أستاذ جامعة يناشد حرامية الشنطة: «ممكن ترجعوا لى رسالة الماجستير»
الشمس على وشك المغيب، يسير على مهل بجوار قصر «محمد على»، ببدلة أنيقة، لا يخالج تفكيره سوى موعد مناقشة رسالته.
«كلاكسات» السيارات لم تجذب انتباهه، غير أن صوتاً غريباً اقترب منه؛ اثنان من اللصوص يقلهما «موتوسيكل جاوا» الأول تولى القيادة والذى خلفه جذب شنطة «اللاب توب» بيسراه، ووكزه فى ظهره باليمنى، عندها وجد الدكتور حامد إبراهيم إمام، أستاذ اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة، نفسه منكباً على الأرض، أخذ يبحث عن نظارته الطبية عسى أن يلحق بالسارقين، فلم يسعفه الحظ، ولم تعنه «شهامة» المارة فى اللحاق بهما.
لم تكن مشكلة الدكتور الجامعى فى تعرضه لحادث سرقة، كتلك الحوادث التى سمع عنها بعد الثورة، ولم يتخيل أن ينال نصيبه منها، ولكن المعضلة تكمن فيما حواه جهاز «اللاب توب»: «640 جيجا عليها 500 كتاب (بى دى إف) توازى 10 آلاف كتاب، ومكتبة قرآنية تشمل 3000 تلاوة لكبار القراء» الكارثة الكبرى فى رسالة الماجستير التى كان من المفترض أن يحين موعدها بعد أسابيع، لكنها ضاعت مع ما نزعه اللصان.
«عقلى متوقف عن التفكير.. مش قادر أستوعب الموقف» يقولها الدكتور العشرينى بغصّة تنبع من تذكره لمشهد وقوع «الأستاذ الجامعى» على الرصيف وملابسه التى تمزقت إثر السقوط، والعلم الذى حصّله وجمعه وحرص عليه داخل جهازه الخاص، فصار فى يد من لا يعرف قيمته.. «بقالى كام يوم صاحى جنب الموبايل مستنى حد يكلمنى أو يفاوضنى حتى عشان الحاجة ترجع ومستعد أدفع أى مقابل»، قبل أيام طرق باب منزله رجل خمسينى حاملاً فى يده «الباسبور» الخاص به ومجموعة من الأوراق كانت بجوار جهاز الكمبيوتر، فى البداية شعر «حامد» أن مقتنياته قد عادت، قبل أن يشرح له الرجل -سائق نقل- أنه عثر على تلك الأشياء فى مكان مهجور بمنطقة «الفسطاط الجديدة».
عقب الحادث مباشرة كان الأستاذ الجامعى قد توجه إلى قسم شرطة مصر القديمة عسى أن يجد لدى رجال الداخلية حلاً، فجاءه الرد مخيباً: «إحمد ربنا يا أستاذ إنك سليم.. ده فيه ناس بتجيلنا مضروبة بالمطاوى فى بطنها ووشها».
جميع الصور الشخصية وذكريات «حامد» وحتى ملاحظاته وجهد السنين، يحويها الجهاز المسروق، حتى إن المستند الوحيد الذى يحمل صورته هو «كارنية الكلية»، غير أنه لديه أمنية وأمل، الأمنية أن يجد مقتنياته أو على الأقل رسالة الماجستير ولو دفع فيها أى مقابل، والأمل فى مقولة يؤمن بها.. «ما دام العقل سليماً فأنا سأصنع البداية من جديد ولو من الصفر».