«وزير العدل»: التفتيش القضائى تسلم مذكرة حول إحالة 60 قاضيا للتأديب
أرسل المستشار محفوظ صابر وزير العدل، أمس، كل أوراق التحقيقات فى قضية «قضاة رابعة»، المحال فيها 60 قاضياً لمجلس التأديب والصلاحية، إلى إدارة التفتيش القضائى لإعداد مذكرة قانونية بشأنهم، تمهيداً لاتخاذ قرار، سواء بإحالتهم إلى مجلس التأديب والصلاحية أو الاكتفاء بتوجيه عقوبات تأديبية، مثل التنبيه واللوم من قِبل التفتيش القضائى.
وقال وزير العدل لـ«الوطن» إنه تسلم مذكرة قاضى التحقيق بشأن الـ60 قاضياً، وإنه طلب من المستشار نصر شعيشع مساعده لشئون التفتيش القضائى إعداد مذكرة قانونية جديدة بالرأى بشأنهم.
وأضاف «صابر» أن مذكرة قاضى التحقيق التى تسلمها، تضمنت قراره بإحالة القضاة المتهمين إلى مجلس التأديب والصلاحية، وأنه إعمالاً للقانون، فإن الوزير هو المختص بالتأشير على مذكرة قاضى التحقيق، سواء بقبولها أو رفضها، وذلك بناءً على مذكرة جديدة يقدمها التفتيش القضائى للوزير.[SecondImage]
فى السياق ذاته، كشف مصدر قضائى عن أن القضاة المحالين ما زالوا يمارسون أعمالهم بمحاكمهم على اختلاف درجاتها، باستثناء من صدر بحقه قرار سابق من مجلس التأديب بالسير فى إجراءات محاكمته تأديبياً.
وقال المصدر إنه بمجرد صدور قرار من مجلس التأديب بالسير فى إجراءات الدعوى التأديبية ضد القضاة المحالين، سيتم وقفهم عن العمل حتمياً، التزاماً بنص قانون السلطة القضائية، مضيفاً أنه من حق وزير العدل رفض إحالة بعض القضاة الواردة أسماؤهم فى قرار قاضى التحقيق، وأن هذا القرار سيتوقف على مذكرة التفتيش القضائى فى القضية.
وقال المستشار أحمد سمير الجمال، عضو مجلس إدارة نادى القضاة، إن قرار قاضى التحقيق جاء مؤيداً لقرار مجلس إدارة نادى القضاة الذى صدر عقب إصدار القضاة بيان رابعة العدوية، بإسقاط عضويتهم من النادى، مؤكداً أن نادى قضاة مصر انتبه سريعاً إلى المخالفة التى ارتكبها القضاة بأنفسهم وقت أن قام المستشار محمود محيى الدين بإصدار البيان من المركز الإعلامى لمنصة رابعة العدوية.[ThirdImage]
وتابع «قاضى التحقيق، استغرق وقتاً طويلاً فى نظر التحقيق مع القضاة المتهمين فى القضية، وفنّد جميع الأدلة الخاصة بهم قبل إصدار قراره بإحالة 60 منهم واستبعد آخرين، خاصة أن القضاة المحالين ارتكبوا أفعالاً تشكل مخالفة صريحة لقانون السلطة القضائية، مشيراً إلى أن العالم سينظر إلى النظام القضائى المصرى باحترام، لا سيما أن القضاة أدانوا أنفسهم بأنفسهم بالاشتراك فى العمل السياسى. وقال المستشار رفعت السيد، رئيس محكمة جنايات القاهرة الأسبق، إن وزير العدل يحق له حفظ التحقيقات برمتها أو استبعاد البعض أو الموافقة على قرار الإحالة للجميع، وهى سلطة يملكها وزير العدل وحده، حيث إنه صاحب الحق فى الإحالة إلى الصلاحية.
ورأى «السيد» أن إحالة هؤلاء القضاة إلى الصلاحية هى التصرف الصحيح، حيث إن قانون السلطة القضائية يحرّم على القاضى المشاركة فى أى عمل سياسى، باعتبار أن عمله عمل سيادى، لا يجوز له المشاركة فى أعمال حزبية، أو العمل على نهضة عمل سياسى معين. وأوضح «السيد» أنه فى حالة خروج القاضى عن مسار عمله المحدد، وفقاً لقانون السلطة القضائية لا بد من أن يحاسب حساباً عسيراً، لكسره ثقة الشعب فيه، فالقاضى لا يميل ولا يهوى، إلى جانب على حساب جانب آخر. وأكد «السيد» أن التاريخ يعيد نفسه، حيث تم فى سنة 1968، تشكيل التنظيم الطليعى للقضاة، وكان بموافقة الدولة حين ذاك، وعمل هذا التنظيم على إضعاف القضاة، وفرض سيطرة الدولة عليهم، ليكونوا أداة تبطش بها المعارضة، وفى عام 69 حدثت مذبحة القضاة، حيث تم فصل 200 قاضٍ رفضوا الانصياع لهذا التنظيم، ولم يعودوا إلى مناصبهم إلا بعد وفاة الرئيس عبدالناصر، وتولى «السادات»، وهو مماثل لما فعله الإخوان فى القضاة فى فترة حكمهم للبلاد، بعزلهم المستشار محمود عبدالمجيد النائب العام ومساعده دون وجه حق، فحان الآن وقت حسابهم على جرائم فى حكم قضاء مصر الشامخ.
من جانبه قال المستشار فرغلى زناتى، نائب رئيس محكمة النقض، إن القضية برمتها حققها قاضى التحقيق وهو يعلم الأدلة التى توافرت لديه من خلال التحقيق الذى أجراه، مشيراً إلى أن المسئولية متفاوتة بين المتهمين الـ60 الذين تم التصرّف فى شأنهم، فمنهم من أعدّ البيان، ومنهم من ألقاه، وآخرون نُسب إليهم مجرد التوافق معهم، وبالتالى فإن المسئولية لهم ليست واحدة، لافتاً إلى أن إحالة 60 قاضياً إلى الصلاحية كدفعة واحدة يعد سابقة قضائية فريدة.
وأوضح «زناتى» أن المحاكمات التأديبية هى فى الأصل محاكمات جنائية بالنسبة للقضاة، وتختلف عن محاكمات الصلاحية، فالأولى التهم فيها جنائية وعقوبتها تنحصر إما باللوم أو العزل، أما الصلاحية، فالعقوبة فيها هى الإحالة لوظيفة غير قضائية أو أن توصى المحكمة بتوجيه تنبيه كتابى يوضع فى ملفه يحدث أثره فى مستقبل الحياة العملية للقاضى، بعد القضاء فى الواقعة بالرفض بالنسبة له، مشيراً إلى أن مجلس الصلاحية والتأديب يرأسه رئيس محكمة استئناف المنصورة باعتباره أقدم رؤساء الاستئناف من غير أعضاء مجلس القضاء الأعلى.
ورفض «زناتى» التكهن بأى نتائج عن محاكمة القضاة، خاصة أن القضاة المحالين من درجات قضائية متفاوتة، منهم من هو فى درجة نائب لرئيس محكمة النقض، ومنهم رئيس محكمة استئناف، ومنهم فى درجة قضائية دون ذلك، وكل محال للصلاحية أو التأديب يملك الحق الكامل فى الدفاع عن نفسه، سواء بنفسه أو بمن يرى الاستعانة به من أعضاء السلطة القضائية.