«أسامة الباز.. مسيرة حياة»: آخر الرجال المحترمين فى سلالة «23 يوليو»
أصدرت دار نهضة مصر للنشر كتاباً للسفير هانى خلاف بعنوان «أسامة الباز عنوان حياة»، يتناول سرداً لحياته وإنجازاته التى حققها للوطن داخلياً وخارجياً، وقدّم للكتاب الدكتور مصطفى الفقى، الذى أبدى سعادته البالغة، واصفاً أسامة الباز بالرجل العظيم وأنه شخصية استثنائية بجميع المعايير. وقال الكاتب فى مقدمة الكتاب إن أسامة الباز من الشخصيات النادرة التى تستطيع الوصل بين الفكر والإنسان والأخلاق والسلطة فى آن واحد، وأنه من الحالات النادرة التى ظهرت فى تاريخ مصر المعاصر كى تغذّى النظام السياسى القائم على مدار أربعة عقود بروافد من العلم والثقافة والأخلاق والواقعية، مضيفاً أن الهدف من الكتاب أن يستثير الهمة فى نفوس المتطلعين إلى نماذج التميُّز والنجاح، وتجدُّد الثقة فى بقاء قيم الوفاء والعرفان بين الناس فى هذا الزمان الصعب.
تناول الفصل الأول من الكتاب نشأته وتكوينه، وأكد أن «الباز» من مواليد 1931 بقرية طوخ الأقلام بمحافظة الدقهلية، وكان والده الشيخ «السيد محمد الباز» يعمل مدرساً ثم شيخاً بالمعاهد الأزهرية، وكانت والدته السيدة «زاهية أبوالعطا» من أسرة ميسورة الحال وذات نفوذ فى القرية نفسها، وكان له 8 أشقاء وكان ترتيبه الثانى بينهم، مضيفاً أن النشأة فى بيت يجمع بين علم الأزهر الشريف ومكانته من ناحية وعزوة عائلة الأم ومكانتها الاجتماعية من ناحية أخرى، كانت كفيلة بأن تحفّز الأنجال نحو التفوّق وامتلاك الجرأة والحرص على حفظ المكانة المتميزة بين الأقران، وأن الشيخ السيد الباز كان يعتز اعتزازاً كبيراً بكتابات الشيخ الإمام محمد عبده وجمال الدين الأفغانى ورشيد رضا، وكان داخل المنزل مثالاً للوداعة والهدوء وسماحة النفس، وكان يجمع أطفاله حوله قبل النوم ليروى لهم جوانب من سيرة الرسول، صلى الله عليه وسلم، وقصص الأنبياء، وأنه وجد فى نجله أسامة استعداداً موهوباً لدراسة الفقه والشريعة، وقدرة على الفهم والتحليل، فأتاح له فرص اصطحابه إلى المنتديات الدينية والحلقات العلمية.[FirstQuote]
ووصف الكاتب والدة أسامة الباز السيدة «زاهية أبوالعطا» بأنها شخصية غير عادية فى كثير من جوانبها، حيث إنها كانت تجمع فى أمومتها بين الغريزة والعقلانية فى توازن نادر، وكانت فى دينها نموذجاً للإيمان العاقل والسماحة.
وتناول الفصل الثانى من الكتاب رحلة أسامة الباز من النيابة العامة إلى السلك الدبلوماسى، ثم إلى جامعة هارفارد، ومنها إلى المعترك السياسى فى مصر، وقال الكاتب إن «أسامة» عُيّن معاوناً بالنيابة العامة عقب تخرجه فى كلية الحقوق عام 1952، وكانت البلاد تمر بمرحلة من عدم الاستقرار السياسى والأمنى بسبب تداعيات الهزيمة العسكرية للجيش المصرى والجيوش العربية الأخرى فى فلسطين، وعندما قامت ثورة الضباط الأحرار وضع قدمه على أولى درجات الوظيفة العامة كمعاون نيابة فى قسم الوايلى.
وقال الكاتب، نقلاً عن أسامة الباز، إنه كان ينفق الجزء الأكبر من راتبه فى شراء كتب ومراجع قانونية إلى جانب هوايته المبكرة فى شراء كل الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية، وقضى أسامة الباز قرابة خمس سنوات فى سلك النيابة تنقّل خلالها بين أقسام الوايلى والظاهر والزيتون ونيابة الأحداث، ثم التحق بوزارة الخارجية فى منتصف الخمسينات بوظيفة سكرتير دبلوماسى، وأظهر أسامة الباز حماساً واضحاً للخطوات التى اتخذتها الثورة المصرية بزعامة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.
