"كريستين" دفعت "نورعنيها" ثمنا لتحرش الصيدلي
تخطو بأقدامها الرقيقة خطوات معدودة، تتحسس جدران المكان تحسبًا للوقوع على غفلة، لم يعد بصرها يقودها إلى حيث ما تريد، بل أصبح احساسها بالأشياء المحيطة حولها، يسير بها في طريقًا مظلمًا، لا تدري أين يقودها، وتجلس بحذر لتقول "مبقتش أشوف حاجة، والأيام كلها زي بعض، مش متخيلة أزاي هعيش طول عمري كده".
تشكوا كريستين حالها، بعد أن كانت كالفراشة اليافعة تنطلق في كل مكان، ليحل الظلام في باقي سنوات عمرها مقيدًا قدماها التي باتت ثقيلة.
تقول الفتاة العشرينية، إن حاجتها الشديدة للمال، جعلتها تقبل العمل في صيدلية بجوار المنزل، في الفترة من 8 مساء حتى 8 صباحًا، وعملت عدة أيام مع صيدلي سيئ الأخلاق، ليزيد معاناتها النفسية بألفاظ نابية، موضحة "كان بيقولي كلام يسيئ لنفسي، وطلبت منه ميتكلمش معايا كده تاني، واستحملت الفترة الصعبة دي عشان لقمة العيش".
بملامحها البريئة التي افسدت رونقها قسوة الحياة وظلمها، تسرد كريستين أحداث الليلة التي رأت في ضياء الحياة للمرة الأخيرة، "دخلت الصيدلية سيدة ومعها رجل، وطلبوا دوا للكحة، والدكتور حط ايده على اماكن من جسمها ، واتخانقوا مع الدكتور ومشوا"
لم تنتهي الأحداث عند ذلك الحد، بل قام الرجل باصطحاب مجموعة من البلطجية، وقاموا بتكسير الصيدلية انتقامًا من الصيدلي الذي تجرأ بوضع يده على مناطق حساسة بجسد تلك السيدة التي جاءت طلبًا للدواء".
دموعا منهمرة من عيون فقدت النظر، باتت وسيلتها الوحيدة في التعبير عن مأساتها، التي ـصبحت تعيشها بعدما حدث لها "دخل 3 أشخاص الصيدلية وأنا قاعدة لوحدي بليل، وكتفوا أيدي، وسألوني عن الدكتور قلتلهم معرفش، راحوا طلعوا سلاح خرطوش في عيني وقالولي هنخليكي عميا دا عشان يعرف بس اننا نقدر نقتلك ونقتله".
ظلام دامس حل أمامها، بعدما خرجت عيناها الجميلتان من جفونها، ولم تتمالك نفسها حتى سقطت أرضًا، لتفيق بعدها بسبعة أيام على حقيقية فقدان بصرها بعد غيبوبة تامة عن الحياة.
وأجمع الأطباء أجمعوا على أن حالة كريستين صعبة ولا امل في رجوع بصرها ثانية، لتعيش باقية حياتها في أشباح من الظلام الخانق.
وقالت كريسين، وهي تغالب دموعها التي لم تطيق الانتظار "اتحرمت من النور ومعنديش رغبة في أي حاجة، وخجلانة الناس تشوفني بالشكل دا، حتى أهل اللي عموني بيسخروا مني وأنا في الشارع مع أسرتي، بيتهموني بالتمثيل".
حررت أسرة كريستين، محاضر بقسم الشرطة ضد الـ3 جناة، "رفعت س"، و"أحمد ع"، و"منصور م"، والنيابة لم تتحرك رغم وجود شاهد آخر على الواقعة؛ لتزيد معاناة الفتاة العشرينية التي أكدت في النيابة، أن الدكتور "حامد . ي .أ"، صاحب الصيدلية بمنطقة المرج، كان يبيع أدوية مخدرة لمجموعة من البلطجية، ولم يكن أمامه سوى غلق صيدليته، ونسيان قضية كريستين، لينتقل لمكان أخر بمدينة نصر، ويواصل تجاوزاته لعل القدر يوقعه في أخطائه.
واختتمت كريستين كلامها "أيه ذنبي ابقى عميا، مش مصدقة أني هفضل كده طول عمري، مفيش حاجة ممكن تهون احساسي".