"الفرنسية": الملك عبدالله.. إصلاحي حمى بلاده في زمن العواصف العربية
يعد العاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز الذي توفي فجر اليوم، إصلاحيا حذرا تمكن من الحفاظ على أكبر قوة نفطية في العالم بعيدا عن الاضطرابات التي عصفت بالعالم العربي طوال السنوات الأربع الماضية.
صعد إلى سدة الحكم مع وفاة أخيه الملك فهد في 2005، وبعد خضوعه لعدة عمليات جراحية خلال السنوات الاخيرة، قلل من ظهوره في المناسبات العامة، وكان يمثله ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز البالغ من العمر 77 عاما.
الملك عبدالله الذي كان معروفا ببساطته وإيمانه، عزز صورته كملك نزيه وقريب من الناس، في تناقض مع صورة شخصيات أخرى في الأسرة الحاكمة اتهمت بالفساد.
وحذر الملك عبدالله الغرب بشدة من خطر المتطرفين إذا لم يتم اتخاذ تدابير حازمة ضدهم، معتبرا أن خطر هؤلاء قد يصل إلى أوروبا وأمريكا في غضون أشهر.
وفي نفس الوقت، وضعت المملكة في عهد عبدالله ثقلها من أجل حماية حصتها من سوق النفط في مواجهة تنامي إنتاج النفط الصخري في أمريكا الشمالية، وتحت تأثير المملكة، امتنعت منظمة الدول المصدرة للنفط عن اتخاذ قرار بخفض مستويات الإنتاج بالرغم من انخفاض الأسعار.
وعلى الساحة الداخلية، قاد الملك عبدالله مشروعا إصلاحيا حذرا إذ حاول التوفيق بين جناح ليبرالي متعطش للتطوير والمؤسسة الدينية البالغة النفوذ في المملكة المحافظة جدا.
وفي 2005، نظم الملك او انتخابات بلدية جزئية ومنح المرأة الحق في التصويت خلال العملية الانتخابية المقبلة في 2015.
وخفف الملك عبدالله أيضا من سطوة الشرطة الدينية وأدخل إصلاحات إلى قطاع التربية، كما افتتح في 2009 جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، وهي أول جامعة مختلطة في المملكة.
وبالرغم من انخفاض أسعار النفط في النصف الثاني من 2014، أمر الملك عبدالله بالإبقاء على مستويات إنفاق مرتفعة في ميزانية العام 2015، وذلك خصوصا للحفاظ على السلم الاجتماعي.
ودعم الملك عبدالله بقوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعد عزل الرئيس الإسلامي محمد مرسي في يوليو 2013، كما اعتبرت المملكة جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي اليها مرسي "منظمة إرهابية".
وعلى المستوى الإقليمي، أطلق الملك عبدالله مبادرة السلام العربية مع إسرائيل، كما حاول باستمرار مواجهة تمدد النفوذ الإيراني، وفي ظل رياح التغيير التي هبت على المنطقة العربية في 2011، حمى الملك الراحل بلاده من أي قلاقل، وساعده على ذلك حب السعوديين له، الذي كان أهم أسباب ثبات أوتاد حكمه.
وأظهرت تسريبات موقع "ويكيليكس" أن الملك عبدالله كان حازما في موقفه من إيران، وبحسب التسريبات، دعا الملك عبدالله الولايات المتحدة في إطار كلامه عن إيران إلى "قطع رأس الافعى" للقضاء على المشروع النووي الإيراني.
وبالرغم من التحالف القوي مع الولايات المتحدة، لم يتوان الملك عبدالله عن توجيه انتقادات لاذعة إلى واشنطن لاسيما عندما أشار إلى "الاحتلال غير الشرعي" للعراق من قبل القوات الأمريكية.
والملك عبدالله الذي ولد في الرياض، هو الابن الثالث عشر للملك عبدالعزيز، مؤسس المملكة، وكان عبدالله قريبا من القبائل التي كانت المصدر الرئيسي لعناصر الحرس الوطني الذي قاده طوال عقود قبل أن يسلمه إلى نجله الأمير متعب.
والملك عبدالله كان يستمتع بقضاء الوقت مع رجاله، وأدى معهم عدة مرات رقصة "العرضة" مع علم سعودي على كتفه والسيف في يمينه، ومثلت "العرضة" باستمرار رمزا للالتفاف الوطني حول أسرة آل سعود الحاكمة.