ثم حصل أسامة الباز عام 1958 على منحة دراسية بجامعة هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية، وعقب حصوله على رسالة الماجستير ثم شهادة «S.T.D» فى القانون من الجامعة، عاد إلى القاهرة عام 1968، حيث باشر عمله بإدارة معهد الدراسات الدبلوماسية بوزارة الخارجية، ثم انتقل عام 1973 إلى مكتب السيد إسماعيل فهمى، وزير الخارجية آنذاك، وعام 1977 تم انتداب أسامة الباز للعمل مستشاراً سياسياً لنائب رئيس الجمهورية، إلى جوار عمله الرسمى بوزارة الخارجية، ثم تمت ترقيته استثنائياً إلى درجة وزير عام 1979، ثم إلى درجة سفير ممتاز عام 1982.[SecondImage]
وتولى الدكتور أسامة الباز من موقعه كوكيل أول لوزارة الخارجية رئاسة مجلس السلك الدبلوماسى والقنصلى، وكانت من أبرز بصماته فى إدارة علاقات مصر الخارجية، الحفاظ على البعد العروبى لمصر وسياستها الخارجية، حتى فى أحلك وأحرج المراحل التى تعرّضت لها البلاد فى علاقتها من الأطراف العربية، والاعتماد فى تسويق سياسة مصر الخارجية على مضمون رسالتها الحضارية والثقافية على مصر التاريخ، والحرص على تشكيل السياسات والمواقف المصرية وعلاقتها الخارجية فى إطارات ديمقراطية أو على الأقل استمزاج الرأى لدى عدة قوى وأطراف وطنية عند تشكيل هذه السياسات، والمزاوجة فى المعالجات السياسية بين المنهج العلمى والاعتبارات البراجماتية.
وجاء الفصل الثالث بعنوان «الباز معلماً ومحاضراً وباحثاً»، حيث قد تم تعيينه عقب عودته من رحلته الدراسية بإدارة معهد الدراسات والتدريب الدبلوماسى، حيث قدم نموذجاً متفرداً للمعلم الكفء والمدرب الناجح، ثم جاء دوره كمثقف عام لأعضاء التنظيم السياسى الرئيسى فى البلاد ولأعضاء منظمة الشباب على وجه الخصوص.
وحين أسندت إليه ابتداء من منتصف السبعينات مهام وطنية أعلى وأكثر تركيباً ظل حريصاً على ألا تجرفه شواغل الموقع الرسمى عن متابعة الأنشطة والندوات العلمية بالجامعات ومراكز البحث.
وكان الدكتور أسامة الباز واحداً من ضمن أربعة دبلوماسيين يمثلون طاقم إدارة معهد الدراسات الدبلوماسية بوزارة الخارجية لتدريب الملتحقين الجدد بوزارة الخارجية.
وأدخل الدكتور أسامة الباز إلى نظام التدريب فى المعهد أسلوب «محاكاة الأدوار»، وكان فى ذلك الوقت أسلوباً جديداً وغير معروف، ثم أصبح أحد البرامج الدائمة للدراسة والتدريب فى معظم الجامعات والمعاهد والمراكز الرسمية.
وحدد الدكتور الباز فى ورقة بحثية أبرز العوامل التى تحد من النفاق ومن تأثيره على المجتمع، ومنها تثبيت الممارسة الديمقراطية، وتصعيد العناصر غير المنافقة إلى المراكز العليا والمؤثرة، وضرب القيادة للمثل والقدوة برفض النفاق وتأنيب المنافقين، وترسيخ فكرة تعدد الآراء وتنوعها، وعدم محاسبة شخص على رأى أبداه فى الإطار السليم، والحرص على نسبة الآراء إلى أصحابها علانية، لعل هذا يردع بعض المنافقين عن إبداء رأى لا يستطيعون الدفاع عنه علناً.
