فنى كهرباء وقهوجى يعدد مخاطر «إغلاق الساعة 10»: هيشرد 3 أسر و8 صنايعية.. ويحول زبائنى إلى النواصى والمخدرات
انزوى على نفسه وسط الجموع، أمسك بقلمه وأجندة التزاماته، ودخل فى «حسبة برما»، تزاحم تركيزه أصوات زهر الطاولة، وصياح لاعبى الشطرنج، وقهقهة مدخنى الشيشة، ينظر بتركيز فى وجوه رواد مكانه ويتذكر خبر الحكومة «إغلاق المقاهى والمحال التجارية فى العاشرة مساءً توفيرا للطاقة».
لم يأت على بال ياسر عبده صاحب المقهى الشهير فى المطرية هذا اليوم الذى يضار فيه عمله الصباحى من عمله المسائى، صباحا هو موظف «فنى توزيع» بشركة كهرباء شمال القاهرة، ومساءً صاحب مقهى، يرى فى القرار «عبثا» من قبل المسئولين ومحاباة للإخوان المسلمين والإسلاميين، فقد طالعه الدكتور عصام العريان قبل أسابيع على شاشة التليفزيون معلنا رفضه للمقاهى وبخاصة التى تقدم «الشيشة»، وهو ما يعتبره الرجل الأربعينى السبب الرئيسى فى اتخاذ القرار.
المقهى يميزه تشغيل القرآن من طلوع الشمس حتى الغروب، يبدأ عمله الحقيقى مع دقات التاسعة مساءً، وحتى الساعات الأولى من الصباح، لذا يعلنها «ياسر»: «هما عايزينا نخلص شغل الساعة عشرة.. لأ وليه ما نقفلها أحسن»، يعتبر فنى التوزيع بشركة الكهرباء أن توفير الضغط على التيار له سبل أخرى غير «إنهم ييجوا على الغلابة» -حسب تعبيره- وذلك من خلال عدم قبول مقايسات لقرى سياحية لا يسكنها أحد، وكذلك التفتيش على المبانى المخالفة التى تستخدم الكهرباء.
المقهى يعمل فيه 8 «صنايعية» يشاركهم «عبده» بنفسه فى خدمة الزبائن، يقول عنهم: «ملهمش شغلانة تانية»، قبل أن يتوعد بأن القرار لو تم تنفيذه سيرتكب جريمة: «لما يقولّى اقفل ده معناه إنى مش هعرف أسدد الديون والكمبيالات اللى عليا.. يبقى خلاص مصيبة بمصيبة».
الرجل الأربعينى ينفق على ثلاثة بيوت من إيراد المقهى (أسرته التى تسكن شقة بالإيجار الجديد، ووالدته، وشقيقه).
يتهكم عبده من قرار الحكومة بنغمة ساخرة قائلا: «استثنوا من القرار الأماكن السياحية.. خلاص نقلبها (قمار) أحسن»، فيعقب عليه محمود، حسن شاب عشرينى يجلس إلى جواره: فى حال تطبيق القرار فسيكون مصير مرتادى المكان الوقوف على النواصى وبيع المخدرات.