بيت من طين: «فى الشتا ميه.. وفى الصيف تعابين»
يأتى الشتاء عليها حاملاً حفنة من الآلام والمعاناة تفوق كثيراً برودة وتقلبات الطقس، فحال «أم عمرو» لا يخفى على كل جيرانها فى قرية «البستان» بمركز السنبلاوين محافظة الدقهلية، فما أن تنهمر مياه الأمطار، حتى تجد أسرتها بالكامل تتزاحم لحمل أوانى الطهى، لتعقب الثقوب المنتشرة فى سقف البيت، وتفادى الهدد الذى يتساقط فوق رؤوسهم بعد تشبع الطين بالمياه. الخوف من انهيار البيت هو كابوس تعيشه «أم عمر» باستمرار، وذلك بعد تحطم أجزاء من منزلها المبنى من الطين فحسب، ناهيك عن الشروخ المنتشرة فى كل أنحاء البيت، فتقول «أم عمرو»: «أصعب حاجة لما النور يقطع ومافيش جاز ننور اللمبة، والمطر ينزل علينا وإحنا نايمين، ونفضل نستنى المطر يقف فى وسط الميه».
«أم عمرو» أو هناء عبدالغفار محمد، هى سيدة خمسينية تعانى من أمراض عديدة، مثل فيروس سى، كما أن زوجها معاق، لا يقدر على التحرك لتوفير قوت يومهم: «لا عندنا معاش ولا أى مصدر دخل، وحتى البيت لا فيه حمام ولا مطبخ، وكل شوية حتة منه تقع علينا، ومش معانا فلوس نبنيه من تانى، إحنا يا هنموت من البرد يا هنموت تحت الطوب».
لا تثق «أم عمرو» فى المسئولين بالمركز أو المحافظة، حيث تلقت العديد من الوعود لإنقاذ أسرتها من الهلاك، ثم ذهبت فى طى النسيان: «الشتا اللى فات سقف الأوضة وقع علينا، ولصّمناه بعرقين وشوية قش، وأهو أنا وولادى التلاتة مستنيين من أول الشتا تحصل مصيبة تقع على راسنا، وقتها مش عارفين هنروح فين ولا هنعمل إيه»؟ وتستكمل: «ولاد الحلال بييجوا يقفلوا الشروخ والفتحات اللى فى السقف بس بتفتح تانى، وطول الشتا ميه حوالينا، وفى الصيف عقارب وتعابين»، وتتساءل باكية: «مش عارفين ده غضب من ربنا ولا إيه.. أنا وعيالى وجوزى يجرى لنا كل ده ليه؟».