أحمد أبوهشيمة رئيس مجموعة «حديد المصريين» لـ«الوطن»: استثمارات القطريين لمساعدة مصر وليس «الإخوان»
يرفض رجل الأعمال الشاب أحمد أبوهشيمة، الذى يمتلك شركة حديد المصريين ويشغل منصب نائب رئيس مجلس الأعمال المصرى القطرى، ما يتردد عن وجود غزو قطرى للاقتصاد المصرى بعد الثورة، وينفى فى حواره مع «الوطن» وجود صلة بين رصد القطريين استثمارات تقدر بـ18 مليار دولار للسوق المصرية ووصول جماعة الإخوان المسلمين، وحزبها الحرية والعدالة، إلى سُدَّةِ الحُكم.
وحول زيارة الرئيس مرسى إلى الصين، قال أبوهشيمة إن الزيارة كانت إيجابية فى جانب منها، وحملت جانبا آخر سلبيا بدأ يتشكل من خلال بدء تدفق شحنات الحديد الصينى إلى السوق المصرية.. وإلى نص الحوار.
* مؤخرا، دعوتَ لعقد مؤتمر ضخم خاص بالمستثمرين القطريين.. ما الهدف من ذلك؟
- الهدف الأساس من هذه الدعوة هو تفعيل مجلس الأعمال المصرى القطرى الذى تم تأسيسه مؤخرا وأشغل عضوية مجلس إدارته، ليكون مجلسا وطنيا إلى أبعد الحدود، بحيث يساعد الحكومة فى جذب الاستثمارات، خاصة أن الجانب القطرى أعلن رصد 18 مليار دولار استثمارات لمصر فقط، وأنا أخشى أن نأتى بعد 4 سنوات من الآن ويكون إجمالى ما تمكنا من جذبه هو مليار دولار فقط، فالفكرة عبارة عن سعى لإعداد مؤتمر عالمى موسع يقتصر على الجانب المصرى والقطرى بمشاركة حكومية من الجانبين، والصناديق السيادية القطرية، ونسعى لعقده برعاية رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء، بحيث يتم طرح المشروعات الكبرى المصرية أمام المستثمرين القطريين، خاصة أن قطر لديها فوائض أموال هائلة جدا.
* هل ترى أن المناخ الاقتصادى فى مصر يسمح بجذب هذه الأرقام الضخمة من الاستثمارات؟
- نحن لدينا بنية تحتية جيدة جدا وتمثل ميزة كبرى لنا، ومن سيضع أمواله فى مصر سيبدأ عمله من الغد، ومصر جاهزة لاستقبال استثمارات فى أى وقت، لكن ما نحن بحاجة إليه بالفعل لجعل بيئة الاستثمار أكثر فاعلية هو تعديل التشريعات المنظمة للاستثمار فى مصر، وأعتقد أننا سنستفيد كثيرا من القطريين خلال الفترة المقبلة، فنحن أمام دولة لديها فائض من الغاز وبالتالى فإن مشروعات الـ18 مليار دولار سوف تشمل إقامة مشروعات فى مجال الطاقة والبتروكيماويات.
* وما الآليات اللازمة لتنفيذ هذه الاستثمارات؟
- نحن نسعى حاليا مع الحكومة، وتحديدا وزارة الاستثمار، للإعلان عن قائمة المشروعات المتاحة ذات الأولوية والإعلان أيضاً عن التشريعات الاستثمارية الجديدة المفترض طرحها لتحسين مناخ الاستثمار، كما نتحدث أيضاً مع الحكومة القطرية حول الغرض ذاته، لمعرفة المشروعات التى يريدون التركيز عليها، وأعتقد أن هذا الأمر سيأخذ فترة لا تقل عن 3 أشهر.
* هناك الكثير من التساؤلات حول تركيز قطر على السوق المصرية فى الوقت الحالى؟
- الحقيقة هذا السؤال عجيب جدا، أنا أتعجب من أى فرد يقول لماذا قطر، ونحن الآن أمام دولة تقول نحن نريد أن نستثمر لديكم، فهل نرفض، ولو جاءت السعودية أو أى دولة لديها فوائض مالية فمن الطبيعى أن نرحب بها، فالقطريون يريدون مساعدة مصر وليس الرئيس أو الإخوان، وأى مستثمر عاقل سينظر إلى مصر لعدة عوامل متوافرة فى السوق المصرية، فالمستثمر الذى سيأتى سوف يستفيد، لكنه يريد من يدعمه ويمهد له الطريق.
* هل يريد القطريون التركيز على قطاعات بعينها؟
- حددوا مبدئيا مشروعات فى شرق التفريعة والصناعات كثيفة الطاقة مثل الألومنيوم والحديد والأسمدة، والبنوك والبتروكيماويات، وهناك صفقة مع أحمد هيكل رئيس شركة القلعة للاستثمارات تم عقدها مؤخرا بنحو 350 مليون دولار، وأنا أرفض الكلام بأن هناك غزوا أو احتلالا قطريا، فهل المستثمر القطرى عندما يريد أن يترك مصر سيأخذ مصنعه معه.
