السيسي لـ"سي إن بي سي": نعكف على خلق مناخ خصب لجذب الاستثمارات إلى مصر
أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، أن التفاؤل الموجود في مصر، يرجع للشعور الطاغي بالأمل والاستقرار، والتطلع للمستقبل لدى المواطنين، بعد فترة حرجة استمرت 4 أعوام، مضيفًا أن ذلك يدعو كافة المستثمرين إلى المجئ للاستثمار في البلاد لما يتوفر فيها من فرص حاليًا.
وقال السيسي، في مقابلة أجرتها معه شبكة "سي إن بي سي" الإخبارية الأمريكية بمنتدى "دافوس" الاقتصادي في سويسرا، ونشرتها اليوم، إن "مصر الجديدة هي مصر الحضارة، ومصر دولة تضمن التنوع وتتماشى مع عالميها المباشر والأوسع، والعرب والمجتمع الدولي، دون نزاع وبلا تعارض في المصالح، هذه هي مصر الجديدة".
وأوضح أنه لتقييم الموقف الحالي في مصر، يجب مراعاة أنها تمر بحرب شرسة ضد الإرهاب وضد التطرف، فضلًا عن تحقيق التوازن بين الحريات وحرية التظاهر من جانب، واستقرار ذلك البلد الكبير في الجانب الآخر، تكون هذه هي الصيغة الهامة للغاية.[SecondQuote]
وتابع أن الإعلام المصري، يساهم بشكل كبير في خلق الوعي، حين يستعرض حقيقة الواقع على أراضي البلاد، مشيرًا إلى أن الاحتجاح لا يعد هو القضية، بل الفوضى والاضطراب هما الأمران الخطيران للغاية بالنسبة لاستقرار وأمن البلاد، حيث يحيا 90 مليون نسمة يحتاجون مستوى معيشة أفضل، وهو ما يتطلب من أجل تحقيقه كمًا هائلًا من الاستقرار والأمن.
وحول عمل الإعلام في مصر وتوفير حرية الحركة له، قال السيسي "أتفهم تمامًا وضع صحفيي قناة (الجزيرة)، والجاري إعادة محاكمتهم حاليًا، وكما قلت من قبل وأكرر الآن شخصيا، أنه إذا كان الأمر بيدي لأرسلت الصحفي الذي لا ينتهك القوانين والمعايير والأعراف إلى منزله، ولما تركت الصحفيين يمثلون أمام المحاكم، بغض النظر عن مدى تورطهم ".
وأكد أنه في حال الحديث عن مؤسسات فإن هذا يرتبط بحكم القانون، يجب أن يكون هناك ثمن يتعين وسيتعين تقديمه، مضيفًا أن مصر تحتاج مثل أي دولة متقدمة في العالم إلى احترام المؤسسات وعدم التدخل في عمل القضاء.
وأشار إلى أن الدولة تسعى جاهدة إلى تذليل العقبات، أمام المستثمرين الغربيين في إطار قانوني مع الحفاظ على حكم القانون، وإظهار الاحترام للقضاء، مضيفًا أنه يمكن للمنتديات والبرامج المشابهة، إرسال رسالة واضحة وصريحة للغاية، عن المنطقة التي تعد مصر جزء منها، حيث أن الشرق الأوسط منطقة تعاني من الاضطراب، ومصر جزء منها. [FirstQuote]
واستطرد "إذا قرأنا حقيقة مصر في هذا الإطار، فسنكون قادرين على أن نبعث برسالة حقيقية، ستمنح انطباعا حقيقيا عما يحدث في مصر، ليس من المطلوب أن نركز على جانب واحد للمشهد ونصدره للجمهور، بل نحتاج للاستماع إلى الجانب الآخر".
وأكمل السيسي، أن قرارات خفض دعم الوقود والإصلاحات الاقتصادية الأخرى التي اتخذها، كانت قرارات صعبة وخطير، اعتمد فيها بشكل كبير على وعي الشعب، الذي أصبح مدركًا أن القرارات الصعبة تهدف لمصلحته.
وأضاف "على الرغم من كل الظروف الصعبة التي مروا بها، لكنهم قبلوا بالقرارات الصعبة، وهؤلاء هم الشعب الواعي، الشعب العظيم".
وأردف أنه يوجد جهد هائل لخلق الجو المناسب للاستثمار، من أجل التوصل إلى قانون موحد للاستثمار، حتى يعمل المستثمرين في وئام مع جميع الإجراءات والرسميات اللازمة، وللتأكد من أن الاستثمار لن يواجه أي إخفاقات أو مآزق.
ولفت إلى أن الحكومة، تعمل على فرز المشاكل التي تراكمت على مدار الـ4 سنوات الماضية، مع المستثمرين المصريين والأجانب والعرب، مؤكدًا قدرة الدولة على حلّ تلك القضايا، للمضي قدمًا إلى الأمام بمجموعة من المشاريع المتكاملة، خلال المنتدى الاقتصادي المقبل في مصر، فضلًا عن سعيها لإغلاق جميع الثغرات ومحاربة الفساد.
وأوضح أن الحكومة تسعى لتسريع وتسهيل كافة الإجراءات اللازمة، للحصول على التصاريح والأذونات، حتى لا تأخذ الكثير من الوقت من المستثمرين، سواء كانوا محليين أو عرب أو أجانب.
