بروفايل| «بدران».. شيخ الجراحين مكرماً
«مش عايز الجايزة، إدوها لحد تانى، كفاية عليا جوايز»، بهذه الكلمات علق الدكتور إبراهيم بدران، وزير الصحة الأسبق وشيخ الجراحين، على منح وزارة البحث العلمى له جائزة الرواد لعام 2013، تقديراً لإسهاماته العلمية بالمجال الطبى التى امتدت إلى أكثر من ستين عاماً تولى خلالها أهم أربعة مناصب بالمجتمع العلمى المصرى «وزارة الصحة»، و«رئاسة جامعة القاهرة»، و«رئاسة أكاديمية البحث العلمى»، و«رئاسة المجمع العلمى».
«إننى ساجد لله ولا أملك لقراره تبديلاً»، كانت هذه الكلمات التى جرت على لسان «بدران» وقت فقدانه ابنه الطبيب أثناء عملية جراحية، ظل بعدها صامداً مؤمناً مجسّداً لقيمة وقامة مصرية من الطراز الرفيع تجمع بين العلم والإيمان ونموذجاً تقتدى به الأجيال، وعلماً يرفرف على قمة الطب المصرى الحديث تعتز به مصر وتكرّمه دوماً بمحافلها العلمية.
«تحقيق النهضة العلمية فى مصر» هو الهدف الذى وضعه «بدران» أمام عينيه، فعندما ذهب إلى الهند عام 1980، وقت توليه رئاسة أكاديمية البحث العلمى، وحضر إعلان «غاندى» لسياسة الهند التكنولوجية، عاد إلى مصر وبدأ فى تكوين فريق عمل مكون من 300 عالم مصرى، ما بين سياسيين وأطباء ومهندسين وزراعيين، وظل طوال ثلاث سنوات يعمل بإخلاص لوضع سياسة مصر التكنولوجية.
نجح فريق عمل «بدران» فى أن يضع خطة عمل أعطاها لـ«كمال حسن على»، رئيس وزراء مصر الأسبق، الذى وزّعها بدوره على الوزارات، إلا أن إقالة رئيس الوزراء آنذاك أوقفت المشروع، الذى ما زال «بدران» يحتفظ بأوراقه فى درج مكتبه حتى الآن.
يحلم «بدران» بإقامة مجمع علمى عربى للعلوم يحافظ على هوية اللغة العربية بين جموع البلدان العربية، ويؤمن أن السبيل الوحيد للنهضة العلمية لن يتأتى قبل الاهتمام بتعليم الأطفال فى السن المبكرة ما قبل المدرسة، ثم التعليم الأساسى، والاهتمام بهيئة التدريس وتكوينها، وأن بداية رفعة التعليم تأتى من كليات التربية. ويطالب دوماً بتلاقى الأجيال وسد الفجوة بين الشباب والأجيال السابقة، لنقل خبرات الأفراد إلى الأجيال الجديدة، بما يفيد تنمية مصر.
وبنظرة جراح عالمى، شخّص «بدران» ما تعانى منه مصر فى الوقت الحالى بأن السياسة وتقلباتها هى المرض المزمن، واهتزاز قيمة المواطنة، والوطنية هى المرض المتوطن، منادياً بضرورة عودة الوطنية وتعليم الآباء كيفية تربية أبنائهم على حب مصر.
ويختتم «بدران» عادة حديثه بكلمات: «ضعوا مصر أمامكم، فالتاريخ لن يرحمكم، لقد أعطتنا مصر الكثير، ولكنها لم تأخذ منا شيئاً سوى الضياع حتى الآن».