بالصور| 129 عاما على رفع الستار عن "تمثال الحرية"
لما كانت المرأة، عنوانًا للحرية، ومهد الحياة والسلام، ومنبع الحب والتقارب، استعان بهذه المعاني الرسامون والنحاتون في إبداعاتهم، فتوجت بتاجً على رأسها في أحد أعمالهم، جامعًا للمحيطات والقارات السبع، دليلًا على المعرفة والارتقاء والشموخ، وحملت في يدها كتابًا تأكيدًا على علمها ودرايتها، محفورًا عليها نقش بأحرف رومانية وهو "4 يوليو 1776"، تاريخ إعلان الاستقلال الأمريكي، الذي حمله "تمثال الحرية" منذ 129 عامًا.
بمساحة إجمالية تقدر بـ49 ألف متر مربع، وقاعدة "أسمنتية - جرانيتية" يبلغ عرضها 47 مترًا، وطول يصل إلى 46 مترًا، بينما يبلغ الطول الكلي بالقاعدة 93 مترًا، تم بناء التمثال في العام 1812 كجزء من حصن "وود"، الذي استخدم للدفاع عن مدينة نيويورك أثناء الحرب الأهلية الأمريكية التي امتدت من 1861 إلى 1865، تمت صناعة تمثال الحرية كعمل فني قامت فرنسا بإهدائه إلى أمريكا كهدية تذكارية، بهدف توثيق الصداقة بين البلدين بمناسبة الذكرى المئوية للثورة الأمريكية، وتم إزالة الستار عنه في 28 أكتوبر 1886.
تمثال الحرية.. يعبر عن فكرة الديمقراطية أو الفكر الليبرالي الحر، ويأخذ شكل سيدة تحررت من قيود الاستبداد التي ألقيت عند إحدى قدميها، تمسك هذه السيدة في يدها اليمني شعلة ترمز إلى الحرية، بينما تحمل في يدها اليسرى كتابا نقش عليه بأحرف رومانية تاريخ إعلان الاستقلال الأمريكي.
وصمم التمثال فريدريك بارتولدي، بينما صمم هيكله الإنشائي جوستاف إيفل، ويستقر التمثال على جزيرة الحرية الواقعة في خليج نيويورك، ويبعد 600 متر عن جيرسي بولاية نيوجيرسي و2.5 كيلومترا إلى الجنوب الغربي من مانهاتن.
وفي 4 يوليو 1876، تم الاتفاق بين البلدين على أن يتولى الفرنسيون تصميم التمثال بينما يتولى الأمريكيون تصميم القاعدة التي سيستقر عليها من أجل ذلك، بدأت حملة ضخمة في كل منها لإيجاد التمويل اللازم لمثل هذا المشروع الضخم وتم اختيار الموقع على جزيرة الحرية إلى أن توفرت الأموال اللازمة.
وقام المعماري الأمريكي ريتشارد موريس هنت بتصميم القاعدة وانتهى منها في أغسطس 1885 ليتم وضع حجر الأساس في الخامس من نفس الشهر، وبعدها بعام اكتملت أعمال بنائها في 22 أبريل 1886، أما عن الهيكل الإنشائي، فعمل عليه المهندس الفرنسي يوجيني لو دوك لكنه توفي قبل الانتهاء من التصميم، فتم تكليف جوستاف إيفل ليقوم بإكمال ذلك العمل، وبالفعل قام إيفل بتصميم الهيكل المعدني بحيث يتكون من إطار رئيسي للتمثال يتم تثبيته في إطار ثاني في القاعدة لضمان ثبات التمثال وانتهت أعمال تصميم التمثال في فرنسا مبكرا في يوليو 1884.
وفي 17 يونيو 1885، وصلت إلى ميناء نيويورك الباخرة فرنسية التي تحمل التمثال مفككًا إلى 350 قطعة وضعت في 214 صندوقا لتخزينها لحين انتهاء أعمال بناء القاعدة التي سيوضع عليها والتي انتهت في وقت لاحق لوصول التمثال.
ويصادف اليوم 28 أكتوبر 1886، ذكرى قيام الرئيس الأمريكي جروفر كليفلاند بافتتاح التمثال في احتفال كبير.
لتمثال الحرية، روايات عديدة غير مؤكدة حتى وقتنا هذا، بأنه كان في الأصل هدية من فرنسا إلى مصر، وتم نقله فيما بعد للولايات المتحدة، وأشهرها أن الفرنسي فريدريك بارتولدي قام في 1869 بتصميم نموذج مُصغر لتمثال يمثل سيدة تحمل شعلة، وعرضه على الخديو إسماعيل ليتم وضع التمثال في مدخل قناة السويس الحديثة وقتها، لكن الخديو إسماعيل اعتذر عن قبول الاقتراح، نظرا للتكاليف الباهظة التي يتطلبها هذا المشروع، لعدم توافر الناحية المادية في ذلك الوقت، بخاصة بعد تكاليف حفر القناة وحفل افتتاحها.
وكغيره من التماثيل المهمة في تاريخ الإنسانية، وجد له شبيهان آخران، أحدهما في فرنسا على نهر السين تم نصبه في العام 1889، والآخر في أودايبا، بطوكيو.