقى اللواء سامح الكيلانى، مدير أمن الشرقية، إخطاراً من العميد عاطف الشاعر، مدير المباحث، يفيد بتلقى مركز شرطة منيا القمح، بلاغاً من «رضا. ع. أ» (25 عاماً - سائق - مقيم بقرية السعديين) بالعثور على جثة ابنته «دهب»، 4 سنوات، بجوار منزل أحد الأهالى.[SecondQuote]
تشكل فريق بحث برئاسة العميد عاطف الشاعر رئيس مباحث المديرية، وبإشراف اللواء رفعت خضر، مدير إدارة البحث الجنائى، أسفرت جهوده عن أن وراء ارتكاب الواقعة، أمير مصطفى عبدالباسط عبدالعزيز (20 عاماً - قفاص - السعديين)، جار المجنى عليها، واعترف بمروره بضائقة مالية، واحتياجه المال لإتمام زواجه، ففكر فى احتجاز الطفلة بمسكنه وطلب فدية من ذويها، وأثناء لهوها أمام مسكنه اصطحبها للداخل، وعندما تعالى صراخها، خنقها باستخدام سلك كهربى، وتخلص من الجثة بإلقائها فى الشارع، ليلاً، وتم ضبط الأداة المستخدمة.
ويرى النقيب محمد عليوة، الضابط بمركز شرطة الزقازيق، أن المشاجرات الدموية التى تنتهى بوقوع جرائم قتل تزداد فى المجتمعات الأقل ثقافة ومعالجة الآباء للمشاكل بصورة سلبية، وتوجيه أبنائهم للتعامل بعنف حال وقوع أى مشادات بينهم وآخرين دون الاهتمام بغرس القيم الأخلاقية، التى تتماشى وتعاليم الأديان السماوية، وثقافة المجتمع المصرى، فغابت قيم العفو والتسامح، وحل بدلاً منها الكراهية والانتقام، ليصل الأمر فى النهاية لحصد أرواح أبرياء، حتى وإن لم يكونوا من أطراف الشجار والخصومة.
وأكد أن الأمر يحتاج لتكاتف المؤسسات الدينية والتربوية والاجتماعية والإعلامية للقضاء على ظاهرة العنف ونشر القيم الحميدة بين فئات المجتمع.