بعد 30 عاما على أسوأ كارثة صناعية.."بوبال" تحتفظ بـ5 آلاف طن من الموت
كانت "بوبال" تبدو في الثالث من ديسمبر كل عام كفتاة في ليلة عرسها، تتزين المدينة الهندية القديمة، محتفلة بإحياء ليلة "موشايرا" في حي التوابل، الحدث الاجتماعي الذي اعتادوا عليه منذ القرن الثامن عشر، من خلال تجمع الشعراء لقراءة أعمالهم إلى الجمهور لعدم وجو وسائل إعلام حينها.
"ليت الأفراح تدوم يوما".. حال عاصمة ولاية ماديا براديش (بلاد الوسط)، المسمية بذلك بقلب الهند، باعتبار أنها ولاية تتوسط هذا البلد ويبلغ عدد سكان هذه المدينة قرابة 1.5 مليون نسمة، تبدلت أحوالها في 3 ديسمبر عام 1984، وتحولت ليلة "موشايرا" إلى الذكرى السنوية الأسوأ على مدينة، لارتباطها بأسوأ كارثة صناعية شهدها العالم.[SecondImage]
هناك في "بوبال" في مثل هذا اليوم قبل 30 عامًا على وجه التحديد، وقع انفجار في مصنع المبيدات الحشرية التابع لشركة "يونيون كاربايد" حينها، ما أدى إلى تسرب 40 طن من غاز "ميثيل إيزوسيانات"، المندرج ضمن الغازات السامة الخطرة على الصحة البشرية والحيوانية والبيئة، كما أوضحت مجلة بيئتنا التابعة للهيئة العامة للبيئة، تسللت الغازات السامة المميتة عن مصنع المبيدات إلى نوافذ بيوت المدينة، دون إذن اقتلعت أرواح النائمين في هدوء، وقضت نحب الساهرين في المحلات، الذين حاولوا الهرب عندما رأوا الكتلة المميتة الزاحفة، دون أن يفلحوا، حتى سُدَّت حناجرهم، انتفخت حدقات العيون من أثرها، وخنقت الرئات إلى حد الانفجار.
3.787، عدد الوفيات المعلن رسميًا، جراء تلك الحادثة، بعد إصابة 558.125، غير إصابة 3.900 بعجز دائم، وترددت روايات أخرى بأن عدد الضحايا وصل إلى نحو 25 ألف شخص، وأنه ما بين 150 إلى 600 ألف لازالوا يعانون من أمراض، حتى وقتنا هذا.
"اللجنة الطبية الدولية" أُنشأت كرد فعل على الحادث الذي شهد أكبر عدد لضحايا في الكوارث الصناعية التي شهدها العالم، وإن كان فعل الشركة المالكة للمصنع آنذاك منافيًا للمتوقع، حيث أنكرت مسؤوليتها، وأصرت الحكومة الهندية على أن تأخر موعد الصيانة وسوء إدارة النفايات الصناعية السبب في وقوع هذه الكارثة، حتى أدين 8 مديرين سابقين في المصنع بتهمة الإهمال وحكم عليهم بالسجن لمدة قصيرة عام 2010.
ظلت الحكومة الهندية تلاحق صاحب الشركة "وارن أندرسون" الذي غادر الهند عقب وقوع الكارثة، وطالبت الهند الولايات المتحدة الأمريكية بتسليمه، وهو ما لم يحدث حتى توفى في شهر سبتمبر الماضي عن عمر ناهز 92 عامًا، وكانت شركته تخلت عن اسمها بعد الكارثة عن طريق الاندماج بمؤسسة "داو للكيميائيات" متعددة الجنسيات، التي تعد أكبر شركة كيميائية في العالم.[ThirdImage]
تخلت شركة "داو" عن مسؤوليتها بتعويض المتضررين، مبررة ذلك بأن الاتفاق المبرم بين الجهات الهندية المعنية وشركة يونيون كاربايد عام 1989 ينص على منح التضررين مبلغ مادي يقدر بـ470 مليون دولار مقابل تخليهم عن ملاحقة الشركة أمام القضاء.
أشارت تقارير لخبراء في البيئة إلى أن المواد الكيميائية السامة المتبقية المقدرة بـ5 آلاف طن في المصنع المهجور ما زالت تتسرب، وتتسبب في مشكلات صحية للمواطنين في المدينة ذاتها الآن، من خلال الطفح الجلدي والبثور وآلام في البطن لدى كثير منهم.
في عام 1999 عثرت منظمة السلام الأخضر في المكان نفسه، على نسبة كبيرة من المواد التي يمكن أن تسبب في عدة أنواع من المرض، مثل الإصابة بالسرطان والإجهاض والتلف في الدماغ، وإتلاف الجهاز العصبي وجهاز المناعة، والتأثير على نمو الجنين لدى الحوامل، كما أوضحت الهيئة العامة للبيئة.
من الناحية السينمائية، أطلقت السينما الهندية والأمريكية الشهر الماضي، فيلم "BHOPAL A PRAYER FOR RAIN"، تدور أحداثه المستوحاة من قصة حقيقة حول كارثة بوبال، والفيلم من بطولة الممثلة الأمريكية "ميشا بارتون"، "مارتن شين" ، "كال بين" والممثل الهندي "راجبال ياداف"، والفيلم من تأليف وإخراج "رافي كومار".