وجاء الفصل الرابع بعنوان «الباز وقضايا العمل الوطنى فى الداخل»، موضحاً الكاتب أن أسامة الباز كان واحداً من أبرز الدبلوماسيين الذين يدركون بعمق مدى الترابط الفعلى والضرورى بين السياسات الخارجية للدول وأوضاعها واحتياجاتها الداخلية، وقد تعددت المواقع التى قدم منها أسامة الباز عطاءاته الوطنية إلى جانب دوره المهنى فى وزارة الخارجية، فقد عمل فى بداية التحاقه بالسلك الدبلوماسى فى الإدارة العامة للأبحاث والمعلومات، وعقب عودته من بعثته الدراسية بالولايات المتحدة وتعيينه فى هيئة إدارة معهد التدريب الدبلوماسى، تم اختياره أيضاً للعمل فى غير أوقات العمل الرسمية بوزارة الإعلام. كما عمل بالقرب من اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى، ثم مسئولاً عن العلاقات الخارجية بمنظمة الشباب، ثم انتقل عام 1973 إلى مكتب وزير الخارجية ثم انتقل عام 1975 إلى رئاسة الجمهورية مستشاراً سياسياً للرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، وعقب تولى مبارك مقاليد الحكم أعيد تعيينه كمدير لمكتب رئيس الجمهورية للشئون السياسية إلى جانب عمله الأصلى كوكيل أول لوزارة الخارجية، وأضاف الكاتب أنه تنوعت الملفات الوطنية التى تصدى لها أسامة الباز فى تلك المواقع.[SecondQuote]
وجاء الفصل الخامس بعنوان «العرب والعروبة فى فكر وعمل أسامة الباز»، ووصف الكاتب العمل السياسى فى حياة أسامة الباز بأنه يعتبر رسالة وليس مجرد وظيفة أو مهنة، وعندما يكون هذا العمل متصلاً بالشأن العربى وعلاقات مصر العربية فهو إذ ذاك رسالة شبه مقدسة.
واصفاً أسامة الباز بأنه من أهم الشخصيات، والإدارة المصرية لم تشهد فى تاريخها المعاصر شخصية سياسية تعاملت وعياً وسعياً وصدقاً مع القضايا العربية، وآمن عن يقين بأن عروبة مصر قدر ومصلحة فى آن واحد، وحيث إنه فى أحلك وأحرج المواقف التى تعرضت لها مصر من جانب أشقائها العرب سواء السوريون فى أعقاب الانفصال عام 1961، أو مع السعوديين بعد ثورة اليمن، أو مع الثوار الليبيين فى أواخر السبعينات، وحتى بعد تعليق عضوية مصر بالجامعة العربية فى مؤتمر بغداد عام 1979، وتوتر العلاقات المصرية الفلسطينية مرة، ومع النظام السودانى مرة أخرى، ومع كل من قطر والجزائر فى مراحل متأخرة، ظل أسامة الباز فى كل هذه المواقف والمراحل الدقيقة محتفظاً لمصر «بشعرة معاوية» فى علاقاتها العربية.
وأضاف الكاتب أنه استخدم بدهاء الخبير ومهارة الطبيب وإخلاص الشقيق، قنوات وآليات خلفية وأحياناً شخصية، لرأب الصدوع وتضميد الجراح سعياً نحو إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح فى الوقت المناسب، وشارك ابتداء من عام 1982 فى إعادة توجيه سياسة مصر العربية نحو مزيد من التقارب والتفاعل العقلانى المحسوب، وفى التعامل مع إسرائيل بقدر أكبر من الندية والحسم، مع الحفاظ دائماً على الالتزامات القانونية والواردة فى اتفاقات السلام الموقعة. وأضاف الكاتب أن أسامة الباز لعب دوراً بارزاً ومهماً فى ضبط إيقاع العلاقات المصرية الليبية على مر سنوات الثورة فى ليبيا، كما قام بأدوار مهمة فى معاونة الليبيين من أجل الخروج بأقل الخسائر الممكنة فى المواجهة السياسية الحادة والقضايا القانونية التى أحاطت بهم من قوى أمريكية وأوروبية.
بينما عُرف أسامة الباز فى الأوساط المصرية والعربية وربما الدولية أيضاً بأنه أكثر الشخصيات المسئولة فى مصر معرفة بتفاصيل القضية الفلسطينية وتطوراتها وأبعادها السياسية والقانونية والإنسانية، وأقربها فهماً وتفاهماً مع قيادات الشعب الفلسطينى، ومن أكثر المسئولين العرب صدقاً ومثابرة فى الدفاع عن حقوقهم العادلة بكل ما أوتى من علم وخبرة.
وأوضح الكاتب دور أسامة الباز فى متابعة العلاقات المصرية الخليجية، موضحاً جداول الزيارات واللقاءات التى كان أسامة الباز يقوم بها إلى دول الخليج العربى طوال فترة الثمانينات، وكذلك تركيزه، بالاهتمامات السياسية فى تلك الفترة جغرافيا، على محور «الرياض» و«مسقط» واتساعها فى النواحى الاقتصادية ومسائل الاستثمار لتشمل جميع الدول العربية الأعضاء فى مجلس التعاون الخليجى.[ThirdQuote]
بينما أوضح جهود أسامة الباز فى معالجة المشكلات اللبنانية، قائلاً «رغم إيمانه الشديد بالقومية العربية وتطلعه الدائم إلى حلم الوحدة فإن أسامة الباز لم يحسب فى أى يوم من الأيام ضمن العاملين على فرض تلك الوحدة بالقوة أو بالإكراه».
