بروفايل| رضوى عاشور.. "لا وحشة في قبر مريمة"
"لا وحشة في قبر مريمة".. ظلت تقاوم المرض داخل إحدى مستشفيات القاهرة، تتمسك بالحياة التي كثيرًا ما عانت فيها، تتذكر التاريخ الذي شغل الجزء الأكبر من كتاباتها، ولكن تمكن من جسدها حتى فارقت الدنيا، ليكتب التاريخ كلمة النهاية، لتبكيها "غرناطة" و"طرقات البيازين" و"أسوار الحمراء" و"قمم البشارات".. وداعًا رضوى عاشور.
عاشت حياة مليئة بالتفاؤل، لم تعرف يومًا الهزيمة، على الرغم من إيمانها بالعديد من القضايا الثقيلة، فهي مدرسة أهم دروسها أن التشاؤم فعلًا "غير أخلاقي"، أدركت أن الكتابة الروائية محاولة للتعامل مع الهزيمة، ومحاولة لاستعادة إرادة مَنْفِيَّة.
يسري فيها خوف امرأة من القرن العشرين دارت عليها وعلى جيلها الدوائر، فقد عانت كثيرًا إبان حكم الرئيس الأسبق محمد أنورالسادات، حينما تم منع زوجها الشاعر الفلسطيني الكبير، مريد البرغوثي، من الإقامة في مصر، عقب توجه السادات إلى الصلح مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وكانت على موعد ثان مع مواجهة السلطة، عقب ترحيل نجلها الشاعر تميم البرغوثي من مصر، بسبب مشاركته في الاحتجاجات العارمة في ميدان التحرير إثر غزو التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية للعراق في 2003.
حياة صاحبة "ثلاثية غرناطة" مليئة بالكنوز، حتى قالت عنها: "هل أحكي حياتي حقـًّا أم أقفز عنها؟ وهل يمكن أن يحكي شخص ما حياته فيتمكن من استحضار كل تفاصيلها؟".
ولدت صاحبة "الطنطورية"، في القاهرة سنة 1946، ودرست اللغة الإنجليزية في كلية الآداب بجامعة القاهرة، وقدمت ما يقرب من 21 عمل أدبي ما بين روائي ونقدي وترجمة، كان أهمها: "الرحلة، ثلاثية غرناطة، الطنطورية، أطياف، جبران وبليك".
ونالت "مريمة"، عدة جوائز أدبية، منها جائزة أفضل كتاب عام 1994 عن الجزء الأول من "ثلاثية غرناطة"، على هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب، والجائزة الأولى من المعرض الأول لكتاب المرأة العربية عن ثلاثية غرناطة، وجائزة قسطنطين كفافيس الدولية للأدب في اليونان، وجائزة تركوينيا كارداريللي في النقد الأدبي في إيطاليا، وجائزة بسكارا بروزو عن الترجمة الإيطالية لرواية أطياف في إيطاليا، وجائزة سلطان العويس للرواية.
ورحلت عنا في ساعة مبكرة من، صباح اليوم، عن عمر ناهز الـ68 عامًا، بعد أن علمتنا أن "الحزن قوة جاذبة تشد لأسفل، تسحب الرأس والكتفين إلى تحت، كأن الجسم في حزنه يُمسي واهناً خفيفاً فتستقوي الجاذبية"، فحقًا كان الموت "أثقل من رضوى".