* لكن الكلام ذاته قيل فى فترة سابقة عن الجانب التركى؟
- هذا صحيح، وأنا أتفهم ذلك، لأن تركيا منافس لنا، فعدد سكانها يوازى عدد سكاننا تقريبا، إضافة إلى أنهم تفوقوا علينا بعقود، وبالتالى فإن وجودهم مرتبط باستغلالنا، لكن الوضع مع قطر مختلف تماما، فقطر كلها 250 ألف فرد، وليس لديها شىء تقوم بتصديره، وتريد الاستثمار فى العالم كله، خاصة أن لديها فوائض مالية ضخمة كما قلت لك، نفس الكلام ينطبق على السعودية والإمارات ودول الخليج، فالوضع مع الأتراك مغاير تماما، وأنا لا أهاجم الأتراك، ونحن من الممكن أن نستفيد منهم وليس عيبا أن نسعى أن نكون مثلهم، لكن كما أخبرتك تركيا منافس شرس، ولديهم حجم صادرات كبير، فمثلا تنتج تركيا 37 مليون طن حديد تستهلك منها 9 ملايين طن فقط، والباقى كله مخصص للتصدير لكافة الأسواق، ونحن لا يمكن أن ننظر إلى تركيا سوى على أنها منافس.
* ما ردك على أن وجود قطر فى مصر مرتبط فى الأساس بوصول جماعة الإخوان إلى الحكم؟
- لا دليل لدىّ لإثبات أن قطر تدعم الإخوان، وأول أمير يزور مصر بعد الثورة، أثناء وجود المشير طنطاوى، كان الأمير القطرى، ووقتها لم يكن الإخوان قد وصلوا إلى الحكم، ولو أن القطريين فضلوا الاستثمار فى مصر بسبب وجود الإخوان فأقول لك إن الإخوان فى هذه الحالة «شاطرين»، دعنا من الجانب السياسى، ودعنا نركز على الاقتصاد، القطريون لديهم استثمارات هائلة فى أوروبا، وبالتالى فإن الحديث عن دعمهم للإخوان أمر لا يمكن إثباته بالمستندات من ناحية، ومن ناحية أخرى لن يضيرنا من ذلك شىء، طالما ستكون هناك أيدٍ عاملة سيتم توظيفها.
* كم تبلغ الاستثمارات القطرية فى مصر الآن؟
- نحو 500 مليون دولار، وهو رقم ضئيل جدا.
* هل انضممت إلى جمعية «ابدأ» التى أسسها رجل الأعمال حسن مالك؟
- أنا لست عضوا فى الجمعية، وعمرى ما دخلت فى جمعية أو حزب، لكننى أفضل كثيرا العمل المجتمعى، ولكى أكون عضوا فى أى جمعية أو منظمة لا بد أن أكون عضوا ناشطا وفاعلا، ولست عضوا سوى فى مجلس الأعمال المصرى القطرى، وأعتقد أننى أقوم بدورى فيه بشكل جيد.
* ولماذا لم تنضم لحزب سياسى حتى الآن؟
- فى اعتقادى أن ربط السياسة بالاقتصاد فى دول العالم النامى على وجه التحديد أمر قد يشوبه الكثير من المشكلات وقد يفتح الباب أمام فساد كبير، وهذا الكلام فى العالم النامى فقط، لكننى مع هذا التحفظ أتمنى أن يكون هناك صوت مسموع لرجال الأعمال وأن تكون لهم كلمة يؤخذ بها عند صناع القرار الاقتصادى.
* ما تقييمك لدور اتحاد الصناعات الذى يمثل المجتمع الصناعى؟
- مع احترامى للجميع، بعد الثورة، لا بد أن تكون هناك دماء جديدة فى اتحاد الصناعات، وأنا لا أقول إن الاتحاد لا يقوم بدوره، لكننى أقول إنه من غير المنطقى أن يطالب الاتحاد بشىء ولايتم النظر إليه من قبل المسئول على محمل الجد، وأعود لأقول لك من جديد إن الدماء الجديدة مطلوبة فى كل منظمة، ولا بد من إعطاء الفرصة للشباب، وتفعيل مبادئ الثورة فى كل شىء، ولا أقول ذلك طمعا فى منصب داخل الاتحاد أو خلافه.
* ما الأولويات التى ترى ضرورة اتخاذها من جانب الحكومة فى الفترة الحالية؟
- لا بد أن تنهى الحكومة الحالية مشكلات العقود القديمة مع المستثمرين، ولا بد من إعلان حزمة واضحة من الحوافز الاستثمارية، ووضع تشريعات تحافظ على حقوق العمالة والمستثمر وحق الدولة، فنحن الآن نحصل على الطاقة بسعر أعلى من أمريكا، وسعر الطاقة والمياه ارتفع علينا أكثر من 3 مرات منذ 2008 حتى الآن، فلا بد أن يكون هناك حماية للصناعة المحلية من غزو المنتجات، خاصة أن المنافسة لدينا غير عادلة مع المنتج المستورد المدعم من بلاده، ومنظمة التجارة العالمية تعطينا هذا الحق بوضع رسوم جمركية لحماية الصناعة، وأطالب أيضاً أن تكون هناك تشريعات تضمن للمستثمر المتعثر مساعدة من الدولة وليس حبسه، وأنا أتصور أن الحكومة الحالية هى حكومة اتخاذ قرارات وليست حكومة «تسيير أعمال».