ولم يكن لذلك من المؤيدين لسياسة الأذرع الطويلة أو سياسة زرع المخالب والألغام فى البلدان العربية من أجل تخويفها أو تطويعها للتماشى مع مصر وسياساتها، وكانت له فى إطار ذلك بعض التحفظات على بعض الممارسات المصرية فى لبنان خلال سنوات الخمسينات والستينات.
وأضاف الكاتب أن أسامة الباز آمن منذ شبابه بفكرة القومية العربية وضرورة توحد العرب فى كيانات سياسية واقتصادية كبيرة وقوية، تعكس عناصر التاريخ والثقافة والمصالح المشتركة بينهم، وتفتح أمامهم فرص التعامل بكفاءة وندية مع مختلف القوى القومية والدولية الأخرى.
جاء الفصل السادس بعنوان «أسامة الباز وإدارة الصراع العربى الإسرائيلى»، وأوضح الكاتب أن لنشأة أسامة الباز فى بيئة دينية أثرها فى تنبيهه مبكراً إلى التاريخ القديم لبنى إسرائيل وصفاتهم، ومواقفهم من الله وأنبيائه كما وردت فى القرآن الكريم.
وأوضح الكاتب الاتجاه السائد فى فترة الخمسينات التى أعقبت إنشاء دولة إسرائيل وهزيمة الجيوش العربية، ويقول بأن الصراع بين الطرفين العربى والإسرائيلى لا يحل إلا بتصفية أحد الطرفين للآخر، وأنه لن يحل إلا بالقوة المسلحة، ومع ذلك فقد لاحظ أسامة الباز بحسه التحليلى المراقب أن هناك بعض الأفكار المتناثرة التى جرت فى عكس هذا الاتجاه.
وأضاف أنه منذ تولى الرئيس أنور السادات الحكم عام 1970 بزغ نجم الدكتور أسامة الباز كمحلل ومعلق سياسى وكمسئول فى هيئة إدارة معهد الدراسات الدبلوماسية، ثم كمدير لمكتب وزير الخارجية، ثم كمستشار سياسى لنائب رئيس الجمهورية.
وأوضح الكاتب أن أسامة الباز كان يدرك جيداً من خلال خبراته الدبلوماسية أن البيئة الداخلية وظروف المسرح الإقليمى والدولى تلعب أدواراً مهمة، وقد تكون الأكثر حسماً فى تحقيق النجاح أو التعثر لأية مفاوضات سياسية أو عسكرية تجرى بين طرفين أو أكثر.
وكان أكثر ما تميز به أسامة الباز هو فحص ومتابعة كل ما يجرى فى الساحة الوطنية الداخلية وفى الساحات الإقليمية والدولية، ومحاولة تهيئة الظروف فى كل منها بما يساعد المفاوض المصرى فى تحقيق الأهداف المطلوبة.
وأضاف الكاتب أن أسلوب أسامة الباز تميز فى معالجته ومتابعته لتطورات الصراع العربى الإسرائيلى ولخطوات التسوية السلمية، بما فيها من مفاوضات التحكيم واللقاءات عن طريق الرجوع فى كثير من الأحيان إلى قراءات متنوعة فى التاريخ والقانون الدولى والعلاقات الدولية والجغرافيا السياسية، بهدف التعرف على السوابق التاريخية ومقارنتها بما يحدث من تطورات وسياسات ومواقف جديدة، والتقاط ما قد يصلح فى هذه القراءات من أفكار ومخارج أو تصورات تفيد فى ترشيد الرؤية المصرية وتخصيبها بالأسانيد والآفاق والمحاذير المحتملة.
واللجوء بين الحين والآخر إلى أسلوب الرصد التراكمى للظواهر ذات الطابع المتكرر أو التى يمكن أن تتكرر وذلك من أجل التعرف على الخط البيانى لحدوثها ووتيرة تكرارها، والاستدلال بها فى التحقق من اتجاه الأحداث إما تقدماً أو تأخراً، وقيامه بحصر كامل ومتجدد لكافة القرارات الدولية الصادرة بشأن قضايا الصراع العربى الإسرائيلى عموماً والقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطينى على وجه الخصوص.
