«الوطن» ترصد معاناة العالقين الفلسطينيين
مرضى ونساء وعجائز فلسطينيون تقطعت بهم السبل وتدهورت حالتهم الصحية، عالقون على الجانب المصرى من معبر رفح، يعيش المئات من سكان قطاع غزة بفنادق العريش وبعضهم بالشاليهات والبعض الآخر حلّ ضيفاً على أبناء العريش بعد أن نفدت نقودهم، أوضاعهم تمثل مأساة إنسانية بكل المقاييس، يبيت كثير منهم فى العراء انتظاراً لفتح معبر رفح الذى تم إغلاقه فى 24 أكتوبر الماضى بعد الهجوم الإرهابى الذى استهدف كمين كرم القواديس الأمنى.[FirstQuote]
فى ظل معاناة إنسانية غاية فى الصعوبة يتعرض لها العالقون فى مدينة العريش بشمال سيناء، ترفع «أم نائل» (75 عاماً) من خان يونس، يديها تدعو على من كان السبب فى إغلاق المعبر وتقول «حسبى الله ونعم الوكيل» ثُمّ تنخرط فى البكاء، وهى تشكو إغلاق معبر رفح البرى فى وجه العالقين الفلسطينيين منذ أكثر من خمسة وعشرين يوماً.
«الوطن» رصدت أوضاع العالقين الفلسطينيين بمدينة العريش، الذين يطالبون بفتح المعبر ولو لساعة واحدة حتى يعودوا إلى ديارهم بدلاً من الذل الذى يلاقونه بعد نفاد أموالهم وتردى الأوضاع الصحية للشيوخ والأطفال. وقدرت بعض المصادر عدد العالقين فى مصر بنحو 4 آلاف فلسطينى، معظمهم عائدون من رحلات للعلاج فى المستشفيات المصرية، وآخرون قادمون من دول عربية بعد زيارة لذويهم واستقر بهم المطاف فى العريش.[SecondImage]
«نفدت نقودنا واضطررت إلى مد يدى للغرباء، حسبى الله ونعم الوكيل، إننا نعيش مأساة حقيقية نطالب بالرحمة وإنقاذنا من هذا الذل، تركت الفندق بعد نفاد أموالى واضطررت لأن أعيش عند إحدى السيدات بمنطقة الريسة».. هكذا بدأت الحاجة مريم الحديدى (63 عاماً)، من معسكر البريج بقطاع غزة، حديثها لـ«الوطن»، وتابعت قائلة: «كنت فى زيارة لأقاربى فى تونس وعبرت المعبر فى 12 أغسطس الماضى وأثناء عودتى للعريش للدخول إلى قطاع غزة وجدنا المعبر مغلقاً وأقمت فى فندق بالعريش إلى أن نفدت نقودى فاضطررت إلى الإقامة أنا وبنتى عند سيدة عجوز فى حى الريسة، استضافتنا نظراً لظروفنا المالية، لا نطالب سوى بفتح معبر رفح حتى نعود إلى قطاع غزة، ونناشد المسئولين المصريين فتح المعبر لأننا نعيش معاناة حقيقية والأمر يزيد تدهوراً وأنا ست عجوز لا أتحمل هذا الذل».
وقالت «ابتسام أم وليد»، من مدينة غزة: «كنت فى رحلة علاج إلى القاهرة ودخلت مصر قبل إغلاق المعبر بيوم واحد وعدت للعريش منذ أسبوعين وأنا الآن عالقة فى العريش انتظاراً لفتح المعبر، ولى 5 أبناء فى مدينة غزة ولا أعرف كيف هى حياتهم ونقودى نفدت منذ أسبوع لأننى لم أحسب حسابى على كل هذه المدة، وكل ما أطلبه هو فتح معبر رفح حتى ولو ليوم حتى نعود إلى بيوتنا».[SecondQuote]
حامل فى الشهر التاسع لأول مولود لها، تدعو الله أن تنجب ابنها الأول فى بيتها بقطاع غزة، هى سحر كامل جميل (24 عاماً)، عائدة من زيارة عائلية فى القاهرة منذ ثلاثة أسابيع، تروى مأساتها قائلة: «لا نجد من يساعدنا، السفارة الفلسطينية بالقاهرة تتجاهل ظروفنا القاسية كل ما نطلبه أن نعود إلى ديارنا لأن الأمور تتفاقم يوماً بعد يوماً».
«نريد العودة إلى قطاع غزة من أى مكان.. المهم نرجع لبيوتنا، أنا لا أستطيع الحركة وعامل عملية جراحية فى العمود الفقرى».. هكذا يقول توفيق رفيق الشريف (50 عاماً)، من مدينة غزة يرافقه والده بفندق الصفا بالعريش، ويكمل: «أجريت عملية جراحية فى العمود الفقرى ورجعت العريش منذ أسبوع فى انتظار فتح المعبر، والحالة المادية لا تساعدنا على أن نكمل الإقامة بالفندق، حالتنا لا تسر عدواً ولا حبيباً. [ThirdImage]
إننا نناشد السلطة الفلسطينية مساعدتنا فى العودة إلى بيوتنا». «عايزين نروح لبيوتنا، ارحمونا من الذل الذى نحن فيه، إحنا بنتسول إيجار الفندق وثمن الأكل، افتحوا المعبر رحمةً بالنساء والشيوخ والأطفال».. عبارات رددتها «أم محمد» (55 عاماً)، من خان يونس وعيناها تذرف بالدموع، متابعة: «عالقة منذ أسبوعين، أموالنا نفدت لم نحسب حسابنا لهذه المدة، أزمتنا تتفاقم يومياً، نتسول فى الشوارع من أجل الحصول على إيجار الفندق بالعريش، والسفارة الفلسطينية لم تفعل لنا شيئاً، لم ترسل حتى مندوباً ليرى ظروفنا ومعيشتنا. إحنا فى حالة يرثى لها».[ThirdQuote]
وأشار نظير محمد أبوعون (59 عاماً)، يقيم بفندق بالعريش برفقة زوجته المسنة، من سكان بيت لاهيا بقطاع غزة، إلى أن أشد المسافرين معاناة هم من لا يملكون أموالاً أثناء عبورهم، وكانوا يظنون أنهم سيعبرون مباشرة إلى غزة، إلا أنهم فوجئوا بإغلاق المعبر، وليس معهم ما يكفى من نفقات، فاضطروا إلى المبيت فى الفنادق. أما أنور سعيد عمران (43 عاماً)، وهو مسافر فلسطينى قادم من القاهرة بعد إجراء عملية فى الغضروف، فيقول «لا أحد يريد أن يدرك حجم معاناتنا وما وصلت إليه أوضاعنا، حيث إننا عُزلنا عن العالم. نقيم حالياً فى الفندق بدون مقابل ونمد أيدينا للناس من أجل دفع قيمة الإيجار».
فيما أكد السفير جمال الشوبكى، سفير فلسطين بالقاهرة، أن هناك وعوداً بفتح معبر رفح قريباً ولكن لم يتم تحديد اليوم أو الوقت، وهناك تواصل بين السلطة الفلسطينية فى رام الله والسلطات المصرية من أجل فتح المعبر. وعن ظروف العالقين أكد السفير أن الهلال الأحمر الفلسطينى هو المخول بتقديم الدعم لهؤلاء العالقين. وعلمت «الوطن» من مصادرها أن عدد العالقين الموجودين فى مدينة العريش يصل لأكثر من 500 شخص منهم أكثر من 200 شخص نفدت نقودهم بسبب طول فترة إغلاق المعبر.