بيكاسو الخيامية.. يُحاكي إبداع كبار الفنانين بالإبرة والخيط «إيده تتلف في حرير»
الفنان محمود أسعد
سنوات طويلة قضاها الفنان محمود أسعد في عالمه الساحر لصناعة الخيامية التراثية، منذ كان صبياً حتى اليوم، إلى أن جاء الوقت الذي قرر فيه تطوير فن الخيامية، فاختار إحدى لوحات الفنان الكبير «حجازي»، وأعاد رسمها يدويا بقماش الخيامية الملون والخيط فقط.
نالت الفكرة، التي أقدم عليها «أسعد» من باب التجريب قبل 15 سنة تقريبا، إعجاب كثيرين، خاصة أصدقاءه من الفنانين التشكيليين ورسامي الكاريكاتير الذين شجعوه على استكمال التجربة.
تجربة محاكاة أعمال الكبار وتحويلها إلى خيامية
عن هذه البداية يقول أسعد لـ «الوطن»: «صممت لوحة للفنان جورج بهجوري، كانت لصياد سمك، وعندما رآها الدكتور حسن فداوي الأستاذ بكلية الفنون الجميلة بجامعة الإسكندرية نصحني بأن أكمل طريقي في هذا اللون الفني الجديد، وأكد لي أنني الوحيد في مصر الذي يمارسه بهذه الطريقة المتطورة ».
ويضيف الفنان الشهير بـ«بيكاسو الخيامية»: «غيرت في غرز وتكنيك الخياطة التقليدية، لأتمكن من تصميم لوحات وبورتريهات ومناظر طبيعية والكتابة على الخيامية بالقماش والخيط فقط».
صمم «أسعد» لوحات للفنانين العالميين، بيكاسو وموديلياني، وللفنانين المصريين مصطفى رحمة ومحمد عبلة وجورج بهجوري وحجازي مصطفى حسين وصلاح جاهين وماهر دانيال ومصطفى سالم.
تصميمات الخيامية تشارك في معارض مصرية ودولية
ويوضح «أسعد» أنه شارك في عدة معارض فتية داخل مصر، منها معرض مؤسسة دوم الثقافية، وهو المعرض الذي تعرف فيه إلى الفنان التشكيلي مصطفى رحمة، الذي شجعه على الاستمرار وسمح له باختيار أى لوحة له وتحويلها إلى خيامية.
ويتابع الفنان قائلًا إنه شارك في معرض فني بإيطاليا لمدة 4 شهور قبل 2011، وانبهر الإيطاليون بتصميماته، ووقتها اعتبر هذه شهادة مهمة لأن الأجانب لا يعرفون المجاملات. وبعدها شارك في مسابقة «كتاب الجمهورية» بلوحة عن ثورة 25 يماير، صممها بالكامل، وحصل بها على المركز الثالث.
وفي 2012 أقام معرضا في ساقية الصاوي مع الشاعرة عبير عبدالعزيز لكتابة أشعارها مع رسوم الفنان الراحل الكبير حجازي «أبيض وأسود» بالخيط وقماش الخيامية.
النشأة وتعلم فن الخيامية في حي السيدة عائشة
بأدواته البسيطة «إبرة وخيط ومقص ومازورة قياس» أبدع الفنان محمود أسعد مئات القطع من الخيامية الأصلية التي يتباهى بجمالها ودقة صنعتها، ويؤكد أنها تختلف كثيرًا عن الخيامية السوقية المطبوعة، التي يعتبرها إهانة لفن الخيامية التراثي، وأن انتشارها في الأسواق يساهم في انقراض الفن الأصلي.
ورغم قلة الطلب عليها، ما زال محمود أسعد يصمم الخيامية التراثية بمختلف أشكالها «عربي وإسلامي وفرعوني وخطوط»، والتي تشرب صنعتها منذ صباه في حى السيدة عائشة، على يد الأسطوات الكبار، ولم يتخل عن حرفته وفنه، رغم عمله كموظف إداري بشركة حكومية.
لكن نقطة الانطلاق الحقيقية لفنان الخيامية كانت بتعرفه على فناني الكاريكاتير، ومنهم الفنان سمير عبدالغني الذي قدمه إلى الفنان الراحل مصطفى حسين رئيس الجمعية المصرية للكاريكاتير وقتها، والذي أبدى إعجابه بأعمال فنان الخيامية وطلب منه الاكثار من الألوان المبهجة في تصميماته.
حكاية لقب «بيكاسو الخيامية» وحلمه القادم
وعن سر إطلاق لقب «بيكاسو الخيامية» على الفنان الفطري محمود أسعد، يقول: « الناقد التشكيلى الدكتور صلاح بيصار هو من أطلق علىّ هذا اللقب، عندما زار أحد المعارض التي كنت مشاركًا فيها بتصميمات لي مستوحاة من لوحات بيكاسو، ووقتها قام بتصوير تصميماتي ونشرها كغلاف لمجلة الخيال العريقة».
يحلم «بيكاسو الخيامية» اليوم بتدريب الشباب على فن الخيامية ونقل الخبرة التي اكتسبتها في الخيامية المتطورة ذات اللمسة الفنية، ويقول: «أتمنى يكون فيه جهة تهتم بفن الخيامية وتستعين بيا وبغيري من الفنانين القليلين اللي محتفظين بأسرار الفن دا، ونفسي اللى يتعلم الخيامية يعلمها لأبنائه وأحفاده علشان تفضل عايشة».
بخلاف المشاركة في المعارض الفنية بتصميماته، يبتكر فنان الخيامية منتجات تناسب الجمهور المحب لهذا الفن في صورة «حقائب وملابس ومفروشات وغيرها»، ويوضح أن بإمكانه تصميم أى قطعة فنية حسب طلب صاحبها، سواء كان خيامية تراثية أصلية أو رسم بالقماش أو كتابة جمل بخط عربي.
ويعكف الفنان الفطري حاليا على تجهيز معرض خاص لتصميماته الجديدة المستوحاة من لوحات عدة فنانين، كما يصمم حاليا لوحة بأسماء الله الحسنى، ويعد أعمالًا أخرى للمشاركة في معرض خيري لصالح إحدى الجمعيات الأهلية.