بعثة صندوق النقد: الاقتصاد المصرى يتعافى.. وإجماع وطنى على «الإصلاحات»
أكدت البعثة الفنية لصندوق النقد الدولى فى ختام زيارتها لتقييم الاقتصاد المصرى، أمس، أن الاقتصاد المصرى بدأ يتعافى بعد أربع سنوات من التباطؤ، فيما لا تزال مصر تواجه العديد من التحديات، منها زيادة معدلات البطالة والفقر وعجز الموازنة وانخفاض معدلات النمو، إضافة إلى كونها معرضة للتأثر بالتطورات السلبية للاقتصاد العالمى، فضلاً عن المخاطر الأمنية التى تواجه المنطقة، وأن الإجراءات التى اتخذتها الحكومة المصرية أثبتت التزامها بالإصلاح الاقتصادى.
وقال رئيس بعثة الصندوق مستشار إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى كريستوفر جارفيس إن الحكومة المصرية تدرك كل التحديات، وأعدت مجموعة من الأهداف الاقتصادية الملائمة تشمل زيادة معدل النمو وخفض معدلات التضخم، مشيراً إلى أن أعضاء البعثة لمسوا إجماعاً وطنياً على ضرورة تبنى إصلاحات اقتصادية والمضى فيها. وأضاف، فى بيان صحفى فى ختام الزيارة، أن الحكومة أعلنت سعيها لخفض العجز فى الموازنة ليصل إلى ما بين 8 و8.5% من إجمالى الناتج المحلى بالتزامن مع زيادة الإنفاق فى مجالات التعليم والصحة والبنية التحتية والبحث العلمى، وفقاً لما نص عليه الدستور المصرى، لافتاً إلى أن الإصلاحات الهيكلية التى تسعى الحكومة لاتخاذها تركز على تحسين مناخ الاستثمار وتنمية القطاع المالى مع معالجة مشكلة الفقر.
وقال «جارفيس» إن مصر، وإن كانت فى حاجة إلى تمويل خارجى على المدى المتوسط، فإنها تسعى إلى تعزيز موقفها من النقد الأجنبى، مشيراً إلى أن الإصلاحات التى اتخذتها الحكومة لإصلاح منظومتى الدعم والضرائب بدأت تؤتى ثمارها فى مجال الاستثمار والنشاط الاقتصادى.
وتوقع البيان أن يصل معدل النمو إلى 3.8% بنهاية العام المالى الحالى، مشيداً بتمكن القطاع المصرفى من التصدى للركود الاقتصادى الذى استمر خلال السنوات الماضية، وقيام البنك المركزى بتحسين القطاع الرقابى، وتطوير نظام الإشراف على البنوك، مشيداً بالتزام البنك بتوقيت الإفصاح عن بيانات القطاع المصرفى.
وقال بيان البعثة إن سياسة سعر الصرف الأكثر مرونة ركزت على تحقيق معدلات فى تطهير أسهم الشركات (المختلطة)، الأمر الذى من شأنه أن يحسن توافر النقد الأجنبى وتعزيز القدرة التنافسية ودعم الصادرات والسياحة وجذب الاستثمار الأجنبى المباشر وبالتالى تعزيز النمو وزيادة فرص العمل والحد من احتياجات التمويل.
وتوقعت بعثة صندوق النقد وصول عجز الموازنة إلى 11% فى السنة المالية 2014-2015، بعد تدابير البنك المركزى التى من شأنها رفع إجمالى الناتج المحلى بنسبة 2.5%، فضلاً عن سياسة خفض دعم الطاقة والسيطرة على نظام الأجور وقوانين ضريبة القيمة المضافة والتعدين وتحسين كفاءة الإدارة المالية العامة، وعلق البيان على تلك السياسات بقوله «ستكون هامة»، مضيفاً: سيكون من المهم السيطرة على معدلات الإنفاق، فى 2015-2016 من خلال مواصلة إصلاح الدعم لتخفيض العجز فى الميزانية إلى أقل من 10% من إجمالى الناتج المحلى الإجمالى.
