رحلة العائلة المقدسة.. هروب محفوف بالمخاطر ومليء بالمعجزات
"قم خذ الصبي وأمه واهرب إلى مصر".. كلمات بدت وكأن هناك خطرًا يحيط بالطفل "يسوع" وأمه "مريم "، حتى أطاع "يوسف النجار" قول الملاك وهرب إلى مصر، كقول الكتاب.
من فلسطين إلى مصر، لم يكن الطريق مفروشًا بالورود، بل أحيط بالمخاطر والمتاعب، قطع "يوسف النجار" مئات الكيلومترات بحمار صغير يحمل السيدة العذراء وصبيها، للهروب من وجه "هيرودس" الملك اليهودي، الذي أراد قتل الصبي خوفًا على مملكته الأرضية، ثلاثة طرق كان يمكن أن تسلكها "العائلة المقدسة" لكنها اجتازت طريقًا آخر غير معلوم تفترشه الآلام حتى وصلوا إلى رفح.
أول نقطة لدخول أرض مصر هي رفح، وهي مدينة حدودية منذ أقدم العصور.. وتم العثور في أطلالها على آثار مسيحية منذ العصور الأولى، وتم العثور على بقايا من كنائس في طرقات "الفرما" آخر مدينة في سيناء مرت بها العائلة المقدسة، ومن أهم مراكز الرهبنة.
تل بسطا.. دخلتها العائلة المقدسة وجلسوا تحت شجرة وطلب الطفل "يسوع"، أن يشرب فلم يحسن أهلها استقبال العائلة، ما آلم نفس العذراء، فقام يوسف النجار وأخذ قطعة من الحديد وضرب بها الأرض بجوار الشجرة، وإذا بالماء ينفجر من ينبوع عذب ارتوا منه.
الزقازيق.. أثناء وجود العائلة المقدسة بتل بسطا مر عليهم شخص يدعى "قلوم" دعاهم إلى منزله حيث أكرم ضيافتهم وعند وصولهم لمنزله وجدوا سيدته مريضة تلازم الفراش منذ 3 سنوات فقال له "يسوع": امرأتك سارة لن تكون بعد مريضة" وفي الحال قامت ترحب بهم، وكانت السيدة العذراء تريد زيارة معبد لوجود احتفالات في ذلك الوقت، وأثناء دخولها المعبد بطفلها الصغير تحطمت تماثيل الآلهة الجرانيتة وأصبحت كومة من الجرانيت، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل صدرت أوامر عليا، إلى العسكر للبحث عن الصبي والقبض عليه حتى علم "قلوم" وزوجته "سارة" بالأمر، فأخفوهم عن الأنظار، وهربوهم ليلًا حتى لا يتعقبهم أحد.
ولم يكن حظهم سعيدًا حيث ذهبوا لمكان مقفر في "مسطرد"، وأقاموا أسفل شجرة، حتى اكتشفوا بئر مياه اغتسلوا منها، وأطلقوا على ذلك المكان "المحمة"، وواصلت العائلة الهاربة من وجه الملك الطاغية، السير حتى وصلوا إلى "بلبيس" بمحافظة الشرقية، وتقول المصادر الكنسية، إن الطفل "يسوع" رأى نعشًا لطفل لامرأة أرملة كانت تعيش في هذه المدينة فأقامه من الموت وسط تعجب أمه.
لم تتوقف رحلة سير العائلة المقدسة، حتى اتجهوا غربًا إلى منطقة البرلس، وأقاموا في قرية تدعى "شجرة التين"، ولم يجدوا قبولًا من أهل المدينة حتى غادروها فور وصولهم متجهين إلى "سخا"، وهناك شعرت العائلة المقدسة بالعطش ولم يجدوا ماء. وكان هناك حجرًا أوقفت العذراء طفلها عليه فغاصت في الحجر مشطا قدميه فاْنطبع أثرهما عليه.