* بمناسبة العمالة، هل أنت مع الحد الأدنى للأجور؟
- بالطبع، لا بد أن يكون هناك حد أدنى لأجر العامل المصرى لا يقل عن 1500 جنيه، فمن غير المنطقى أن يكون أجر العامل فى ظل تلك الظروف 300 أو 400 جنيه.
* كنت ضمن الوفد الذى زار الصين بصحبة الرئيس مرسى.. كيف تُقيِّم تلك الزيارة؟
- أعتقد أن الزيارة كانت ناجحة، لكن المشكلة التى واجهتنا أننا شعرنا عندما ذهبنا أننا كنا نحاول أن نبيع لهم، لكننا فوجئنا بأنهم يعرضون علينا منتجاتهم للشراء، حتى إن أحد مصانع الحديد عرض علىّ أن أشترى منه حديد تسليح! وبعضهم عرض علىّ إنشاء مصنع للحديد هناك، لكنى لا أفكر فى ذلك طبعا.
* وهل نمى إلى علمك أن هناك شحنات من الحديد الصينى فى طريقها إلى مصر؟
- نعم، وأعتقد أن هذا سيسبب لنا مشكلة كبيرة كصناع حديد، ولو لم يتحرك وزير الصناعة لحماية الصناعة فإننا سندفع ثمنا باهظا، لكن لا أستطيع أن أقول إن زيارة الرئيس إلى الصين فشلت، لكنى أستطيع أن أقول إننا من الممكن أن نستفيد منهم ومن الحوافز الاستثمارية، بحيث إننا كدولة نأخذ منهم الإيجابيات، فمثلا عُرِض علىّ إنشاء مصنع للحديد هناك، لكننى لا أسعى لذلك بالطبع، وفى رأيى أن توريد شحنات حديد صينى فى الفترة الحالية يعد إغراقا واضحا وصريحا، وسبب أدعى لحماية الصناعة كما قلت، فالصين لديها فائض حديد شهرى يقدر بـ4 ملايين طن، وهذه كارثة ومصيبة علينا، لأنه لا أحد يفتح سوقه أمام الصين مثلنا، والسؤال الآن «هل تقدر الصين أن تقوم بالتصدير إلى تركيا على سبيل المثال؟»، بالطبع لا، لأن تركيا لديها 22% جمارك على واردات الحديد.
* ما قيمة الاستثمارات التى تهدف مجموعة حديد المصريين لضخها فى الفترة المقبلة؟
* المجموعة تستهدف ضخ استثمارات مصرية قطرية فى الفترة المقبلة بـ4 مليارات جنيه فى 4 مصانع، هى مصنع بورسعيد ومصنع الإسكندرية وبنى سويف والعين السخنة، ومصنع الإسكندرية سيبدأ التشغيل خلال الشهرين المقبلين، وبالنسبة لمصنع بنى سويف فقد بدأنا إجراءات بنائه وسيبدأ الإنتاج خلال 17 شهرا.
* لكنك قمت بشراء مصنع بورسعيد من مستثمرين إماراتيين رغم اكتمال إنشائه.. ألا يعد ذلك مخالفة قانونية؟
- إطلاقا، مصنع بورسعيد فى الأساس كان لى فيه نسبة 10% تم رفعها إلى 20% بعد ذلك، وكان به شركاء إماراتيون بجانب رجل الأعمال خالد البورينى الذى باع كل حصته، ثم قمت أنا أيضاً ببيع حصتى، ثم جاء الشيخ محمد بن سحيم من قطر وقمنا بشراء المصنع مناصفة، والمصنع على الورق كان مملوكا لعبدالوهاب قوطة، لكن الإماراتيين بعد الثورة فضلوا الخروج من السوق، أما مصنع الإسكندرية فقد فزنا به من خلال مزاد علنى عن طريق محكمة إفلاس الإسكندرية بعد تعثر حاتم الهوارى، وقمنا بعمل تطوير المصنع من أوله إلى آخره، وبالنسبة لمصنع بورسعيد فالإجراءات القانونية صحيحة 100%.
وبالنسبة لخطط المجموعة فنحن نخطط للاستحواذ على 20 -25% من السوق، ولا أريد أن أزيد عن تلك النسبة، حتى أكون بعيدا عن شبهة الاحتكار، خاصة أن هناك كلاما عن مواد جديدة فى قانون منع الممارسات الاحتكارية بعدم امتلاك أى مجموعة أكثر من تلك النسبة، ونستهدف من خلال المجموعة 30% للتصدير و70% للسوق محلية.