واستخدام أسلوب جدول المقارنة لرصد وفحص نقاط الاتفاق والاختلاف بين النصوص المطروحة للتفاوض وتعديلاتها الكثيرة، والاهتمام بمطالعة السير الذاتية لأشخاص الحكام والمفاوضين فى الفريق المقابل وبرامجهم الحزبية ومواقفهم السياسية وأوضاعهم الاجتماعية.
وجاء الفصل السابع بعنوان «الثقافة والفنون فى حياة أسامة الباز»، وقال الكاتب إن المرء يندهش حين يحاول حصر أسماء المفكرين والكتاب والعلماء الذين أحاطوا أسامة الباز وأحاطهم بتلك العلاقة الفكرية الدافئة والاحترام المتبادل، والتى خلت تماماً مما يحيط العلاقة بين أهل الفكر وأهل السلطة فى أغلب الأحوال من تناقضات أو صراعات أو مظاهر تملق أو نفاق.
وأضاف الكاتب أنه من ذكاء أسامة الباز حرصه على الظهور كمفكر مستقل لا تقيده اعتبارات موقعه الرسمى فى هيكل الدولة دون إبداء ملاحظاته وأفكاره الحرة، وحرصه الأكثر على عدم الذوبان فى شخصية حاكم بذاته أو أى تجمعات ذات قوى سياسية أو مصالح مادية، وكان يفضل أن يعايش أهل الفكر والعلم والثقافة كواحد منهم.
ولفت الكاتب إلى مكتبة أسامة الباز التى أكد أنها تضم أكثر من خمسة آلاف كتاب وإصدار باللغتين العربية والإنجليزية، والتى جمعها على مدار سنوات تكفى للتعرف على مدى التنوع فى اهتمامات وقراءات أسامة الباز، فالمكتبة لا تضم فقط المؤلفات السياسية والمراجع القانونية المتصلة بالعلاقات الدولية وتاريخ صراعات، بينما تشمل أيضاً العديد من المؤلفات فى الاقتصاد والاجتماع والتنمية وفى التراجم والسير الذاتية، وفى الأدب والشعر والنقد الفنى، إلى جانب كتب الفقه والشريعة وتفاسير القرآن الكريم، فضلاً عن بعض مؤلفات فى البيئة والفلك والطب والاستراتيجيات العسكرية.
وأكد الكاتب فى الفصل الثامن الذى جاء بعنوان «الباز فى رئاسة الجمهورية»، أنه تعامل مع رئاسة الجمهورية فى عهود الرؤساء الثلاثة جمال عبدالناصر وأنور السادات وحسنى مبارك، ولكن بصفات ومواقع مختلفة، ففى عهد «عبدالناصر» تعامل بطريقة غير رسمية من خلال تقديم أفكاره عن طريق سامى شرف وزير شئون الدولة، وفى عهد «السادات» تولى الباز عدداً من المناصب الدبلوماسية، كما أنه شارك فى كتابة الخطاب الشهير للسادات فى الكنيست، كما عين السادات، الباز مستشاراً سياسياً لنائبه حسنى مبارك.
وأضاف الكاتب أن أسامة الباز كان تعامله مع الرؤساء يتسم بالقرب منهم والاستقلال عنهم فى نفس الوقت، موضحاً أن تعامله كان يتسم بقدر وافر من الشجاعة الأدبية وعدم التكلف الذى قلما تجده لدى أى مسئول آخر.
وجاء الفصل التاسع بعنوان «أسامة الباز الإنسان»، موضحاً الكاتب أنه رغم ملامح التماسك ومظاهر الاحترافية والهدوء التى كانت تبدو فى ظاهر الحديث، فلم يستطع أن يحجب -خصوصاً للمقربين له- بعض نقاط الضعف الإنسانى والحساسية الشديدة التى يحاول جاهداً أن يخفيها، رغم أنها تمثل فى الواقع أسباباً لمزيد من الزهو والاعتزاز.
ومن ضمن هذه النقاط شدة تعلقه بوالدته، وزهده غير العادى فى الطعام وفى الغذاء عموماً، ونظرته المحفوفة بمخاوف تجاه كثرة الإنجاب وتربية الأطفال عموماً، وأضاف الكاتب أنه كان من الواضح ولاؤه الشديد لأصدقائه والحرص على خدمة البسطاء من الناس والتواضع معهم.
وجاء الفصل العاشر والأخير بعنوان «أسامة الباز بعيون وأقلام المصريين والعرب والأجانب»، شارحاً ما حظى به أسامة الباز على مدار مشواره السياسى الطويل بتقدير واحترام أغلب رجال السياسة وأغلب المثقفين والكتاب وأساتذة الجامعات، ورجال الجيش والأمن والقضاء، ورجال الدين، والاقتصاديين والفنانين والإعلاميين.