وأكد بيان البعثة، الذى يُعد تعبيراً عن رأى أعضاء البعثة وليس بالضرورة الرأى النهائى لصندوق النقد، أن ضبط الأوضاع المالية العامة سيحد من عوائق النمو وسيساعد فى حماية الفقراء، وأن المزيد من الإنفاق العام على التعليم والصحة والبحث والتطوير وتبنى سياسات حماية اجتماعية أقوى سيحسن نوعية الخدمات العامة ويزيد توافرها، ويدعم النمو على المدى الطويل ويساعد الضعفاء والفقراء على تحقيق حياة أفضل، ورحب «النقد الدولى» بإطلاق البنك المركزى المصرى لبرامج تحويلات نقدية مبتكرة، وأشاد بالإصلاح الأخيرة للبطاقات التموينية، فضلاً عن التزام الحكومة باتخاذ المزيد من الخطوات لزيادة الفوائد.
وتابع أن إصلاحات قطاع الطاقة وضخ استثمارات كبيرة سيحدان من عقبات إمدادات الطاقة وزيادة النمو المحتمل، مشيراً إلى أن بناء مشروعات عملاقة سيوفر المزيد من فرص العمل وسيحقق النمو، ولكنها يجب أن تصمم بعناية وأن يتم مراقبتها للحد من المخاطر المالية المحتملة، وأوضح أن رفع الاحتياطيات الدولية وإعداد خطط طوارئ للميزانية فى حالة المخاطر، سيكون مفيداً لمعالجة الصدمات غير المتوقعة.
وقال السيد القصير، رئيس بنك التنمية الصناعية والعمال، إن تقرير صندوق النقد الدولى الأخير يعكس واقع الاقتصاد المصرى بعد الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة، والدليل على ذلك تعديل مستهدف معدلات النمو بالزيادة إلى 4% بعد أن كان 2.5%، نتيجة قبول الدولة للتحدى بتحسين مناخ الاستثمار واجتماعات الحكومة برجال الأعمال والمستثمرين وبحث مشكلاتهم ومنحهم الثقة والعمل على تعديل القوانين. وأضاف أن الجهاز المصرفى مرّ بإصلاحات قوية طيلة العقد الماضى تحت قيادة البنك المركزى دعمت من قدرته على مواجهة الأزمة المالية العالمية ومساندة اقتصاد الدولة واستيعاب الأزمة الاقتصادية والحد من موجة الركود التى هددت الاقتصاد المصرى خلال الفترة الانتقالية بعد يناير 2011، مشيراً إلى أن «المركزى» شدد إجراءات الرقابة الداخلية من خلال وحدة التفتيش على البنوك، وتطبيق قواعد «بازل 2» والتمهيد لتطبيق «بازل 3»، فأصبحت البنوك تمتلك رؤوس أموال تتناسب مع حجمها ونشاطها وتحقق أرباحاً جيدة جداً، ما عزز من قدرة البنوك المصرية على مساندة الاقتصاد على عكس اقتصادات عالمية انهارت فيها المؤسسات المالية مسببة أزمة للعالم كله.
وأكد «القصير» أن اعتراف صندوق النقد الدولى بتعافى الاقتصاد المصرى «شهادة ثقة» تعطى مؤشرات إيجابية جداً وتمنح الأمل وتعد حافزاً للمستثمرين والدول والمؤسسات الدولية على ضخ استثماراتهم فى مصر باطمئنان.
وقال الدكتور فخرى الفقى، مستشار صندوق النقد الدولى الأسبق، إن بيان بعثة الصندوق كان متوقعاً فى ضوء حزمة الإصلاحات التى اتخذتها الحكومة مؤخراً لخفض عجز الموازنة والحد من تفاقم الدين العام وتراجع معدل البطالة، لا سيما أن مصر نفذت أكبر عدد من الإصلاحات على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفقاً لتقرير البنك الدولى. وأضاف الفقى أن البيان أشار إلى التحديات التى تواجه الاقتصاد وأبرزها تفاقم الفقر والبطالة فى ضوء انخفاض معدلات النمو بشكل يسمح بمواجهة تلك الأعباء، مستحسناً عرض برنامج الحكومة الاقتصادى على أعضاء البعثة، والذى تستهدف بمقتضاه خفض عجز الموازنة إلى 8.5% خلال 4 سنوات، مشيراً إلى أن التقرير النهائى للبعثة سيصدر فى هذا الإطار مشيداً بالإصلاحات المتخذة.