وعن مصدر المليارات والاستثمارات التي يحتاج إليها الرئيس عبدالفتاح السيسي لتنفيذ خططه الاقتصادية، قال: "هناك خطين رئيسيين في ذلك، أنه منذ عام ونصف حذرنا أصدقاءنا، قلنا انظروا على خريطة السياحة في منطقتنا، وانظروا كيف تكلف هذه الخريطة، وحذرنا أيضًا من المقاتلين الأجانب من جميع أنحاء العالم الذين يجري وضعهم في سوريا".
واستطرد "تشاركنا هذا مع أصدقائنا، وعلى رأسهم الأصدقاء الأمريكيين، قلنا إنه يجب علينا أن نكون واعين وحذرين لما يحدث، وللأسف أن ما كنا نحذر منه حدث بالفعل، أريد فقط أن أقول شيئًا واحدًا، مصر هي حجر الأساس للاستقرار في الشرق الأوسط، وهذه هي الرسالة التي يحتاج أن يسمعها ويفهمها العالم أجمع".
وأضاف "العالم أيضًا يحتاج لمساعدة مصر للحفاظ على حجر الزاوية في الاستقرار في المنطقة، استمرارية مصر القادرة على الوقوف على قدميها، والقادرة على مواجهة كل التحديات التي قد تحدث، ليس سوى دلالة على أن المنطقة كلها تقف في وجه التحديات التي تواجهها".
وفيما يتعلق بالمبادرة إزاء تنمية الاقتصاد المصري، قال إن الحكومة تعمل بقوة من أجل خلق مناخ خصب جدًا، يتمخض عنه نمو اقتصادي للقطاع الخاص، وأن على القطاع العام توجيه كل التركيز وجميع الجهود، لصالح التأكد من أن المستثمرين يمكنهم القدوم إلى مصر في مناخ جاذب وفي بيئة صديقة للاستثمار.
وعن إمكانية إنهاء الضوابط على رأس المال، أشار الرئيس إلى أن الأهداف الاقتصادية التي يأمل تحقيقها كبيرة، والبدء في تحقيق الهدف أمر صعب، حيث أن مصر مرت بالكثير من المشاكل الاقتصادية، أقلها كان العجز في الميزانية الوطنية، إلا أن ما تسعى إليه مصر الآن، هو عدم إضافة أي عراقيل أمام المستثمرين، وتمهيد الطريق أمام الاستثمارات والشركات مع مراعاة البعد الاجتماعي للشعب المصري، والعمل بشفافية في تلك الاستثمارات.
وفيما يخص القيود المفروضة على رأس المال في المستقبل القريب، تابع "في واقع الأمر لا يمكنني فقط الحصول على صيغة مطلقة، شيء مثل اللونين الأبيض والأسود، لكن يجب أن يكون هناك توازن إزاء كيفية معالجة القضايا الاقتصادية، والأكيد أننا نتقدم اقتصاديًا ونعزز اقتصاد البلاد، وأعتقد أن هذا الجواب هو الوحيد الذي يتفق مع الحقائق والقضايا التي نواجهها في مصر".
وأوضح أنه لا يمكن تنفيذ كل ذلك دفعة واحدة لمجرد إحراز نقلة نوعية، دون الأخذ بعين الاعتبار جميع خصوصيات الاقتصاد والمجتمع المصري، وهذا يستغرق وقتًا، لافتًا إلى أنه في الوقت نفسه، تسعى الدولة للتوصل إلى شكل من أشكال التوازن بين التحكم وإنجاح المستثمرين، والحصول على أشياء واضحة وحرة.
ولفت إلى أن الحكومة تبذل جهودًا لضمان إبقاء الجنيه المصري في قيمة مناسبة وملائمة لمواجهة عملة الدولار القوية، لأن خفض قيمة الجنيه المصري سيكون لها تأثيرًا سلبيًا على ارتفاع الأسعار داخل مصر، موضحًا أن الدولار يدخل البلاد من خلال عدة طرق، منها قناة السويس وعائدات التصدير والبنوك المصرية، حيث يحول المصريون الذين يعيشون في الخارج، الأموال إلى البنوك المصرية، كما تأتي عملة الدولار أيضًا من عائدات السياحة.
واستطرد أنه يجب الاعتراف بأن السنوات الأربع الأخيرة، شهدت عودة السياحة إلى البلاد، والتي كان لها تأثير كبير على قيمة العملة الوطنية، وكان لها أثر في انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار، متابعًا "ولكن اسمحوا لي ربط ذلك بكيفية رؤية وسائل الإعلام والصحفيين لهذه الأمور، واستطاعتهم رسم الصورة في مصر، عندما يأتون إلى مصر ويجدون إجراءات يتم اتخاذها، فإنهم يحتاجون إلى فهم أننا نحاول جاهدين تحقيق توازن بين الاستقرار والحريات وسط هذه الظروف الحرجة للغاية، والتأكد من أننا نحاول توفير مستويات معيشة جيدة لتعداد سكاني يبلغ نحو 90 مليون شخص، تأثروا من انخفاض السياحة وارتفاع الأسعار، نحن نحاول إعادة الاستقرار مرة أخرى، حتى يمكننا تشجيع السياحة وإعادة العملة القوية لتتوفر في البلاد مرة أخرى، ورفع الضغوط الاقتصادية الملقاة على كاهل المصريين".