تنشيط الائتمان يصطدم بمخاوف «سوق الصرف» و«التضخم».. و«المركزى» يقرر تثبيت «الفائدة»
فى الوقت الذى يطالب فيه القطاع الصناعى بتخفيض أسعار الفائدة بالبنوك وقف البنك المركزى حائراً بين الاتجاه لتنشيط سوق الائتمان بخفض أسعار الفائدة أو تثبيتها لحصار التضخم والحد من ارتفاعات سعر صرف العملات الأجنبية، إلى أن كان قرار لجنة السياسة النقدية بتثبيتها نهاية الأسبوع الماضى، حيث تم الإبقاء على سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة لدى البنك المركزى «الكوريدور»، دون تغيير عند مستوى 9.25% و10.25% على التوالى، والإبقاء على سعر عمليات إعادة الشراء (Repo) عند مستوى 9.75% وسعر الائتمان والخصم عند مستوى 9.5%.
الصراع الدائم بين القطاع الصناعى والبنوك يدور حول خفض تكلفة التمويل، ينتقل هذه المرة إلى موجة غضب من الطرف الأول ضد قرارات البنك المركزى بتثبيت سعر الفائدة متهماً البنوك بالاتجاه إلى الاستثمار فى أدوات الدين الحكومية مقابل العائد المرتفع وعدم الالتفات إلى القطاع الصناعى فى الوقت الذى يحتاج فيه إلى التمويل أكثر من أى وقت مضى، إلا أن خبراء مصرفيين كان لهم رأى آخر.
الدكتور هشام إبراهيم، الباحث المصرفى، قال إن قرار البنك المركزى بتثبيت سعر الفائدة على الإيداع والإقراض نهاية الأسبوع الماضى جيد جداً فى الوقت الحالى، لافتاً إلى أن تحريك سعر الفائدة سواء بالرفع أو الخفض يستوجب النظر إلى معدلات النمو الاقتصادى وتكلفة تمويل الموازنة العامة للدولة، من ناحية، ومستوى التضخم وسعر الصرف من ناحية أخرى.
وأضاف أنه على الرغم من أن هناك عدة أهداف تتطلب تخفيض سعر الفائدة على رأسها تحقيق معدلات نمو اقتصادية أفضل عبر تنشيط سوق الائتمان الموجه للشركات والمشروعات وتحفيز ضخ الاستثمارات، بالإضافة إلى متطلبات خفض تكلفة الدين المحلى، فإن هناك مشكلة أكبر تواجه الاقتصاد الوطنى فى تلك المرحلة -يقف البنك المركزى فى وجهها بقرارات تثبيت سعر الفائدة عند مستوياتها الحالية- وهى انفلات سوق صرف العملات الأجنبية محلياً والمخاوف المتزايدة من ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه.
وأضاف أن قرارات تثبيت سعر العائد عند المستوى الحالى تكفل الحد من عمليات «الدولرة» التى تؤدى إلى ارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية، وذلك من خلال الحفاظ على الفجوة بين مستويى العائد على الادخار بالعملة المحلية والأجنبية، بالإضافة إلى محاصرة ارتفاع أسعار السلع ومعدلات التضخم.
وأشار إلى أن ارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية سيدعم تآكلاً أسرع للاحتياطى النقدى الأجنبى وارتفاع العجز فى الموازنة بسبب زيادة تكلفة الواردات الاستراتيجية للدولة وهو ما يتمخض عنه ارتفاعات أكبر فى حجم الدين المحلى.
من جانبه انتقد مجدى طلبة عضو المجلس التصديرى للملابس الجاهزة سياسات القطاع المصرفى فى مصر، مشيراً إلى أن البنوك عزفت بشكل كبير عن توفير الائتمان إلى القطاع الصناعى، واكتفت بالاستثمار فى أدوات الدين الحكومى وإقراض المؤسسات الحكومية، والحصول على فائدة تتجاوز مستوى 15 نقطة مئوية.
وأكد طلبة أن تثبيت سعر الفائدة غير ذى جدوى فى الوقت الذى تقوم به البنوك «بذبح المصانع» على حد وصفه، معتبراًَ أن الفترة الحالية تعد أقسى الفترات على القطاع الصناعى فى مصر.
وأشار إلى أن البنوك المصرية لا تسهم فى خدمة الاقتصاد، فى الوقت الذى يرفع فيه البنك المركزى يديه عن تلك البنوك، مطالباً بضرورة تدخل البنك المركزى لتوجيه القطاع المصرفى لتسهيل الائتمان للقطاع الإنتاجى لإنقاذه من المأزق الذى يواجهه.
ولفت طلبة النظر إلى تعدد المشكلات التى تواجه الصناعة فى الفترة الحالية، مؤكداً أن مشكلة التمويل ونقص السيولة تأتى على رأسها، خاصة فى ظل العقبات العديدة التى يعانى منها المصدرون والصناع مثل الحصول على دعم الصادرات واسترداد ضريبة المبيعات.
من جانبه طالب وليد هلال رئيس المجلس التصديرى للصناعات الكيماوية والأسمدة البنوك بضرورة خفض نسبة الفائدة المقدمة للمشروعات الصناعية، بحيث تختلف عن الفائدة المقدمة للنشاط التجارى، مضيفاً: «من غير المنطقى أن تتم معاملة الصانع نفس معاملة التاجر فى الوقت الذى يستوعب فيه الأول أعداداً كبيرة من العمالة، لا يمكن مقارنتها بنشاط التاجر».
وأكد هلال أن خفض سعر الفائدة للصناعة بشكل خاص قد يسهم فى إخراجها من الأزمات المتتابعة التى شهدتها خلال الفترات الماضية بعد ثورة 25 يناير، موضحاً أن عدداً كبيراً من المصانع توقف جزئياً أو كلياً خلال الأشهر الماضية بسبب تراكم الأزمات التى من بينها نقص السيولة.
من جهته قال البنك المركزى أنه من الممكن أن تستمر المتغيرات السياسية الحالية فى مصر والمنطقة العربية فى التأثير على قرارات الاستهلاك والاستثمار وما إلى ذلك من انعكاس سلبى على القطاعات الأساسية فى الاقتصاد، وفضلاً عن ذلك فإن المخاطر المحيطة بتعافى الاقتصاد العالمى ما زالت مستمرة على خلفية التحديات التى تواجه بعض دول منطقة اليورو، وقد تؤدى تلك العوامل مجتمعة إلى زيادة مخاطر انخفاض معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى مستقبلاً.
وفى ضوء توازنات المخاطر المحيطة بتوقعات التضخم ونمو الناتج المحلى الإجمالى بالإضافة إلى حالة عدم التيقن فى الفترة الحالية، ترى لجنة السياسة النقدية أن معدلات العائد لدى البنك المركزى الحالية مناسبة.