منع فيلم «الخروج.. آلهة وملوك» يثير جدلاً فى الوسط السينمائى
أثار قرار الرقابة على المصنفات الفنية بمنع عرض الفيلم الأمريكى «الخروج.. آلهة وملوك» المأخوذ عن نص «سفر الخروج» فى التوراة، ضجة كبيرة فى الوسط الثقافى والفنى، حيث اعترض الجميع على مبدأ المنع من الأساس، مهما كانت مبرراته وأسبابه، معللين أنه من حق المتلقى أن يشاهد ثم يرد بطريقته، لكن لا يصح أن ندفن رؤوسنا فى الرمال.
وكان جهاز الرقابة على المصنفات الفنية برئاسة عبدالستار فتحى قد برّر قيامه باتخاذ مثل هذا القرار وأسنده إلى أن الفيلم يحتوى على العديد من التحريف الدينى فى الأديان السماوية الثلاثة، والتاريخى، بالإضافة إلى تجسيده الذات الإلهية فى صورة طفل صغير.
فيلم «الخروج.. آلهة وملوك» تدور أحداثه حول حياة النبى موسى منذ ولادته، كما يعرض معاناة المصريين القدماء من معاملة الفرعون القاسية لهم وإجبارهم على العمل فى السّخرة لديه. وصوّرت بعض مشاهد الفيلم فى مصر بمنطقتى الأعقاب، وجبل المغارة بأسوان، فيما شارك فى بطولته عدد من النجوم، من بينهم كريستيان بيل، وجويل إدجرتون، وجون تورتورو، وسيجورنى ويفر، وغسان مسعود، وآرون بول، وبن كنجسلى، وأخرجه ريدلى سكوت.
المنتج محمد العدل عضو جبهة الإبداع، يقول: «نحن ما زلنا نضع رؤوسنا فى الرمال، وقرار المنع ليس له مبرر، وكل الناس ستشاهد الفيلم، وبالتالى ليس من المنطقى أو المقبول منعه، لأن قرار المنع لن يُفضى إلى شىء، خاصة أن مواجهة أى أفكار خاطئة ينبغى أن تكون بالفن، فكيف لنا أن نرد على فيلم مثل هذا دون أن نشاهده؟».[FirstQuote]
وقال الناقد السينمائى رامى عبدالرازق: «قرار المنع كان متوقعاً، وتستحضرنى تصريحات وزير الثقافة منذ شهر تقريباً عندما قال إنه يرغب فى عرض كل الأفلام الممنوعة، لأنه لا يصلح أن يكون هناك صدام مع جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، والواقع يقول إن وزارة الثقافة أضعف من أن تواجه مؤسسة مثل الأزهر الشريف».
وأضاف: «رئيس الرقابة على المصنفات الفنية لا بد أن يوضح أسباب قرار المنع من الرقابة قبل الذهاب إلى مؤسسة الأزهر، لأنه لا يستطيع مواجهته، وكان يجب عليه أن يقيم عرضاً خاصاً للفيلم للنقاد والمتخصصين، وبعد مشاهدته يسألهم فى رأيهم، لكنه يتعامل بمنطق أنه الوحيد صاحب القرار، كان يجب عليه أن يخلق جواً تثقيفياً، لأن الفيلم سيتم تحميله من على شبكة الإنترنت، وسيتم مشاهدته، وكان يمكن له أن يقدم تنويهاً فى البداية عن الأخطاء التاريخية فى الفيلم، لكنه منع دون الاهتمام برغبات وآراء الآخرين، وبالتالى فالمشاهد سيذهب لرؤية النسخة على الإنترنت والأخطاء وقتها ستصبح مسلمات، ومع قرار المنع هذا يظهر مدى الانحطاط الثقافى الذى تعيش فيه البلاد، فالمنع هو أضعف الوسائل، لكن المواجهة هى الأقوى، فالمنع يعتبر طريقة بوليسية فى التعامل مع الثقافة».[SecondImage]
بينما أكد السيناريست وعضو مجلس نقابة السينمائيين سيد فؤاد، أنه ضد منع عرض أى فيلم، لأنها كلها قرارات شكلية وغير عملية، لأن الأفلام تُشاهد من على المواقع المختلفة على شبكة الإنترنت، وتثار ضجة حولها بشكل أكبر، وهذا ما حدث مع فيلم «حلاوة روح» لهيفاء وهبى.
وأضاف: «الفن لا يمكن منعه، لأننا نعيش تحت سماوات مفتوحة، وهذا الوضع لا يستمر كثيراً، وهناك أشخاص تُزايد باسم الدين، لكن لا بد أن تكون هناك مرونة دينية ورقابية».
واتفق معه المخرج مجدى أحمد على، حيث قال إن فكرة المنع فكرة عبثية، وأضاف: «قرأت ما أعلنه عبدالستار فتحى من أسباب المنع، ولكن المشكلة فى فكرة المنع نفسها، لأننا سنشاهده على المواقع الإلكترونية، ولكن إذا كان تم عرضه بشكل رسمى كان من الممكن الرد على مثل هذا العمل بأعمال أخرى، سواء بشكل فنى أو ثقافى».
وأضاف: «إذا كان اليهود يحاولون الترويج فى العالم لأفكارهم العبثية هذه، فلا يمكن التصدى لها غير بالثقافة والفن».[SecondQuote]
بينما هاجمت الناقدة ماجدة خير الله هذا القرار، قائلة: «ما يحدث ما هو إلا استمرار لحالة اللامنطق التى تحكم الأشياء، وهو شىء مخجل جداً، فهناك دول عربية قررت أن تعرض الفيلم مثل الإمارات، فى حين أن مصر صاحبة الريادة تتراجع وترفض عرضه، ولا يوجد ما يمنع ذلك، فـ(موسى والمسيح) ظهرا فى العديد من الأفلام التى شاهدناها، ومنها فيلم (الوصايا العشر) والمسيح تم تقديمه فى أكثر من 300 عمل فنى».
وأضافت: «السعودية أظهرت الخلفاء الراشدين فى بعض المسلسلات التى عرضت على (mbc)، وبالنسبة للحقائق التاريخية المحرّفة كما يقول، فهل كان يعيش وقتها كى يقول إنها محرّفة أم لا؟، كان عليه أن يترك الفيلم للمتلقى، فرئيس الرقابة ليس ضليعاً فى الدين ولا التاريخ كى يحكم على الأشياء، ومن حقه أن يطبّق قانون الرقابة، لكن لا يتدخل فى أشياء لا تخصه».
واختتمت حديثها قائلة: «موظفو وزارة الثقافة فكرهم جميعهم سلفى، ولو كانت الدولة ترغب فى التقدّم للأمام، فلزاماً عليها أن تتخلص من كل أصحاب هذا الفكر المتخلف».