ونبع من الحجر ماء ارتووا منه وإلى الآن تعرف المنطقة باسم "بيخا إيسوس"، أي كعب يسوع. واتجهوا إلى وادي النطرون بعبور الفرع الغربي للنيل وهو المكان الذي يشهد ثلاثة أديرة عامرة باسم السيدة العذراء، زمنها توجهوا إلى "المطرية" التي تعتبر من أقدم المناطق المصرية، ووجدت العائلة الصغيرة شجرة في ذلك المكان لتستظل بأوراقه وتعرف اليوم بشجرة "مريم" وتعتبر مزارًا سياحيًا مهمًا في تلك المنطقة، كذلك توجد بئر ماء مقدسة، استقت منه العائلة المقدسة.
في الفسطاط بمصر القديمة، اختبأت العائلة المقدسة في مغارة صغيرة وهي الموجودة الآن بكنيسة أبو سرجة الأثرية، ويوجد بجانب المغارة وداخل الهيكل البحري، بئر ماء قديمة، ولم تستطع البقاء في المنطقة إلا أيامًا قليلة، نظرًا لأن الأوثان هناك تحطمت بوجود الطفل "يسوع".
في "المعادي" مكثت العائلة المقدسة عدة أيام وبنيت هناك كنيسة تحمل اسم السيدة العذراء، حيث كانت في كل مكان تحل في العائلة المقدسة يبنى كنيسة على اسم السيدة العذراء، ثم بعد ذلك عبرت العائلة المقدسة النيل بالقارب إلى المكان المعروف بمدينة "منف" وهى الآن "ميت رهينة" بمحافظة الجيزة، ومنها إلى جنوب الصعيد عن طريق النيل إلى دير الجرنوس بالقرب من مغاغة، جبل الطير حيث يقع دير العذراء مريم.
ويروي التقليد، أنه أثناء سير العائلة المقدسة على شاطئ النيل، كادت صخرة كبيرة من الجبل أن تسقط عليهم، ومنعت يد "يسوع" الصخرة من السقوط فانطبع كفه على الصخرة القوصية: عندما دخلت العائلة المقدسة القوصية لم يرحب بهم أهل المدينة و ذلك عندما رأوا معبودهم البقرة (حاتحور) تحطمت وقد لعن رب المجد هذه المدينة فصارت خرابًا، وليست هي مدينة القوصية الحالية وإنما هي بلدة بالقرب منها
قرية مير.. وبعد أن ارتحلت العائلة المقدسة من مدينة القوصية، سارت لمسافة 8 كيلومترات، غرب القوصية، حتى وصلت إلى قرية مير، وقد أكرم أهل "مير" العائلة فباركهم الطفل يسوع.
دير المحرق.. بعد أن ارتحلت العائلة المقدسة، من قرية "مير"، اتجهت إلى جبل قسقام، وهو يبعد 12 كيلومترًا غرب القوصية.
ويعتبر الدير المحرق، من أهم المحطات التي اسقرت بها العائلة المقدسة، ويشتهر هذا الدير باسم "دير العذراء مريم"، تعتبر الفترة التي قضتها العائلة في هذا المكان من أطول الفترات ومقدارها "6 أشهر و 10 أيام" وتعتبر الغرفة أو المغارة التي سكنتها العائلة هي أول كنيسة في مصر بل في العالم كله.
جبل درنكة.. بعد أن ارتحلت العائلة المقدسة من جبل قسقام، اتجهت جنوبًا إلى أن وصلت إلى جبل أسيوط حيث يوجد دير درنكة، وتوجد مغارة قديمة منحوتة في الجبل، أقامت فيها بداخل المغارة، ويعتبر دير درنكة، هو آخر المحطات التي التجأت إليها العائلة المقدسة في رحلتها إلى مصر والتي استغرقت ثلاثة سنوات ونصف، باركت فيها أرض مصر وشعبها، لتقرر العودة إلى فلسطين بعد التأكد من خبر وفاة الملك هيرودس.