خيام «الإيواء» فى القليوبية تحت رحمة الصقيع
لا تحمى الخيمة جسداً من برد لا يرحم صغيراً أو كبيراً، ولا تستر عورة، هذا هو حال مئات المواطنين، الذين يعيشون فى العراء منذ 3 سنوات تقريباً، والمفاجأة أنهم يعيشون داخل حدود الدولة المصرية، وتحديداً فى محافظة القليوبية، إحدى محافظات القاهرة الكبرى، نتحدث هنا عن لاجئين وعدتهم الحكومة بالإيواء والستر، دون أن تتذكر من تلك الوعود سوى بطاطين قبل كل موجة برودة.
ظاهرة اللاجئين المصريين فى مخيمات وعشش الإيواء العاجل، تصرخ فى 3 أماكن بالقليوبية، هى: شبرا الخيمة والقناطر الخيرية والخانكة، ومع مرور موجة البرد القارس الأخيرة، أصبحت الأزمة مضاعفة، ما يدفعهم إلى تجديد مناشدتهم المسئولين فى المحافظة توفير مساكن آدمية تحميهم من الصقيع والأمطار، وتستر فقرهم.
على أسطح عمارات التقسيم السياحى فى مدينة القناطر الخيرية، تعيش 50 أسرة تقريباً داخل عشش وغرف خشبية، منذ سنوات، وقدمت العديد من الطلبات للحصول على شقق ضمن مشروع «الأولى بالرعاية»، فحصرتهم المحافظة، دون أن تبدأ فى صرف الشقق لهم، حتى الآن، وبحسب وليد كمال، عامل، فإنه كان يعيش مع والدته وإخوته الثلاثة فى شقة مكونة من حجرتين وصالة، وبعد مرور 14 عاماً على زواجه فى الشقة، ضاقت عليهم، خاصة بعدما أنجب ثلاثة أطفال، ما اضطره إلى السكن فى إحدى الغرف الخشبية الموجودة أعلى عمارات التقسيم، لأن دخله لا يسمح له باستئجار شقة «قانون جديد»، مطالباً الدولة بتوفير السكن له.[FirstQuote]
أما إبراهيم النجار، عامل، فيقول: «منذ شبابى أسكن فى عشة فوق أسطح العمارات، وعندما اقتربت من الزواج، بدأت البحث عن شقة تناسب دخلى الشهرى، الذى لا يتعدى الـ600 جنيه، فلم أجد، نظراً لارتفاع قيمة الإيجارات، والآن أصبحت مهدداً بفسخ الخطوبة، بالإضافة إلى المعاناة الشديدة فى ظل الظروف الجوية السيئة التى نعيشها حالياً، مع موجة البرد». ولم يختلف الوضع كثيراً فى مدينة شبرا الخيمة، التى تعيش فيها 24 أسرة داخل قطعة أرض فضاء مجاورة لنادى بهتيم، حوّلها حى شرق شبرا الخيمة من جراج تابع له، إلى مخيم لإيواء تلك الأسر منذ 3 أعوام، بعدما صدرت قرارات بإزالة المساكن الخاصة بهم لخطورتها على حياتهم، رغم أن المأوى البديل لا يقل خطورة، على حد قول السكان، نظراً لوقوعه وسط مياه المجارى، وبجوار تجمعات القمامة التى يلقيها سكان العمارات المجاورة.
من جهته، حكى عبدالمنعم مساعد، عامل، لـ«الوطن» قصة سكان أرض المخيم، الذين حصلوا على شهادات من «الشئون الاجتماعية» بأحقيتهم فى شقق «الأولى بالرعاية»، قائلاً إن «قطعة الأرض ضاقت بسكانها، حيث تضم كل أسرة ما بين 4 و6 أفراد، ورغم ذلك لا نسمع سوى وعود من المسئولين»، مضيفاً: «أسرتى مكونة من 6 أفراد، نعيش جميعاً داخل خيمة، وفى أحيان كثيرة تغرقنا مياه الصرف الصحى والأمطار، كما تنهشنا البرودة».
وأوضح: «نواجه طفح المجارى وتجمعات مياه الأمطار بردمها بالرمال، حتى لا تدخل علينا الخيام، يأسنا من استجابة المسئولين لمطالبنا بالحصول على شقق، رغم أن البحوث الاجتماعية أثبتت أحقيتنا فى الحصول على شقة، والغريب أن المحافظة أجبرتنا على توقيع إقرارات بالحفاظ على الخيام فى حالة فقدها أو تلفها، ودفع مبلغ 4500 جنيه لوزارة التضامن الاجتماعى، فى تلك الحالات». وخلال الأيام القليلة الماضية، وزع وفد من المحافظة هدايا وبطاطين على سكان خيام الإيواء فى مدينتى شبرا الخيمة والخانكة، والأسر الأكثر احتياجاً، لحين الانتهاء من بناء الوحدات السكنية المخصصة لهم، فيما أكد محمد عبدالظاهر محافظ القليوبية: «لن أترك مواطناً واحداً فى الشارع، أو خيمة إيواء واحدة، مهما كانت الظروف، وسيتم تسكين الجميع خلال العام الحالى، وستبدأ المرحلة الأولى فى الخانكة خلال شهر أو شهرين على الأكثر، بعد فرش المساكن».